مديرة مكافحة العنف: ارتفاع أعداد الضحايا مع اتساع رقعة النزاع و تضارب الإحصائيات لضعف التنسيق
بالرغم من ارتفاع أعداد ضحايا العنف الجنسي في السودان خاصة بعد الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل من العام الماضي، إلا أن هنالك اختلاف وتضارب في الأرقام، التي تصدر من جهات متعددة تعمل في مجال الرصد والتوثيق، وبعضها يقدم خدمات صحية للناجيات، إلا أن هذا الأمر يشير لغياب التنسيق فيما بينها.
وأرجعت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل “الحكومية” التابعة لوزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية، د. سليمى اسحاق، في حديث لـ”راديو دبنقا”، أرجعت، التضارب في تقارير المنظمات حول أرقام ضحايا العنف الجنسي المعلنة، لتعدد مصادر المعلومات من منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الحكومية العاملة في المجال، وضعف التنسيق بين الوحدة والمنظمات الحقوقية من جانب وبين الوحدة المؤسسات الحكومية ذات الصلة من جانب آخر وأضافت “على سبيل المثال ظهرت وزارة الصحة مؤخرًا بأن لديهم أرقام مختلفة عن الوحدة، وهذه واحدة من مشاكل ضعف التنسيق.
وتشير سليمى إلى أن الوحدة لا تعتمد في إحصاءاتها أي حالة من ضحايا العنف الجنسي التي لم تقدم لها خدمات صحية لكنها تتناولها في السياق، وتقول بأن هنالك منظمات لم تسمها تستأثر بالمعلومة لنفسها وعابت على بعضها اعتماد بعض الحالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويحظر القانون الدولي الإنساني على أطراف النزاع المسلح تعمّد إيذاء المدنيين. وتحظر المادة (3) المشتركة في اتفاقيات جنيف لعام 1949 والقانون الدولي الإنساني العرفي، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي. وفقًا لما ورد في موقع “الجزيرة نت”.
تضارب الإحصاءات
وعلى الرغم من ضعف التنسيق بين الوحدة والشركاء في المجال، إلا أن د. سليمى اسحاق تؤكد على أهمية العمل من أجل معالجة هذه المشكلة الضعف باعتبارها الحلقة الأضعف في كل هذه الجهود، ورأت أن الوحدة كآلية تنسيقية دائمًا ما تبادر وتتصل بجميع الجهات ذات الصلة من أجل تقوية العلاقات والصلات وتبادل المعلومات بما ينعكس على العمل بنتائج حقيقية.
وتؤكد أنها سعت للتنسيق مع شبكة نساء القرن الإفريقي “صيحة” كواحدة من الشركاء في المجال لتوحيد المعلومات، لكن تسبب انقطاع الاتصالات والانترنت في قطع التواصل معها ومع مندوبيها في السودان.
وارتفع عدد ضحايا العنف الجنسي من 157 إلى 191 منذ بداية حرب الخامس عشر من أبريل 2023 حسب مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، د. سليمى اسحاق لـراديو دبنقا.
كشف تقرير صادر عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان وفي فبراير من هذا العام عن تعرض ما لا يقل عن 118 شخصاً للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب، من بينهم 19 طفلاً.
ووثقت شبكة نساء القرن الأفريقي “صيحة” أكثر من 200 حالة عنف جنسي حتى آخر يناير من هذا العام. وأوضحت الشبكة أن هذه الإحصائية لم تتضمن الانتهاكات التي وقعت ولاية الجزيرة بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت. كما لم تشمل ولايتي شمال وغرب دارفور باستثناء اللائي وصلن إلى مناطق خارج سيطرة قوات الدعم السريع.
من جانبها أكدت عضو هيئة محامو الطوارئ رحاب مبارك في تقارير إعلامية إجهاض 20 ناجية بشكل قانوني بعد اغتصابهن من قبل قوات الدعم السريع وأعلنت عن طلب 370 ضحية للبروتوكول السريري لمعالجة الاغتصاب.
ورصدت حملة معًا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي التي دشنت اعمالها رسمياً في يناير الماضي، في تقريرين، 245 حالة اعتداء جنسي معظمها لإناث وسبعة حالات ذكور.
حقائق مفزعة
وأبدت مديرة وحدة مكافحة المرأة والطفل د. سليمى أسحق في الحديث لـراديو دبنقا، عن استيائها من أن انقطاع الاتصالات والانترنت التي دائمًا ما يتسبب في عدم تمكينهم من الحصول على المعلومات وعدم قدرتهم في التوثيق مع الضحايا كذلك يتسبب انقطاع التواصل مع الشركاء في الحكومة والمجتمع المدني.
وتقول أن انقطاع الاتصالات والانترنت قد لا يمكنهم من معرفة معلومات كثيرة ولفترة طويلة، كما أن الوحدة تواجه معوقات تتعلق بالأسر السودانية أيضَا كونها لازالت تتكتم على المعلومات خوفًا من الوصمة والعار، وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يقع في بعض الولايات التي اقتحمتها قوات الدعم السريع والتي غالبًا ما تتهم بارتكاب جرائم عنف جنسي موثقة وفق تقارير دولية.
الموقف في الجزيرة، برأي سليمى اسحاق، مع انقطاع التواصل والتهديد الأمني لا يخلو من قصص عن أهوال يرويها القادمين من هناك، غير أنها لا تملك أرقامًا وإحصائيات عن حجم الجرائم وعدد الضحايا والناجيات.
أما في دارفور فقد قالت أن الوحدة لا تنشر أية معلومات عن دارفور حتى لو توفرت لديها، لكنها تتبادلها مع وزارة الرعاية الاجتماعية التي تعمل تحت إشرافها، كما تتبادل نفس هذه المعلومات والتقارير أيضًا مع منظمات الأمم المتحدة، وبررت عدم الإفصاح عن هذه المعلومات بضرورة الحفاظً على سلامة العاملين هناك من الاغتصاب أو القتل أو الاعتقال أو أي شكل من أشكال الانتهاكات خاصة والمناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
لكنها عبرت عن مخاوفها من أنه حال توقفت الحرب فإن المعلومات التي سيتم الحصول عليها ستكون أفظع بكثير مما هو متاح الآن، وقالت “حين تضع الحرب أوزارها ويتم وقف اطلاق النار ستظهر حقائق مفزعة أكثر من تلك التي تم توثيقها الآن”، وقالت على سبيل المثال، المشاكل التي واجهت البعض في الوصول للمناطق الآمنة والبعيدة ستكون فيها معلومات أكبر فظاعة مع الأسف، على حد تعبيرها.
الوحدة آلية تنسيقية:
وتعيد سليمى أسحق مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل التأكيد بأن الوحدة لا تقدم خدمات مباشرة باعتبارها لا تقوم بإجراء المقابلات مع الضحايا والناجيات لكنها تقوم بتنسيق الخدمات لأنها آلية تنسيقية لتقديم الخدمات الصحية لكن دائمًا ما تواجه الوحدة مشكلة في عدم توفر هذه الخدمات نفسها.
وأوضحت سليمى في حديثها لـراديو دبنقا أن عمل الوحدة كآلية تنسيقية يقوم على الشراكات مع منظمات المجتمع المدني من نفس المجتمعات المحلية، وذكرت أنه في فترة ما قبل الحرب كانت لديهم شراكات أيضًا مع بعض الجمعيات النسوية الصغيرة التي تنشط في التعاونيات داخل الأحياء مثل جمعيات نساء بيع الأطعمة والمشروبات، مثل جمعية “ماما عوضية” وغيرها، في دار السلام ومايو، لأن هنالك جرائم اغتصاب وقعت أثناء الحرب، سواء كانت وسط النساء أو الأطفال، والأسر لا تقوم بالإبلاغ عن هذه الانتهاكات، واعتبرت أن مثل هذه الشراكات تجعل لهم كوحدة وجود دائم وسط هذه المجتمعات.
وتشير إلى أن بعد نشوب الحرب تطورت وتوسعت هذه الشراكات مع منظمات مجتمع مدني أخرى مثل شبكة نساء القرن الإفريقي “صيحة”، و”ندى الأزهار”، وعدة منظمات أخرى فيما يتصل بتبادل المعلومات في قضايا العنف على النوع الاجتماعي، هذا بخلاف المعلومات التي تتلقاها الوحدة من قبل العاملين في الوزارة الصحة.
وتضيف بأن العاملين في وزارة الصحة من أطباء ومساعدين طبيين كانوا متواجدين أيام الحرب وكانوا يقومون بواجبهم وبالتالي ساهموا في تقديم مساعدات بشكل كبير في رفع التقارير، هذا بجانب قيامهم بالتدخلات السريعة لأنها مبنية طبعاً على المعرفة الجيدة لكونهم مختصين في المجال وخاصة في المعالجة السريرية لضحايا الاغتصاب واعتبرت أن هذه الآلية مكنتهم في الوحدة في الحصول على المعلومات.
دبنقا
المصدر: صحيفة الراكوبة