| مساع حكومية لإيقاف التجريف.. هل تنجح وزارة البيئة بردع المتجاوزين على الأراضي الزراعية؟
لاقى حديث وزارة البيئة حول تطبيق إجراءات صارمة لعمليات تجريف البساتين وقطع الأشجار، ترحيبا من قبل ناشطين بيئيين ومسؤولين محليين، ذكروا أن هذه الخطوة وإن كانت متأخرة، لكنها قد تشكل ردعا للمتجاوزين.
ويجرف الزحف السكني آلاف الأراضي الزراعية في العراق، إضافة إلى أن عمليات قطع الأشجار غالبا ما تتم من قبل الدوائر الحكومية بحجة تطوير الشوارع وتقليل الزحامات المرورية.
ويقول عضو تجمع حماية البيئة والتنوع الإحيائي، أحمد حمدان: “نشد على يد وزارة البيئة عبر اتخاذها أي إجراء من شأنه تحسين البيئة، وهذا البيان الذي صدر مؤخرا يأتي بشكل متأخر، فقد طال انتظاره من قبل العديد من الناشطين في هذا المجال والمنظمات البيئية”.
وكان المتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي صادق المختار، قد أفاد بأن الوزارة تسعى إلى تطبيق الإجراءات الصارمة لمنع تجريف الأشجار والبساتين والأراضي الزراعية، أهمها ما تناوله قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لعام 2009، لافتا إلى أنه في كل محافظة هناك مجلس لحماية وتحسين البيئة يرأسه المحافظ، وهناك مجلس لحماية وتحسين البيئة الفيدرالي أو الاتحادي يرأسه وزير البيئة.
ويضيف حمدان، أن “مثل هذه الإجراءات الرادعة من شأنها إيقاف تجريف البساتين والمساحات الخضراء من تخوم المدن والمناطق الريفية، بغية إيجاد متنفسات خضراء تحافظ على البيئة والتنوع الإحيائي، وهو ما يسعى له جميع الناشطين البيئيين”.
ويتمنى على جميع الوزارات المعنية والمحافظات، “مساندة هذا الإجراء لإيقاف التجريف وإيجاد حلول للزحف السكني على الأراضي الزراعية بالاعتماد على البناء العمودي واستخدام المساحات المكشوفة وليست الزراعية، أيضا نطلب من جميع المعنيين زراعة أشجار أخرى لزيادة الغطاء النباتي والشجري في البلاد”.
يشار إلى أن أمانة بغداد، قررت العام الماضي، فرض غرامة مالية قدرها 5 ملايين دينار على كل من يقطع شجرة، وشكلت خلية رصد في جميع المناطق.
وبدأ يترك انعدام المساحات الخضراء تأثيراته البيئية والصحية في العراق، إذ حلّ البلد ثانيا كأسوأ الدول تلوثا بعد دولة تشاد الأفريقية، وفي تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، عزا متخصصون بالبيئة ذلك إلى الانبعاثات وعوادم السيارات الكثيرة وانعدام الحزام الأخضر، وطالبوا بالانتقال إلى وسائل النقل الجماعية والطاقة النظيفة وإلزام أصحاب المولدات والمعامل بفلترة الغازات المنبعثة منها، وسط ارتفاع في حالات الإصابة بالربو، وأمراض مزمنة بالصدر، فضلا عن السرطان.
من جهته، يشير مدير بيئة بابل مكي الشمري، إلى أن “مديرية بيئة بابل حريصة على معالجة التصحّر على الرغم من تفاقم نسبه، ولا نمنح أي موافقة على إنشاءات في الأراضي الزراعية إلا بعد موافقة الزراعة”.
وفي هذا الشأن يضيف الشمري، أن “مديريتنا اتجهت اتجاهين في هذا الصدد، الأول هو تفعيل قانون حماية وتحسين البيئة وملاحقة المتجاوزين بغية تطبيق عقوبات السجن والغرامة، وقمنا بتقديم أكثر من شكوى إلى القضاء ضد متجاوزين، آخرها كانت ضد أشخاص قاموا بقطع 7 شجرات معمرة في قضاء المحاويل شمالي المحافظة”.
ويتابع مدير بيئة بابل أن “الاتجاه الثاني يتمثل بالطلب من الدوائر التي تعمل على إنشاء المشاريع وترميم الطرق بإلزامها أن تتضمن المشاريع نسبة تشجير وأن تقوم البلديات بالعناية بالأشجار، وهذا الأمر ستجري متابعته عبر مجلس حماية البيئة الذي يرأسه المحافظ”.
وكانت وزارة الزراعة، قد أعلنت في عام 2020، عن حاجة العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، بالإضافة إلى إطلاقها مشروعا يرتكز على توزيع الشجيرات إلى البلديات في بغداد والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني مجاناً لزراعتها داخل المدن وحولها لتدعيم الحزام الأخضر لمنع زحف الصحراء نحو المدن.
وتعاني المنطقة العربية ككل من آثار التأثيرات السلبية للمناخ، وفي العراق فإن نسبة التصحر في الأراضي المروية تبلغ نحو 71 بالمئة، حيث تراجعت مناسيب المياه بشكل كبير وأبرزها نهر الفرات الذي أثر جفافه على محافظة الأنبار والأهوار والمحافظات الجنوبية.
إلى ذلك، يؤكد الباحث في الشأن القانوني، حيدر الشمري، أن “العديد من القوانين والقرارات التي تحمي البيئة موجودة، لكن عدم تطبيقها هو ما يؤسف له، خاصة أن معظم التجاوزات على الأشجار والأراضي الزراعية تتم إما من قبل إجراءات حكومية متعمدة، أو بسبب الإهمال وعدم الرقابة”.
وفي قراءة لقانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009، يشير إلى أن “المادة 18 من هذا القانون منعت قطع الأشجار المعمرة في المناطق العامة داخل المدن إلا بأذن من رئيس مجلس حماية وتحسين البيئة في المحافظة”، لافتا إلى أن القانون “حدد الأشجار المعمرة بالتي يصل عمرها (30) ثلاثين سنة فأكثر، لكن هذا تقصير تشريعي، فالأشجار الأقل عمرا يجب أن لا تقطع أيضا”.
ويضيف الشمري، أن “القانون منع أيضا قطع أشجار الغابات إلا بعد استحصال موافقة الجهات المعنية بمنح التراخيص وفق معرفة الإنتاج السنوي للدونم الواحد”، لافتا إلى أن “المخالف لأحكام هذا القانون يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر، أو بغرامة من مليون إلى عشرين مليون دينار أو بكلتا العقوبتين”.
وأفاد بأن “القانون خصص مكافآت أيضا في المادة 31 التي أعطت للوزير حق منح الأشخاص الذين يقومون بأعمال أو مشروعات من شأنها حماية البيئة وتحسينها مكافآت يحدد مقدارها وكيفية صرفها بتعليمات يصدرها وفقا للقانون”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط