ضحايا الغرق .. نشطاء يتخوفون من تحول طاطا إلى “عاصمة للفواجع الصيفية”
يبدو أن “موسم الفواجع” قد بدأ رسميا ببعض المناطق تزامنا مع بداية فصل الصيف الذي يدفع إلى اختيار مناطق للاستجمام والسباحة، كيفما كانت، وربما هذا الأمر يتحقق بجهة سوس ماسة، وتحديدا بإقليم طاطا الذي انطلق به رسميا تعدادُ ضحايا الغرق.
ليس موضوع الغرق جديدا على هذه المنطقة التي تفوق فيها درجات الحرارة العادلة في موسم الصيف 45 درجة مئوية، حيث باتت تُحصي كل سنة ضحايا من شبابها أو من الأجانب الذين يختارون السباحة في الوديان أو مراكز تجميع المياه الموجهة للسقي الفلاحي التي لا تتوفر على المعايير السليمة للاستجمام.
مناسبة هذا القول، غرق شاب، كان قيد حياته يعمل موظفا بالسجن المحلي بمدينة طاطا، يوم الأحد الماضي في أحد الصهاريج الفلاحية بدوار “أسا”، التابع للجماعة الترابية “تاكموت”، حيث جرى انتشال جثته بحضور الوقاية المدنية وعناصر الدرك الملكي، معيدا إلى الواجهة مدى تسبُّب النقاط المائية بالإقليم في إزهاق أرواح بشرية كل سنة.
وتودي صهاريج جماعة “تاكموت” ووديان “المْرَارْ” بجماعة طاطا وشلالات العتيق بجماعة “تسينت” بحياة شبان كل سنة، حيث سبق أن عرفت هذه المناطق حالات غرق خلال السنوات الماضية تعود لشبان في العشرينات من أعمارهم، ما بات يجعل من إقليم طاطا، حسب المحليين، “مركزا للغرق على الصعيد الوطني”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه النقاط السوداء التي تعرف حالات الغرق كل سنة هي غير مهيكلة، ولا تنضوي تحت لواء جهة ضبطية معينة، بل هي منتزهات طبيعية وفلاحية تستقطب الشباب، وهو ما دقت الهيئات المدنية المحلية بخصوصه ناقوس الخطر بعد أن اتضح، بحسبها، أن “هذه الوقائع باتت موسمية وتطرح بجدية واقع المنشآت الترفيهية بالإقليم”.
محمد الهلالي، فاعل مدني، قال إن “مناخ المنطقة يدفع الشباب والأهالي إلى اختيار الاستجمام ببعض الأحواض المتواجدة بالمنطقة وهي في الأصل موجهة لتجميع المياه الفلاحية وليس للسباحة، فضلا عن بعض الوديان التي تزخر بالثروة المائية، غير أنها رغم ذلك تُفجع الساكنة كل سنة في أبنائها التواقين إلى قضاء عطلة الصيف في أجواء مميزة”.
ولفت الهلالي، مُصرّحاً لهسبريس، إلى أن “الأماكن الترفيهية جد معدودة بالإقليم، وبعضها متركز في المآوي السياحية التي لا تناسب القدرة الشرائية للشباب، وهو ما يجعلهم يقصدون المناطق السوداء الكائنة بتراب الإقليم، في وقت من المهم جدا أن تبقى هذه الفئة السنية في مأمن من كل المخاطر المحدقة بها”.
وذكر المتحدث أن “الشبان يغرقون كل سنة في هذه المنطقة، وهو ما يستوجب أن ندق حُياله ناقوس الخطر، مما قد يحيي الآمال حول برمجة تشييد مسابح ضمن دورات المجالس الجماعية بالإقليم، فكل سنة يجب أن نشيد 4 مسابح بمواصفات عصرية كمثال”، موردا أن “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت من أجل هذا الهدف في الأساس، أي تثمين الرأسمال البشري وخلق المتنفسات الاجتماعية للمواطنين في عمق المناطق الهامشية”.
بدوره، أرجع رشيد الكوض، عضو الشبكات المدنية بالمنطقة، هذه الفواجع إلى غياب المناطق الترفيهية الموجهة لاحتضان تطلعات ورغبات الشباب، حيث إن المنطقة “باتت معروفة على الصعيد الجهوي بأنها تودّع كل سنة ما يصل إلى 5 أفراد من شبابها، ذلك أنها تتوفر على عدد من النقاط السوداء غير المهيكلة التي تلجأ إليها الفئة الشابة بحثا عن عيش أجواء الصيف”.
وقال الكوض، في تصريح لهسبريس، إن “هذه النقاط السوداء عبارة عن صهاريج فلاحية، ووديان تمتلئ بمياه الأمطار وتستقطب شبانا يصيرون في عداد الأموات بعدها، وهو ما يحلينا دائما إلى عدم توفر مسبح يمكنه أن يجذب أبناء المنطقة، وقد كان هناك مسبح بمركز مدينة طاطا قبل أن يوصد أبوابه”.
وأضاف المتحدث أن “طبيعة المنطقة الواحية وتوفرها على بعض المناطق للسباحة غير المهيكلة، عامل جعلها قبلة لشباب قاطنين بمناطق بعيدة، على الرغم من كونها مهمشة من ناحية البنيات التحتية الترفيهية، مما يثير مسؤولية المنتخبين وأهل الحل والعقد بالمنطقة، حيث إن كل شاب يغرق هو مأساة للأسر والمنطقة”، مشددا على ضرورة توفير بدائل حتى لا ترتفع الحصيلة مجددا.
المصدر: هسبريس