اخبار السودان

لا للتعصب الكروي .. السودان أولاً

عبدالمنعم هلال

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

في ظل التحديات الراهنة والمنافسات الرياضية التي يخوضها ناديي الهلال والمريخ باسم السودان في دوري الأندية الأفريقية الأبطال ، أصبح من الضروري أن نعيد النظر في مفهوم التعصب الرياضي ، الذي لطالما كان له تأثير سلبي على العلاقات بين جماهير الناديين الكبيرين .
لقد شهدنا في الفترة الأخيرة بوادر إيجابية على الصعيد الرياضي تجسد الروح الرياضية التي ننشدها إذ حضر بعض من أفراد بعثة الهلال في ليبيا مباراة المريخ والنصر الليبي بقيادة السيد العليقي كما حضر وفد من بعثة المريخ مباراة الهلال والأهلي بنغازي هذه اللفتات الراقية تمثل النموذج المثالي للعلاقة التي نطمح أن تمتد إلى جماهير الفريقين .
في الخرطوم يتجاور ناديي الخرطوم الوطني والأهلي وبينهما تنافس شرس داخل الملعب إلا أن العلاقات بين الناديين تعتبر نموذجية ويتشاركون في الأفراح والأتراح على مستوى العلاقات الاجتماعية والأسرية والترابط بينهم وثيق وأخوي .
إن ما يمر به السودان من أزمات يجب أن يكون له أثر في تغيير الكثير من المفاهيم ومن بينها التعصب في المجال الرياضي ويجب علينا استغلال هذه الفرصة لتعزيز الروح الرياضية ونبذ العصبية التي لا تؤدي سوى إلى العنف والانقسامات ويكفينا ما نعانيه جراء هذه الحرب الوحشية .
الهلال والمريخ ليسا مجرد ناديين يتنافسان على البطولات بل هما ركنان أساسيان في الكرة السودانية ولا يمكن لأحدهما أن يكمل مسيرته دون الآخر .
لقد شهدنا على مدار السنين انتقال العديد من اللاعبين بين الناديين وحتى الإداريين لم يسلموا من هذه التنقلات مما يؤكد أن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما .
في مشهد يعكس الروح الرياضية الراقية التي نطمح إلى رؤيتها بين مشجعي الهلال والمريخ يا ما شهدنا مداعبات ودية في المدرجات بين مشجعي الهلال سليم أبوصفارة والصحاف وبين مشجعي المريخ الجنيد أبو طبلة وإسحاق أبوقرن هذه المشاهد ليست مجرد لقطات عابرة بل هي تعبير عن علاقات تتجاوز حدود الإنتماء الرياضي لتؤكد أن الرياضة تجمعنا ولا تفرقنا هذه العلاقات الودية بين مشجعي الفريقين الكبيرين هي مثال يحتذى به وعلينا جميعاً أن نعمل على نقل هذه الروح إلى جميع المشجعين .
عندما ندرك أن التشجيع لا يجب أن يكون سبباً للعداوة بل فرصة للتلاقي والتعارف سنرى أن التنافس يمكن أن يكون وسيلة لبناء جسور من التفاهم والصداقة .
لنتذكر دائمًا أن الهلال والمريخ رغم تنافسهما الشديد، يمثلان وجهين لعملة واحدة هي الكرة السودانية إذا استطعنا تعزيز هذه الروح بين الجماهير سنخلق بيئة رياضية صحية تكون فيها المدرجات مكاناً للمتعة والمودة ، بعيداً عن العصبية والتعصب .
في عالم الصحافة الرياضية وعلى الرغم من حدة المقالات والآراء التي يكتبها كتاب الهلال والمريخ فإن العلاقات التي تربطهم وراء الكواليس تبقى قوية وراقية هذه العلاقة تمثل الوجه الحقيقي للروح الرياضية والتفاهم المتبادل بين الصحفيين الذين يدركون أن المنافسة داخل الملعب لا يجب أن تفسد للود قضية بينما تعكس كتاباتهم أحياناً حدة الصراع والتنافس بين الناديين فإن الواقع مختلف تماماً حيث يتمتع هؤلاء الصحفيون بعلاقات زمالة وصداقة تمتد إلى ما هو أبعد من صفحات الجرائد وشاشات التلفاز فهم يعرفون أن دورهم في تأجيج المنافسة يجب أن يبقى في إطار الترفيه الرياضي والمسؤولية المهنية دون أن يتجاوز إلى إثارة الفتن أو خلق الأزمات وهذا لا ينفي وجود بعض (التخريمات والخرمجات والخارجيات) المرفوضة ، والإعلام له تأثيره القوي لذا يجب أن يعكس للمتلقي كيفية التنافس الشريف والمحافظة على العلاقات الإنسانية القوية رغم الانتماءات المختلفة .
ما يجمع الهلال والمريخ هو أكبر بكثير مما قد يفرقهما فالأندية الرياضية رغم التنافس الشديد بينها تظل جزءاً من نسيج إجتماعي واحد يتشارك في نفس الأهداف والقيم سواء كان اللاعب يرتدي اللون الأزرق أو الأحمر ، أو الإداري يقود دفة هذا النادي أو ذاك فإن الجميع يعمل في النهاية من أجل رفعة كرة القدم السودانية هذا التداخل بين الهلال والمريخ يعكس واقعاً ينبغي على الجماهير أن تتبناه وهو أن التنافس يجب أن يبقى في إطار الملعب فقط بينما يجب أن تكون العلاقات بين الجماهير كما هي بين اللاعبين والإداريين قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون لما فيه مصلحة الرياضة السودانية .
لا أعفي نفسي من المخاشنة مع الوصيفاب ضلنا الما زاد ولكن أغلبية أصدقائي منهم وتبقى متعة الكتابة في مناكفتهم وتبادل التحديات .
نثمن النتائج الإيجابية التي حققها الهلال والمريخ في أولى مبارياتهم الأفريقية ونتمنى لهما التوفيق في مشوارهما لرفع اسم السودان عالياً ولتكن هذه المنافسات فرصة لنبذ التعصب والتشجيع بروح رياضية راقية .
شجع ناديك ولكن لا تمس المنافس فلولا الهلال لما كان هناك مريخ ولولا المريخ لما كان هناك هلال.
التعصب الكروي والسياسي آفة السودان .

ظل أخير
أحبب فريقكَ كما تشاء
لكن لا تنسى الود والإخاء
فالكرة تجمعنا دون نزاع
والخلق الرفيع خير رداء .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *