“زحف الثعبان” .. خطة الثالوث الصهيوني لابتلاع الضفة
23 يونيو 2024آخر تحديث :
_ الكاتب: موفق مطر – تسجيل وزير المالية المسرب (بتسلئيل سموتيريتش) اثبات جديد على ما حذرت منه القيادة الفلسطينية مرارا، بأن حكومة بنيامين نتنياهو تخطط لابتلاع الضفة الغربية، بالتوازي مع عملية تهويد القدس الشرقية، لتحقيق هدف منع قيام دولة فلسطينية مترابطة جغرافيا، عبر تقطيعها بالاستيطان اليهودي، والمواقع والحواجز العسكرية الثابتة، وإضعاف مؤسسات دولة فلسطين، بقرصنة اموال الضرائب الفلسطينية، والسطو على اعمدة الاقتصاد الفلسطيني، ونهب الثروات الطبيعية من أرض الدولة الفلسطينية المعترف بها بقرارات الشرعية الدولية .. ومع حملة ابادة جماعية على الشعب الفلسطيني، بلغت ذروتها الدموية في قطاع غزة.
اللافت في الأمر أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية نشرت مضمون التسريب، حيث بات الجمهور الأميركي على علم بمخططات حكومة نتنياهو وإجراءاتها العملية على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1967، ومدى تعارضها مع الموقف الرسمي الأميركي المعلن باعتبارها: “أرضا محتلة” لكننا نعلم أن الادارات الأميركية المتتابعة لا تريد تجسيد موقفها عمليا، وتحويله إلى قرارات، وقوانين نافذة في الكونغرس لأميركي، نظرا لعقلية الدولة الاستعمارية العميقة المسيطرة على هياكل الولايات المتحدة الأميركية السيادية، والناظمة لسياساتها الخارجية تحديدا!
أما رقم واحد الحاكم والمقيم في البيت الأبيض، فإنه يعلم بشتى الوسائل ليس بمخططات حكومات اسرائيل وحسب، بل نوايا وزرائها ورؤساء احزابها، وسيكون مضحكا تصريح الادارة الأميركية بمنطق المتفاجئ! أو القلق من تداعيات خطة حكومة نتنياهو الثعبانية لابتلاع الضفة بصمت! فثالوث الصهيونية الدينية والسياسية سرا وعلنا للالتفاف والتحايل على القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، ليس هذا وحسب، بل بتجديد الاحتلال العسكري والاستيطاني (الاستعمار) والسيطرة على كامل فلسطين التاريخية والطبيعية.
حمل التسريب تفاصيل اجتماع لسموتيرتش مع مستوطنين بالضفة يوم 9 حزيران/ يونيو الحالي، حيث اعترف بدعم نتنياهو لخطة تقضي بسيطرة مدنية اسرائيلية في الضفة، حسب “نص الاتفاق الائتلافي بين الليكود والصهيونية الدينية” وأن هدف الخطة التي وصفها “بالحدث الدراماتيكي الكبير، هو: “منع يهودا والسامرة – أي الضفة الغربية – من أن تكون جزءا من دولة فلسطينية مستقبلية” عبر: “نقل صلاحيات من الجيش إلى جهات مدنية تتبع له بوزارة الأمن” أي تتبع الضلع الثالث في ثالوث الصهيونية الدينية وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير.. وفعلا:” أنشئت منظومة مدنية منفصلة لذلك”.. ولنا أن نتخيل كيف تمت التعمية على هذا المخطط وتنفيذه وراء غطاء من دخان (خلافات مصطنعة) بين اركان الصهيونية الدينية ووزير الحرب الاسرائيلي (يوآف غالانت) فهل يعقل أن معلومات واشنطن عن اعمال وقرارات (غالانت) صفر؟! بالتأكيد لا، لكن الخداع متأصل، حتى بنيامين نتنياهو ذكر مكتبه بعد التسريب: “إن الوضعية النهائية للضفة سيحددها الطرفان من خلال المفاوضات المباشرة، وهذه السياسة لم تتغير”.
كشف سموتيريتش تفاصيل ملف الاحتيال على العالم – وهو المكشوف سلفا- بقوله: “إن الخطة ستسهل علينا ابتلاع الأمور على الصعيد الدولي والقانوني، حتى لا يقولوا إننا نضم المنطقة. فالجيش حاليا لا يزال في قلب إدارة الصلاحيات في الضفة الغربية المحتلة.. لذلك فإن جهات مدنية تعمل في وزارة الأمن ولا تعمل لدى ضباط بالجيش، ستشرف على معظم عملية توسيع البناء في الضفة ، ومصادرة الأراضي وشق الشوارع”.
لم تكن سياسة نتنياهو مع حماس قبل وبعد الانقلاب الدموي 2007 وتمكينها بالمال باعتبارها مصلحة استراتيجية لإسرائيل إلا في سياق هدف منع قيام دولة فلسطينية، واليوم بعد تدمير قطاع غزة وإخراجه بالمجازر والتدمير الشامل عن منطق الحياة والعيش الكريم، يستكمل نتنياهو خطته القديمة المحدثة في الضفة الغربية، بعد اطمئنانه أن بايدن لن يلغي قرار سلفه ترامب باعتبار القدس عاصمة موحدة للدولة القائمة بالاحتلال والاستيطان “اسرائيل”.