سنار على شفا المجاعة .. توقف الزراعة يهدد حياة الملايين

أدت سيطرة قوات الدعم السريع على معظم مناطق ولاية سنار جنوب شرق السودان إلى شلل شبه كامل في القطاع الزراعي خلال الموسم الصيفي الحالي، مما يهدد بكارثة جوع في المنطقة.

بعد سيطرتها على جبل موية في 24 يونيو، تمكنت قوات الدعم السريع من بسط نفوذها على مناطق واسعة في الولاية، بما في ذلك سنجة والدندر والدالي والمزموم وكركوج والسوكي. وصاحب هذا التوسع عمليات نهب واسعة للآليات الزراعية والتقاوى، مما أدى إلى توقف الموسم الزراعي الصيفي الذي يبدأ عادة في أواخر يونيو ويوليو.

وقال الهادي الصادق، مدير عام وزارة الزراعة بولاية سنار، لـ “سودان تربيون” إن خططهم لزراعة ثلاثة ملايين فدان من المحاصيل المختلفة تعطلت تمامًا بسبب هذه الاعتداءات.

وأشار إلى أن حكومة الولاية كانت وفرت جميع المدخلات الزراعية اللازمة، بما في ذلك التقاوى والأسمدة والمبيدات، لإنجاح الموسم، لكن كل هذه الجهود ذهبت سدى.

وكشف الصادق عن نهب 251 طنًا من التقاوى التي وفرتها منظمة “الفاو” من مدينة سنجة، بالإضافة إلى التقاوى والأسمدة والمبيدات والآليات الزراعية الأخرى التي يملكها المزارعون. وأكد صعوبة الحصول على إحصائية دقيقة حول حجم الخسائر في الوقت الراهن بسبب انعدام الأمن وصعوبة التواصل.

تهديد الأمن الغذائي

تواجه ولاية سنار، إحدى أكبر المناطق الزراعية في السودان، أزمة حادة تهدد أمنها الغذائي بشكل غير مسبوق. فبعد سيطرة قوات الدعم السريع على معظم مناطق الولاية، توقفت الأنشطة الزراعية بشكل شبه كامل، مما يثير مخاوف من نقص حاد في الغذاء وارتفاع الأسعار.

وتشتهر سنار بزراعة حبوب الذرة الرفيعة والدخن ومحاصيل السمسم والفول السوداني والقطن وزهرة عباد الشمس، إضافةً للخضر والفاكهة. إلا أن سيطرة الدعم السريع على معظم محليات الولاية، بما في ذلك الدندر وسنجة وأبو حجار، أدى إلى توقف الإنتاج الزراعي في 95% من المساحة الصالحة للزراعة، والتي تبلغ 5.5 ملايين فدان.

حتى في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة، مثل محلية شرق سنار، تواجه الزراعة تحديات كبيرة. فبحسب مدير مكتب الزراعة بالمحلية، عثمان برعي، يعاني المزارعون من انعدام الوقود ومدخلات الإنتاج الضرورية للزراعة المطرية، في حين توقفت البيارات عن العمل، مما أثر على الزراعة المروية.

ويهدد توقف الإنتاج الزراعي في سنار بموجة جوع غير مسبوقة في الولاية والمناطق المجاورة التي تعتمد عليها في الإمدادات الغذائية. ومع تضاؤل المعروض من الغذاء، من المتوقع أن تشهد الأسعار ارتفاعًا حادًا، مما يزيد من معاناة السكان الذين يعيشون أصلاً في ظروف إنسانية صعبة بسبب الحرب.

نهب ممنهج

تعرض القطاع الزراعي في ولاية سنار لنهب ممنهج من قوات الدعم السريع، مما فاقم أزمة الغذاء في المنطقة.

وتشير التقارير إلى أن الدعم السريع نهب مئات الآليات الزراعية والتقاوى والأسمدة من المزارعين، مما أدى إلى توقف النشاط الزراعي بشكل كامل في العديد من المناطق.

في محلية الدندر وحدها، أحصت غرفة الطوارئ نهب حوالي 200 تراكتور زراعي، بالإضافة إلى بذور زراعية وسماد ومبيدات من مخازن المزارعين.

وأكد مزارع من المنطقة، فضل عدم الكشف عن هويته، أن عناصر الدعم السريع نهبوا آليات زراعية بأعداد كبيرة، متوقعًا أن يكون العدد أكبر مما أحصته غرفة الطوارئ.

وتوقف النشاط الزراعي تمامًا في كل أنحاء محلية الدندر، سواء الزراعة الاكتفائية في المساحات الصغيرة أو زراعة المشاريع الكبيرة وكذلك زراعة الخضر، بسبب انعدام الأمن ونهب الآليات والتقاوى والأسمدة. وينطبق ذات الأمر على محليات الدالي والمزموم، وفقًا لشهادات ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

في جبل موية، أفاد عضو التيار الوطني والمواطن يوسف العركي بتوقف النشاط الزراعي خلال الموسم الصيفي الذي صادف بدايته مع اجتياح قوات الدعم السريع للمنطقة.

وكشف عن نهب ما يزيد على 500 تراكتور زراعي في الأيام الأولى للاجتياح، إلى جانب نهب المخازن والمطامير، وهي صوامع تقليدية تحت الأرض لتخزين الحبوب لفترات طويلة.

جبل موية.. خسارة فادحة

تكبد القطاع الزراعي في جبل موية، إحدى أكثر المناطق خصوبة في ولاية سنار، خسائر فادحة من شأنها تهديد الأمن الغذائي في المنطقة بأكملها. فبعد سيطرة الدعم السريع على المنطقة، توقف النشاط الزراعي تمامًا، مما سيؤدي إلى نقص حاد في المحاصيل الأساسية مثل الذرة الرفيعة والسمسم والدخن.

وتشتهر أراضي جبل موية بخصوبتها العالية، حيث تصل إنتاجية “الجدعة” الواحدة (وحدة مساحتها 5 أفدنة) إلى أكثر من 50 جوالًا من الذرة الرفيعة ونحو 2040 قنطارًا من السمسم. وتمتد هذه الأراضي الخصبة على مساحات شاسعة غرب الطريق السفري الذي يربط سنار بمدينة ربك بولاية النيل الأبيض.

مع توقف النشاط الزراعي في جبل موية وقطع طرق إمداد التجارة في ولاية سنار، يواجه السكان خطر المجاعة حال استمرار النزاع. وتأتي هذه الأزمة في وقت يعاني فيه السودان من توقف النشاط الزراعي في مناطق أخرى، مثل ولاية الجزيرة، وتهديد ولايات أخرى بالاجتياح من قبل قوات الدعم السريع.

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني.

سودان تربيون