الإفراج عن باقي معتقلي الرأي سيعزز الثقة بين الدولة والمجتمع
أصدر الملك محمد السادس، مؤخرًا، عفوًا عن مجموعة من الصحفيين والنشطاء والمدونين، في خطوة أثارت استحسانًا واسعًا بين الأوساط المحلية والدولية، خاصةً أن هؤلاء المعتقلين كانت محاكماتهم محل اهتمام منظمات حقوقية وطنية ودولية.
الكاتب والباحث المغربي، يحيى عالم، اعتبر أن الإفراج عن باقي معتقلي الرأي سيكون خطوة أساسية لتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، موضحا أن النزوع التصالحي يعد مدخلًا ضروريًا لكسب التحديات الراهنة وضمان مساهمة جميع الفاعلين في تحقيق التنمية والتقدم.
ويرى عالم أن الإفراج الأخير عن المعتقلين بادرة إيجابية يمكن أن تؤدي إلى انفتاح سياسي أكبر في المغرب، من شأنه إعادة الحياة للمجال السياسي والإعلامي، وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع. ويشير عالم إلى أن قوة الدولة تكمن في قدرتها على استيعاب التعددية السياسية والقراءات النقدية.
وأشار المتحدث، في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن خطوة الإفراج الأخيرة تحمل عددًا الرسائل المهمة والإيجابية داخل المغرب، وتعتبر نقطة ضوء يمكن أن تستلهمها الدول العربية الأخرى، وإن اختلفت التجارب والأنساق السياسية
وتابع أن المصالحة السياسية والمجتمعية أصبحت ضرورة ملحة في الوقت الراهن، ليس فقط من أجل استقرار المغرب، بل لتكون نموذجًا يحتذى به في المنطقة العربية. موضحا أن الإفراج عن المعتقلين يمكن أن يكون خطوة أولى نحو انفراج سياسي أكبر.
وأضاف أن توقيت الإفراج يأتي في مرحلة حساسة من التاريخ السياسي المغربي، حيث كانت المحاكمات التي طالت هؤلاء الصحفيين والنشطاء، ومن بينهم بوعشرين والريسوني، بمثابة مؤشر على تراجع في مجال حقوق الإنسان والحرية الصحفية، وهي تراجعات شهدها المغرب بالتزامن مع الانتكاسات التي عرفتها المنطقة العربية بعد حراك 2011.
في سياق متصل، أوضح عالم أن الضغط الخارجي وما لحق بصورة المغرب لدى المجتمع الدولي الحقوقي كان له دور في دفع هذه الخطوة. فقد تضررت سمعة المغرب بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وكان ذلك من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع تصنيفه في مجال حرية الرأي والتعبير.
وأكد أن هذه الخطوة تفتح الباب أمام إمكانية تعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الكبرى التي تنتظر المغرب، بما في ذلك التحضير لاستضافة كأس العالم 2030. وشدد على ضرورة أن تتبع هذه الخطوة بإفراجات أخرى عن باقي معتقلي الرأي، بما يعزز مناخ الحرية والتعددية السياسية في البلاد.
وأوضح الباحث المغربي أن الإفراجات الأخيرة تحمل عدة رسائل مهمة، أبرزها الرغبة في تجاوز الجمود السياسي وحالة الاحتقان الاجتماعي، وتقوية العلاقة بين الدولة والمجتمع. كما أشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق استعداد المغرب لكأس العالم 2030، حيث يتطلب هذا الاستعداد جبهة داخلية موحدة.
ولفت المتحدث إلى أن المغرب يعتبر نموذجًا مختلفًا في تدبير الحياة السياسية، حيث تميز بمساحة حرية للفاعلين ومجال للنقد المحفوظ. ورغم التراجعات التي شهدها المشهد السياسي في السنوات الأخيرة، إلا أن المغرب يبقى ملتزمًا بمسار الإصلاح والتحديث.
المصدر: العمق المغربي