| العراق اول ضحاياه.. البشر يشكون “وحش الحرارة”
أفادت مجلة Nature Communication، بأن الباحثين درسوا أربعة أنظمة طبيعية أساسية لمناخ الأرض التيارات الأطلسية؛ غابات الأمازون المطيرة؛ جليد القطبين الشمالي والجنوبي. واتضح أن اختلال أي نظام منها بسبب ارتفاع درجات الحرارة في العالم، سيولد تأثير الدومينو وسيكون نقطة تحول حاسمة في تطور المناخ على الأرض.
وجاء في تقرير الفريق العلمي: “لقد ثبت أنه في حالة استمرار الاتجاهات المناخية الحالية في القرن الحالي فإن خطورة حدوث تحول حاسم تعادل 45 بالمئة. وأن هذا الخطر سيزداد مع كل ارتفاع في درجات الحرارة بمقدار 0.1 درجة مئوية ويتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية”.
ووفقا للباحثين لمنع حدوث “نقطة التحول” يجب أن ينخفض معدل انبعاث غازات الدفيئة في عام 2100 إلى الصفر. وأن هذه النتائج تؤكد أن تخفيض انبعاث غازات الدفيئة في العقد الحالي أمر ضروري ومهم للأمن العالمي.
وكانت الأخبار مليئة بقصص الكوارث الجوية المثيرة للقلق هذا العام، بل يعتبر عام 2024 عاما سيئا بشكل خاص فيما يتعلق بالطقس القاسي، وفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ومن ذلك الفيضانات وموجات الحر في جميع أنحاء إفريقيا، وكذلك الفيضانات الغزيرة في جنوب البرازيل، والجفاف في غابة الأمازون، والحرارة المرتفعة للغاية في جميع أنحاء آسيا.
فيما نشرت محطة “بلاسيرفيل” في كاليفورنيا الأمريكية، اليوم السبت، جدولاً من 15 منطقة ومدينة عالمية سجلت أعلى معدل درجات بالحرارة في العالم خلال آخر 24 ساعة.
وبين الجدول أن مدينة ” العمارة ” في العراق سجلت أعلى درجة حرارة بالعالم، وبواقع 49.1 درجة مئوية، تليها بالمرتبة الثانية مطار البصرة الدولي في العراق وبواقع 48.9 درجة مئوية، تليها بالمرتبة الثالثة “البصرة الحسين” في العراق وبواقع 48.8 درجة مئوية، ومن ثم جاءت مدينة “الفاو” في العراق رابعاً وبواقع 48.5 درجة مئوية، وجاءت مدينة “مطار الكويت الدولي” في الكويت خامساً بدرجة حرارة بلغت 48.5 درجة مئوية.
ارتفاع درجات الحرارة
وتشهد معظم دول العالم ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، يهدد، وفق العديد من اء، بشكل مباشر الحياة على الأرض.
وأظهرت محطات الرصد الجوي وفقا لرئيس مركز معلومات المناخ في وزارة الزراعة المصرية، الدكتور محمد علي فهيم “ارتفاعاً واضحاً في متوسط درجات الحرارة الذي اقترب من 1.5 درجة مئوية، وهو اقتراب متسارع يتجاوز الحد المنصوص عليه في اتفاقيات باريس، ما يشكل تحديّاً خطيراً”.
موجة الحر الشديدة تؤثر على جميع دول العالم، يقول فهيم في حديث صحفي “بما في ذلك المناطق التي عرفت بمناخها البارد مثل غرب كندا، جنوب أوروبا والشرق الأقصى”.
ورغم أن الشرق الأوسط قد يبدو أقل تأثراً بتغير المناخ مقارنة ببعض المناطق الأخرى، تشهد المنطقة، وفق فهيم، “تغيرات مناخية ملحوظة، مثل العاصفة دانيال التي ضربت شرق ليبيا من خلال انتقالها من جنوب أوروبا عبر البحر المتوسط إلى شمال إفريقيا، وكذلك الأمطار غير المتوقعة في الإمارات، عمان، وجنوب شرق الخليج العربي خلال أبريل الماضي”.
كما أن “التغيرات في أنماط هطول الأمطار الموسمية في مناطق القرن الإفريقي وجنوب الصحراء الكبرى، والتي تشمل السودان وتشاد وإثيوبيا واليمن والسعودية وجنوب مصر، تشير إلى حدوث تغير كبير في المناخ. فالتغيرات في كمية الأمطار وتوقيتها وشدتها، إلى جانب التغيرات في درجات الحرارة، تؤكد على هذا التحول المناخي المتسارع”.
ولا يقتصر الأمر على ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، بل يشمل أيضاً بحسب فهيم “الانخفاضات الحادة في درجات الحرارة خلال الشتاء، والعواصف الثلجية في المناطق الباردة، والأمطار الغزيرة التي تتحول إلى سيول وفيضانات في بعض مناطق العالم”.
احتباس حراري
وأصبح من المؤكد أنَّ ظاهرة الاحتباس الحراري تجاوزت 1.5 درجة مئوية خلال فترة 12 شهراً بين فبراير 2023 ويناير 2024، ويأتي ذلك بعد إعلان 2023 العام الأعلى حرارةً في التاريخ.
وتأتي الزيادة في درجات الحرارة بسبب تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، وعززتها ظاهرة النينيو المناخية الطبيعية، وهي ظاهرة مناخية واسعة النطاق تنطوي على تقلب درجات حرارة المحيطات في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي العلوي.
وتقول الهيئة الأممية المشار إليها، إن هذا التغير في المناخ، طويل المدى، نتج عن النشاط البشري، وبشكل رئيسي بسبب الاستخدام الكبير للوقود الأحفوري الفحم والنفط والغاز في المنازل والمصانع ووسائل النقل.
عندما يحترق الوقود الأحفوري، فإنه يطلق غازات الدفيئة، معظمها ثاني أكسيد الكربون (CO2)، ما يحبس طاقة إضافية في الغلاف الجوي بالقرب من سطح الأرض، والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع حرارة الكوكب.
خسائر عالمية
دراسة علمية توقعت أن يتكبد الاقتصاد العالمي خسائر بقيمة 38 تريليون دولار سنوياً بحلول 2049 بسبب تغير المناخ، إذ يتلِف الطقس المتطرف المحاصيل الزراعية ويضر بإنتاجية العمالة ويدمر البنية التحتية، وفقاً لباحثين في معهد “(بوتسدام لبحوث تأثيرات المناخ)”.
ويشير بحث نُشر في مجلة “نيتشر (Nature، إلى أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب سيؤدي إلى انخفاض الدخل بنسبة 19% عالمياً بحلول منتصف القرن، مقارنة بوضع الاقتصاد العالمي دون تغير المناخ، إذ استخدمت الدراسة بيانات من أكثر من 1600 منطقة حول العالم خلال الأربعين عاماً الماضية، لتقييم التأثيرات المستقبلية لارتفاع درجة حرارة الكوكب على النمو الاقتصادي.
ليوني وينز، العالمة في معهد “بوتسدام” والتي قادت الدراسة، قالت في بيان إن “تغير المناخ سيسبب أضراراً اقتصادية هائلة خلال الخمسة وعشرين عاماً المقبلة في جميع البلدان تقريباً.. يتعين علينا خفض انبعاثاتنا بشكل كبير وفوري، وإذا لم يحدث ذلك؛ فإن الخسائر الاقتصادية ستتفاقم في النصف الثاني من القرن، حيث ستصل إلى نحو 60% عالمياً في المتوسط بحلول 2100”.
الليل ياخذ نصيبه ايضا
يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات حرارة الكوكب أثناء النهار، ولكن أيضا خلال الليل، فقد أظهر تحليل علمي نُشر الخميس أن عدد الليالي التي تتجاوز فيها الحرارة 25 درجة مئوية قد ارتفع بشكل كبير بالنسبة إلى نحو ثلث سكان العالم، في أمر لا يخلو من عواقب صحية.
وقد تنطوي درجات الحرارة المرتفعة أثناء الليل على خطورة لأنها تمنع جسم الإنسان من التبريد والتعافي من حرارة النهار.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بإبقاء درجات حرارة الغرفة عند 24 درجة مئوية أو أقل أثناء الليل، وهو الحد الذي يصبح النوم بعده غير مريح ويمكن أن يؤثر على صحة الأشخاص الضعفاء (الأطفال أو كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة).
وقارنت الدراسة التي أجرتها منظمة “كلايمت سنترال”، وهي مجموعة مستقلة من العلماء والمتخصصين في مجال المناخ، المعدل السنوي لليالي الدافئة بين عامي 2014 و2023 مع عالم افتراضي خالٍ من تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، بناءً على منهجية تمت مراجعتها من قبل نظراء علميين باستخدام نماذج تتضمن بيانات تاريخية.
وتتسبب درجات الحرارة المرتفعة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى حول العالم في وفاة عدد من الأشخاص. ففي السعودية، على سبيل المثال، تزامن هذا الارتفاع القياسي مع مناسك الحج، مما أسفر عن وفاة بعض الحجاج. كما لقي عدد من السودانيين مصرعهم خلال تهريبهم برا إلى الأراضي المصرية بسبب ضربات الشمس، في شهر حزيران الماضي.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط