طفرات التغيرات المناخية تسائل تفعيل المرصد الوطني المغربي للجفاف
موازاة مع ذروة الجفاف بالمغرب، التي تعرف اليوم سنتها السادسة تواليا من التغير المناخي الذي كان وقعه حادا على الإنتاجية الفلاحية وعلى الاحتياطات المائية الموجهة إلى السقي أو الشرب، يعود الحديث بين الفينة والأخرى عن منسوب التنسيق بين القطاعات الحكومية والالتقائية بين السياسات العمومية الهادفة أساسا إلى تدبير هذه الوضعية التي صارت بنيوية وتهم كل مؤسسة على حدة.
أهمية الموضوع في الوقت الراهن تبرُز كذلك عند استحضار تخصيص الملك محمد السادس حيزا مهما من خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش لفائدة موضوع الماء وتغيرات المناخ، إذ أكد ضمنه على الجهد واليقظة وإبداع الحلول والحكامة في التدبير والتأسيس لسياسة وطنية في مجال تحلية مياه البحر كذلك.
وكان المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية “IRSS”، وهو مؤسسة بحثية وطنية تهتم بالمساهمة في تنوير صنع القرار الإستراتيجي والقيام بمهام اليقظة في مجالات تعتبر إستراتيجية للبلد، (كان) أشار ضمن تقريره الأخير حول “مستقبل الفلاحة في المغرب في ظل الندرة الهيكلية للماء” إلى أهمية “تفعيل المرصد الوطني للجفاف”، ما ينضاف إلى إشارات سبق أن جاءت ضمن مخططات إستراتيجية وتقارير وطنية حول المناخ والبيئة بالمغرب حول المرصد ذاته.
تفاعلا مع الموضوع قال المهدي فقير، الخبير في الشؤون الاقتصادية، إن “هذه الفكرة تحيلنا أساسا على إشكالية تتعلق بالحكامة، إذ إن المطلب حاليا هو وجود سياسات مُحيّنة بخصوص المواضيع المتعلقة بالمياه”.
مصرحا لهسبريس أكد فقير أن “مسألة ضمان الحكامة تحتاج إلى مؤسسة تتجرد من الطابع السياسي، بما يعطي هامشا للتنويع والتجويد، موازاة مع وجود توجه مغربي إلى حلول جديدة، بما فيها تحلية مياه البحر”، وزاد: “يمكن كذلك أن نلجأ إلى الاستمطار الصناعي كحلٍ آخر”، مشيرا إلى “أهمية وجود إطار مؤسساتي مستقل يمكن أن يبت في هذه النقاط انطلاقا من الاختصاصات التي يمكن أن يتوفر عليها”.
المتحدث ذاته أوضح أن “أي مقترح في هذا الإطار لا يمكن إلا الترحيب به، شريطة أن يكون واضح الهدف ومساهما في تعزيز مختلف الإجراءات التي يتم القيام بها، فيما مسألة المأسسة هنا مهمة جدا”، مشددا على “أهمية ضمان الحكامة والالتقائية في ما يتعلق بالسياسات الخاصة بتدبير مجال الماء، بينما يمكن القول إن هناك قصورا في هذا الإطار، خصوصا في السياسات التي تستوجب شراكة بين عدد من الفاعلين”.
وفي المقابل لم يكن خالد حمص، أكاديمي وخبير اقتصادي، متحمسا بخصوص فكرة تفعيل مرصد وطني لتتبع وضعية الجفاف، إذ اعتبر أن “معطى الجفاف صار بنيويا ودائما”، مردفا: “يبدو أننا لسنا بحاجة إلى مرصد يشرح لنا أسباب الندرة المائية على سبيل المثال، إذ سنكون وقتها أمام مجردة بنية مؤسساتية. وعوضا عن هذا المقترح يمكن الدفع صوب إعطاء دفعة قوية للإجراءات الخاصة بمعالجة مشاكل ندرة المياه مثلا”.
وقال حمص لهسبريس إن “المرصد في نهاية المطاف سيكون بمثابة تحصيلِ حاصل من أجل تجميع أكبر قدر ممكن من الأرقام الخاصة بالتغير المناخي، فيما لا مشكل لدينا اليوم بالمغرب مع الإحصائيات، بينما حل الظاهرة يبدأ من بوابة تعزيز التوجه نحو تحلية مياه البحر ودعم البحث العلمي في هذا الصدد”، مشيرا إلى أنه “يمكن مناصرة إحداث مرصد خاص بالماء عوضا عن الجفاف ككل”.
وجوابا منه عن سؤال للجريدة حول تقديره لمنسوب التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية من أجل معالجة المشاكل المترتبة على بنيوية الجفاف بالمملكة اعتبر المتحدث ذاته أن “هناك نوعا من الالتقائية في هذا الصدد بين الإجراءات التي يكشف عنها كل طرف، وهو ما يساهم فيه كون الملك في الأساس الذي يترأس الجلسات والاجتماعات بخصوص هذا الموضوع الذي يمس بالعيش الكريم للمغاربة والاقتصاد كذلك”، خالصا إلى أن “الضروري في الوقت الحالي هو تعزيز هذه الالتقائية والاستفادة نوعا ما من التجارب الدولية المقارنة في مجال مكافحة الجفاف”.
المصدر: هسبريس