اخر الاخبار

تقرير: مقابر خان يونس من مثوى للأموات إلى مأوى للنازحين

أمد/ غزة: يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، حربه على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ويتعرض القطاع لعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح مستمر لغالبية السكان.

وتتواصل المعارك الضارية، خصوصا في خان يونس، بالتزامن مع قصف عنيف على مختلف مناطق القطاع، ويستهدف الأحياء السكنية والمرافق المدنية في القطاع، وسط نزوح مناطق في خان يونس جنوب القطاع ودير البلح وسطه، بعد أن أجبرهم الجيش الإسرائيلي على إخلاء أماكن وجودهم استعدادا لشن هجمات على المنطقة.

نزوح إلى المقابر

واتخذ عدد من العائلات مقبرة في خان يونس مأوىً لهم، في ظل هجمات إسرائيل على المناطق الشرقية للمدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة وتدمير منزلهم في بداية الحرب، وتقضي العائلات وبينهم الأطفال يومهم بين القبور والشواهد والرمال، في مشهد يعكس مدى المعاناة التي تعيشها العائلات الفلسطينية النازحة في ظل الحرب.

وسيم محمد نزح من جباليا شمالي قطاع غزة في بداية الحرب وتنقل بين عدة مناطق، ومع النزوح الأخير في خان يونس لم يجد مأوى غير جدار المقابر، ويقول محمد لوكالة “سبوتنيك“: “نزحت من الشمال من جباليا، وتنقلت في عدة أماكن حتى وصلت إلى خان يونس، ولم أجد مكانا في خان يونس سوى هذه المقبرة التي أعيش فيها مع زوجتي وأطفالي الذين يخافون من المقابر وخاصة في الليل، وكما ترى نحن والأموات مثل بعضنا وربما هم أحسن حالا منا، نعيش بجانب القبور، وربما نلحق بهم قريبا، نعيش ونموت معهم”.

وأضاف: “حاولنا الانتقال إلى مكان آخر ولم نستطع، وعدنا إلى هنا، هذا حالنا لا يوجد مكان آخر، سوى الحياة في مقبرة، نحمل أكفاننا وننتظر مصيرنا، كل يوم نسمع أصوات الطائرات وأصوات البكاء والصراخ على الشهداء، ونرى الجنازات، ونشعر بخوف كبير”.

حول جثث الموتى

الأطفال في المقبرة لا يقضون وقت ممتع أو ينامون على فراش مريح، ففي هذا المكان المكتظ بالقبور والنازحين، والذي كان من المفترض أن يكون مخصصًا للأموات، لا تجد العائلات وأطفالها لحظات من البراءة واللعب أو حتى مكان مؤقت للسكن، بل الموت يحيط بهم من كل اتجاه، ويحيط الخوف بالأطفال كما تحيط بهم الظروف القاسية والمستمرة.

أم يزن عاشور نزحت إلى أكثر من مكان وهدم بيتها وقتل عدد من أفراد أسرتها خلال الحرب، حتى وصل بها الحال إلى المقبرة بعدما تقطعت بها السبل.

قالت أم يزن: “نعاني هنا من الحرارة المرتفعة، ومن الحشرات والقوارض، وأطفالي يسألونني دائما كيف نعيش هنا، ومتى سنخرج من المقبرة ونعود إلى بيوتنا، ولا أملك الإجابة، وربما كل سكان قطاع غزة لا يعرفون الإجابة، فقد طالت الحرب ولا نعرف متى ستنتهي”.

وأضافت: “أكبر مشكلة تواجهني هي خوف أطفالي، خاصة في الليل يخافون كثيرا، ويبكون من شدة الفزع، أي صوت يشعرهم بالخوف ولو كان صوت حشرة، حتى أنهم لا يستطيعون أن يذهبوا إلى الحمام لقضاء الحاجة إلا أن أكون معهم، ويشعر أطفالي بالخوف والقلق أثناء اللعب بين قبور الأموات والشهداء، لكنهم مضطرون للتعايش مع هذا الواقع المؤلم، ويحاول زوجي كل يوم إيجاد مكان غير المقبرة لكن لم ينجح لغاية الأن”.

واضطر النازحون من منازلهم قسرا للعيش بين قبور الأموات، مما يعكس حجم مأساة الحرب المستمرة لأكثر من 10 أشهر على التوالي وآثارها الإنسانية المدمرة على الفلسطينيين، في ظل انتشار الأمراض والأوبئة، ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح، حيث يأمر الجيش الإسرائيلي كل فترة سكان مناطق وأحياء سكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل داخلها.

وتقول النازحة إلهام قديح: “نزحنا إلى مدارس الأونروا، ثم أجبرنا مرة جديدة على النزوح، ولم نجد مكان أو مأوى في خان يونس، سوى هذه المقبرة، ولو كان هناك مكان أفضل لتوجهنا إليه ولكن لا يوجد، هناك اكتظاظ كبير في خان يونس ضمن منطقة ضيقة، ومنذ أسبوع أذهب بشكل يومي كي أبحث عن مكان لا يخاف فيه أطفالي ولكن لم أجد لغاية الأن، أنظر لحالنا وحال الأموات سترى الأموات أفضل حالا منا”.

وتضيف: “لم يعد لدينا أي مشاعر أو أحاسيس، لقد دفنا أنفسنا مع الأموات رغم أننا لا نزال على قيد الحياة، وحالتنا النفسية صعبة، فلم نكن نتوقع يوما من الأيام أن نعيش داخل مقبرة وبجوار القبور، وقبل الحرب كنا نسرع بمجرد اقترابنا بجانب المقابر، واليوم نزحنا إلى المقابر مضطرين، فالجيش الإسرائيلي يقول لنا اذهبوا إلى المناطق الآمنة، ثم يقوم بقصف واستهداف المدنيين فيها، لذلك نحن في مقبرة”.

ويعيش النازحون في المقابر في خيام لا تصلح للعيش الآدمي، وبلا مياه ولا طعام، ويعاني النازحون من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضع لترات منها، ويقوم السكان بتقنين استخدامهم لمياه الشرب خشية من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة، ويواجه النازحون أزمة شح الطعام التي تهدد حياتهم.

ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم للجوء إلى بيوت أقربائهم أو أصدقائهم، والبعض ينصب خياما في الشوارع والمدارس أو الأماكن العامة، أو داخل السجون والمقابر ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة ووسط انتشار الأمراض، وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، مليوني شخص.

ليست كغيرها من أطفال العالم، فالطفلة الفلسطينية نفيسة كوارع (11 عامًا) لا تستطيع اللجوء إلى مدينة الملاهي لقضاء وقت ممتع أو النوم على فراش مريح دافئ، لأنها في قطاع غزة الذي يشهد حربا إسرائيلية مدمرة للشهر العاشر.

اتخذت الفتاة برفقة عائلتها المكونة من 8 أفراد مقبرة في مدينة خان يونس مأوىً لهم، في ظل هجمات إسرائيل على المناطق الشرقية للمدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة وتدمير منزلهم في بداية الحرب.

اللعب بين القبور

وبرفقة شقيقتها وصديقاتها، تلهو الطفلة بين القبور والشواهد وتلعب بالرمال، في مشهد يعكس مدى المعاناة التي تعيشها العائلات الفلسطينية النازحة في ظل الحرب.

في هذا المكان المكتظ بالقبور والنازحين، الذي كان من المفترض أن يكون مخصصًا للأموات، تعثر الطفلة وأحباؤها على لحظات من البراءة واللعب ومكان مؤقت للسكن، بينما تعصف بهم الظروف القاسية والمستمرة.

مأساة النزوح

واضطر النازحون من منازلهم قسرا للعيش بين قبور الأموات، مما يعكس حجم مأساة الحرب المستمرة للشهر العاشر على التوالي وآثارها الإنسانية المدمرة على الفلسطينيين، في ظل انتشار الأمراض والأوبئة.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح، حيث يأمر الجيش الإسرائيلي سكان مناطق وأحياء سكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل داخلها.

ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم للجوء إلى بيوت أقربائهم أو معارفهم، والبعض ينصب خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن آخرى مثل السجون والمقابر ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وبحسب مكتب حماس الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، مليوني شخص.

بين جثث الموتى

وقالت الطفلة نفيسة، للأناضول: “نزحنا بفعل العملية العسكرية البرية من منزلنا إلى المقبرة”.

وأضافت: “نزحنا إلى المستشفيات والمقابر وكثير من الأماكن، كل يوم نسمع أصوات الطائرات وأصوات البكاء والصراخ على الشهداء، ونرى الجنازات، نشعر بخوف كبير”.

وتشعر الطفلة، بالخوف والقلق أثناء اللعب بين قبور الأموات والشهداء، لكنها تحاول التعايش مع هذا الواقع المؤلم.

فيما قال الفلسطيني أحمد كوارع، الذي لجأ إلى مقبرة في خان يونس برفقة عائلته: “نحن كائنات ميتة تتنفس وتعيش في المقابر بجوار الأموات”.

واضطر أحمد لنصب خيمة داخل المقبرة التي دفن فيها اثنين من أبناء عمه، بعد مقتلهما في قصف إسرائيلي استهدف تجمعًا للمواطنين في منطقة جورة اللوت، ونام بالقرب منهما في محاولة للبقاء على قيد الحياة.

وأضاف: “نزحنا من خان يونس بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء بذريعة أن المناطق الشرقية هي مناطق قتال خطيرة، فاضطررنا للبحث عن مكان يأوينا”.

ولم تنجح محاولات عائلة “أحمد” في إيجاد مأوى في منطقة المواصي وقرب شاطئ البحر غربًا، فقد كانت جميع الأماكن ممتلئة عن بكرة أبيها، ولا يوجد متسع لوضع خيمة جديدة.

وتابع: “دفنا أنفسنا مع الأموات، ونحن لا نزال على قيد الحياة، لم يعد لدينا أي مشاعر أو أحاسيس؛ فالحالة النفسية صعبة للغاية والحرب أنهكتنا”.

وتساءل: “هل يمكنك أن تتخيل نفسك تنام داخل مقبرة وبجوار قبر؟! قبل الحرب كنا نسرع في المشي بمجرد وصولنا إلى جانب المقبرة لتجاوزها بسرعة من هول الموقف فقط”.

الأموات لم يسلموا

ولا يختلف الوضع بالنسبة للفلسطينية رحاب كوارع، التي نزحت عدة مرات وتعيش في المقابر في أوضاع كارثية وصعبة.

وقالت رحاب: “هذه الحرب هي الأصعب، الجيش يقول لنا اذهبوا إلى المناطق الآمنة، ثم يقوم بقصف واستهداف المدنيين فيها، فأين الأمن والأمان الذي يدعيه الجيش؟”.

وأضافت: “نزحنا إلى المقابر وهي غير آمنة، فالجيش اجتاحها بريًا وجرفها وعاث فيها خرابًا وتدميرًا، فلا الأحياء سلموا ولا الأموات”.

وفي مقبرة أبو جزر المجاورة، يصف الفلسطيني فتحي محارب الوضع قائلاً: “يصل النازحون هنا إلى المقابر بلا مأوى ولا مكان بديل، فيضطرون للجلوس فوق القبور وداخل المقابر للاحتماء بأنفسهم وعائلاتهم”.

وأضاف لمراسل: “جميعنا أموات هنا، لا فرق بيننا وبين الأموات”.

وأشار فتحي إلى أنهم يقدمون المساعدة للنازحين في حفر وتجهيز القبور، لأن الكثيرين لا يستطيعون تحمل تكاليف ذلك.

أما الفلسطيني منار كوارع، فقال لمراسل الأناضول: “نحن أحياء لكننا فعليًا أموات، لا نريد شيئًا من هذا العالم، نريد فقط البقاء في بيوتنا وأن نعيش آمنين”.

وأضاف النازح: “نعيش في أكواخ لا تصلح للعيش الآدمي وهي أقرب لعيش الدواجن والحيوانات، لا مياه ولا طعام”.

ويعاني النازحون من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضعة لترات منها.

ويقوم السكان بتقنين استخدامهم لمياه الشرب خشية من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة.

ويواجه المواطنون تفاقمًا في أزمة شح الطعام التي تهدد حياتهم بسبب استمرار الحرب، وما رافقها من تشديد للحصار ومنع أو تقنين إدخال المواد الغذائية التي كانت محدودة أصلًا.

ودعا البرلمان العربي، إلى تكاتف جميع الجهود الإنسانية لتخفيف آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة، وجاء ذلك في بيان للبرلمان العربي لمناسبة اليوم الدولي للعمل الإنساني، الذي يوافق التاسع عشر من شهر آب من كل عام، محذرا مما يمر به العمل الإنساني من تهديد كامل في قطاع غزة بسبب تقويض دور الأونروا التي تُمثل المفصل الأهم في عمليات الاستجابة الإنسانية في غزة لما لها من دور حيوي لا يمكن الاستغناء عنه.

وأكد رئيس البرلمان العربي عادل بن عبد الرحمن العسومي، ” أنَّ العمل الإنساني ركيزة أساسية في دعم أمن واستقرار المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة لما له من قيمة إنسانية عالية”، ودعا” إلى تكاتف جهود العمل الإنساني وذلك في ظل حدة تداعيات الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها العديد من دول العالم”.

ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 318 ارتفع عدد الشهداء منذ بداية الحرب على القطاع إلى 40.139 قتيلا و92.743 مصابين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *