ماذا سنفعل حين تضع الحرب أوزارها ؟
حسين عبدالجليل
مثلها مثل أي حرب في تاريخ البشرية , ستنتهي , إن شاء الله , هذه الحرب اللعينة التي أستعرت في سوداننا الحبيب. حينها سنورث مدنا مدمرة , أجيالا فاتها قطار التعليم , معاقون بالالوف مرضي نفسيون جدد بعشرات الألوف , بنية تحتية مدمرة , عدد كبير من النساء والفتيات اللأتي مازلن يعانين من أثار الاغتصاب المدمرة نفسيا وجسديا وروحيا.
فماذا نحن فاعلون حيال ذلك , حينها؟
في هذا المقال سأجيب علي سؤالي أعلاه بمقترح موجه للسودانيين والسودانيات المغتربين والمهاجرين في أرض الله الواسعة. وهم ممن لم يذوقوا ويلات الحرب وأن كان معظمهم قد أكتوي بلهيبها النفسي والمادي. فهذه الشريحة من السودانيين رغم بعدها عن الوطن الذي يحترق الآن , فقد تكفل كثير منهم بنفقات معيشة بعض أقربائهم وأصدقائهم خلال هذه المحنة التي لم يشهد لها السودان مثيلا منذ القرن التاسع عشر.
لاشك أن بين المهاجرين والمغتربين السودانيين (رجالا و نساء) عدد كبير من المتخصصين في مختلف المجالات الاطباء (اطباء علم نفس , أطباء تخصص أطفال .. الخ), مهندسين بمختلف مجالات الهندسة , فنيين في مختلف المجالات , معلمين , ممرضات وممرضين … الخ.
علي هؤلاء المهنيين البحث عن أفضل الطرق التي تتيح لهم تنظيم أنفسهم لخدمة وطنهم الجريح بعد الحرب , ولهم في منظمة (الاطباء السودانيين بامريكا سابا ) خير مثال.
فقد قدم تجمع الأطباء السودانيين بأمريكا “سابا” معدات طبية لعدة مستشفيات بالسودان وساهم في تدريب الاطباء بالسودان , ومن أنجازات سابا الكثيرة اذكر تقديمهم خلال الحرب لإمدادات طبية إلى المستشفى الجنوبي بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور , كما أنشأت المنظمة في عام 2022م مصنعا للأوكسجين بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور تبلغ سعته الإنتاجية حوالى 140 أسطوانة فى اليوم يغطى خدمات الأوكسجين ولايات دارفور الخمس (لا أدري أن كان المصنع مازل عاملا بعد الحرب ام تم تدميره ) , هذا قليل من كثير فعله تجمع الاطباء السودانيين بامريكا لوطنهم السودان , وفيما قدموه من خدمات نموذجا عمليا لبقية المهنيين السودانيين بالخارج الذين أتمني أن يتخذوا خطوات عملية لتظيم أنفسهم في مجموعات عمل ومناقشة مايمكنهم تقديمه لوطنهم حال انتهاء الحرب.
هنالك شريحة أخري هامة من المهنيين السودانيين خارج السودان , وأعني بذلك من بلغ منهم سن المعاش ويقيم في الخليج او في بلاد الغرب الا أنه مازال قادرا علي العطاء. هؤلاء سيكون معظمهم في غاية الرضا والسعادة لو طلبت منهم أي جهة سودانية رسمية , بعد الحرب , القدوم للسودان للأستفادة من خبراتهم . معظم هؤلاء لديهم المقدرة المالية التي ستتيح لهم السفر والاقامة بالسودان مؤقتا والخدمة تطوعا في أي موقع دون أن يكلفوا الدولة السودانية أي نفقة.
أتمني أن يفكر قطاع كبير من المهاجرين والمغتربين السودانيين حول مايمكنهم تقديمه لبلدهم المنكوب بعد انتهاء هذه الحرب اللعينة وأن ينظروا لهذا الأمر بجدية , ويناقشونه في قروباتهم , ومن ثم يقومون بتنظيم أنفسهم في مجموعات عمل . بعد انتهاء الحرب يمكن لمجموعاتهم المختلفة التواصل مع السلطة الانتقالية التي ستدير مقاليد الأمور في البلاد والتنسيق معها حول ذلك ولو تطلب الأمر أنشاء وزارة مؤقتة أو مفوضية مؤقتة للأدارة والتنسيق.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة