ردا على إغلاق جناح مغربي بالأولمبياد.. نقابة مغربية تقرر تنظيم حفلات فنية بجل المدن الفرنسية
قررت النقابة المهنية لحماية ودعم الفنان بالمغرب، تنظيم سلسلة من الحفلات الفنية المتتالية في جل المدن الفرنسية، وذلك ردا على قرار عمدة مدينة إيل سان دوني الفرنسية بإغلاق جناح المشجعين المغاربة بمحطة “أفريكا ستاسيون” على هامش الألعاب الأولمبية بباريس، بعد تغني الفنانة المغربية سعيدة شرف بالصحراء المغربية.
وقالت النقابة إن هذه حفلات الفنية المتتالية التي ستُنظم في جل المدن الفرنسية، تأتي “احتفاءً بالقرار السيادي لرئيس فرنسا إيمانويل ماكرون بالاعتراف بمغربية الصحراء، وتأكيدًا على استمرار دعمنا للقضايا الوطنية من خلال الفنون والثقافة”.
وأوضحت أن “هذه الحفلات ستشهد مشاركة نخبة من فناني ومبدعي الجالية المغربية والفرنسيين الذين سيقدمون عروضًا فنية تعكس الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين. كما ستتضمن نقاشات وندوات ثقافية تسلط الضوء على أهمية الصحراء المغربية في الهوية الوطنية المغربية ودورها في تعزيز العلاقات بين المغرب وفرنسا”.
وأعربت النقابة المهنية لحماية ودعم الفنان، في بلاغ لها، عن استنكارها الشديد لما أسمتها “الإجراءات التعسفية وغير المبررة” التي اتخذها عمدة سان دوني، محمد غنابالي بإغلاق جناح المشجعين المغاربة في محطة “أفريقيا” عقب الحفل الفني الذي أحيته الفنانة القديرة سعيدة شرف.
واعتبرت النقابة هذا القرار “هجوماً على حرية التعبير الفني ومحاولة لفرض الرقابة على الفنانين والتضييق على آرائهم المشروعة”، مشيرة إلى أن الفنانة سعيدة شرف “عبرت عن رأيها بشكل حضاري وبعيد كل البعد عن أي بعد سياسي غير مناسب في سياق ثقافي وفني يهدف إلى الاحتفال بروح الألعاب الأولمبية”.
وأوضحت النقابة أن هذه الخطوة “لا تمس فقط الفنانة القديرة سعيدة شرف، بل تمس كافة الفنانين المغاربة والمغتربين الذين يمثلون ثقافتهم وفنهم في المحافل الدولية”، وفق البلاغ الذي تتوفر “العمق” على نسخة منه.
وفي هذا الصدد، طالبت النقابة بـ”العدول الفوري عن هذا القرار الجائر، وإعادة فتح الجناح المغربي ليستمر في تقديم نشاطاته الفنية والثقافية في إطار دورة الألعاب الأولمبية بباريس”.
كما عبرت عن تضامنها ودعمها الكامل لما قامت به الفنانة سعيدة شرف من “التعبير عن رأيها الشخصي المشروع في قضية الصحراء المغربية”، معلنة “دعمها اللامشروط لكل الفنانين الذين يدافعون عن القضايا الوطنية وعن المملكة المغربية أينما حلوا وارتحلوا”.
وشددت النقابة ذاتها على أن موقف سعيدة شرف “يعكس التزامها الوطني ودفاعها عن قضية وطنية عادلة، ونحن في النقابة نقف إلى جانبها وإلى جانب كل الفنانين الذين يحملون نفس الرسالة”، داعية كافة الجهات المعنية “للعمل على ضمان حرية التعبير الفني وصون حقوق الفنانين بعيداً عن أي ضغوط سياسية أو تمييزية”.
وكان محمد غنابالي، عمدة إيل سان دوني الفرنسية، قد أقدم على إغلاق جناح المشجعين المغاربة بمحطة “أفريكا ستاسيون” الذي يحتضن فعاليات احتفالية وفنية على هامش الألعاب الأولمبية بباريس، ردا على الفنانة المغربية سعيدة شرف التي تغنت بالصحراء المغربية وشكرت الرئيس إيمانويل ماكرون على موقفه المساند للوحدة الترابية للمملكة، خلال الحفل الذي أقامته بالجناح.
وعلمت “العمق” أن عمدة إيل سان دوني، وهو سياسي يساري ذي أصول سينغالية متزوج من جزائرية ومعروف بعلاقته القوية بالسفير الجزائري، أعطى تعليمات صارمة لجميع الفنانين المغاربة المشاركين في إحياء حفلات “أفريكا ستاسيون” من أجل عدم ذكر الصحراء المغربية، وهو الأمر الذي لم تستجب له سعيدة شرف والجمهور المغربي الذي تفاعل معها.
واعتبر مجلس مدينة “إيل سان دوني” الفرنسية، في بلاغ نشره عقب إثارة قرار الإغلاق لغضب المشجعين المغاربة، أن ما قامت الفنانة الصحراوية سعيدة شرف “موقف سياسي يخالف قواعد الالتزام بالحياد وروح الوحدة”، مشيرا إلى أن العمدة اضطر بعد “ذكر سعيدة شرف للصحراء المغربية وشكرها للرئيس الفرنسي في مناسبتين إلى التدخل شخصيا لثنيها عن ذلك”.
وأضاف البلاغ، أن الجمهور المغربي قابل تدخل العمدة أثناء الحفل بـ”إطلاق صيحات الاستهجان والهتاف بمغربية الصحراء”، منتقدا “تقاعس المسؤولين المغاربة الحاضرين وعدم تدخلهم لا أثناء الحفل ولا بعده، للتأكيد على أن هذا ليس المكان المناسب، والاعتذار عن الوضع، وإعادة تأكيد الالتزامات التي تم التعهد بها”، لافتا إلى أنه “لم يتم تقديم أي اعتذار من القنصلية أو السفارة إلى مجلس المدينة خلال الـ 36 ساعة التي تلت الحدث”.
من جهتها، عبرت القنصلية العامة للمملكة المغربية في فيلموميل عن استنكرها للقرار “المتحيز” لعمدة “إيل سان دوني”، مشيرة إلى أن إنهاء اتفاق توفير المجال العام لمحطة “أفريقيا” الموقع في 16 يوليوز “حرم المغرب ومواطنيه الذين يعيشون في المنطقة من لحظة كبيرة من الاحتفال بالقارة الأفريقية خلال الألعاب الأولمبية في باريس، والاستفادة من التمثيل العادل بنفس الطريقة التي تتمتع بها الدول العشرين، التي من بين 54 دولة في القارة”.
وقالت القنصلية في بلاغ لها، إن “الإنهاء الأحادي والتعسفي لمجلس مدينة إيل سان دوني يثير تساؤلات خطيرة حول دوافع العمدة وامتثاله للالتزامات التي تم التعهد بها”، لافتة إلى أن العديد من أعضاء المجلس البلدي اعترضوا على القرار وأعربوا عن تضامنهم الكامل مع المغرب.
وأشار البلاغ إلى أن التعبير العفوي للفنانة سعيدة شرف لا يشكل “تسييسا للألعاب، ولا عقبة أمام التزامات الحياد، ناهيك عن عقبة أمام الاتفاق بين البلدان، وإنما يعبر عن الحرية التي تتمتع بها الفنانة المغربية التي تنتمي للأقاليم الجنوبية، والتي سلطت الضوء على حدث حالي يثير اهتمام فرنسا والفرنسيين”.
واعتبرت القنصلية، أن رد فعل العمدة “المؤسف قدم بعدا سياسيا غير مناسب من خلال اتخاذ تدابير لفرض الرقابة على آراء الفنانين”، مبرزة أن ذلك “يضر بالثراء والتنوع اللذين هما في صميم الروح الشاملة للألعاب الأولمبية”، مشددا على أن هذه المعاملة “غير عادلة وتمييزية، وتتعارض مع مبادئ الوحدة والأخوة التي تسعى محطة أفريقيا جاهدة لتعزيزها والتي يتحمل العمدة مسؤولية حمايتها”.
ونبهت القنصلية إلى الإشارات العديدة للجزائر في البيان الصحفي الصادر عن بلدية إيل سان دوني قائلة: “بالنظر إلى العديد من الإشارات إلى الجزائر في البيان الصحفي، تأمل القنصلية العامة للمملكة المغربية في فيلموميل ألا تتأثر نزاهة قرار العمدة بالاعتبارات الشخصية أو الروابط الأسرية المعروفة أو القرب السياسي الذي لا يخفيه”.
ولفتت القنصلية العامة للمملكة المغربية في فيلموميل في بلاغها، إلى أنها “حافظت دائما على علاقات جيدة جدا مع الممثلين المنتخبين في بلدية إيل سان دوني”، وتنتظر “اعتذارا عن هذا الانزلاق الخطير والمتهور لعمدة المدينة وتحتفظ بالحق في اتخاذ التدابير المناسبة للمطالبة بالتعويض”.
المصدر: العمق المغربي