قفزة نوعية في مؤشر السلام .. الأمن والاستقرار يرفعان جاذبية الاستثمار بالمغرب
كشف مؤشر السلام العالمي 2024، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP) في سيدني، أستراليا، عن تقدم ملحوظ للمملكة على مستوى سلم مؤشرات السلام العالمية، حيث حل المغرب في المرتبة 78 عالميًا، متقدمة بستة مراكز عن العام الماضي، مما يُعدّ مؤشرًا هامًا على تحسن مؤشر السلام خلال فترة زمنية قصيرة.
ويعزى هذا التقدم حسب المصدر ذاته إلى جهود المملكة في الحد من مستويات العنف الداخلي والدولي، وتعزيز الأمن المجتمعي، وبحسب المؤشر، تمكن المغرب من تقليص العبء الاقتصادي للعنف بشكلٍ كبير، حيث أضحى يمثل ما يناهز 7.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يضع المملكة في المرتبة 76 في هذا المعيار، ويؤكد استقرار المملكة على المستوى الاقتصادي.
هشام معتضد خبير الشؤون الاستراتيجية، أكد في تصريح لـ “العمق”، أن أهمية مؤشر السلام العالمي تكمن في إرسال إشارات معينة حول وضع المسالمة النسبي للدولة ومدى مناخها الداخلي من حيث الأمن والسلام والإستقرار السياسي وتوجهاتها التدبيرية لقطاعات الحرب والدفاع والتنمية الإجتماعية والإقتصادية.
وأوضح المتحدث أن المؤشر يأخذ بعين الاعتبار العديد من الأبعاد التي لها علاقة مباشرة باستتباب الأمن والسلام فوق التراب الوطني للدولة وتحركات فرقها الأمنية والعسكرية خارجها، ومن ضمن المؤشرات التي يعتمد عليها الخبراء الساهرين على إعداد هذا التصنيف الدولي: عدد الحروب الداخلية والخارجية المشارك فيها، تقديرات أعداد الوفيات الناجمة عن الحروب الخارجية والداخلية.
وتابع: “مستوى الصراع الداخلي، العلاقات مع المحيط الإقليمي، مستوى عدم الثقة في المواطنين الآخرين، عدد المشردين كنسبة مئوية من السكان، عدم الاستقرار السياسي، احتمال وقوع أحداث إرهابية”.
وأشار المحلل إلى أن “هذا التصنيف يعتبره العديد من المستثمرين الدوليين كمرجعية تقنية في تدبير استثمارات رؤوس الأموال، وتهتم به الدول من أجل التسويق لمناخ الاستقرار الشعبي والسياسي في خضم المنافسة الدولية على إستقطاب الإستثمارات الخارجية والترويج لواجهتها السياحية عالميا.
واعتبر خبير الشؤون الاستراتيجية، أنه على رغم من كون هذا التصنيف “نسبي” من منظور البراغماتية السياسية والتدبير الواقعي للشأن الدولي، إلا أن المنهجية المعتمدة في بلورته قد تساعد العديد من الفاعلين الدوليين على رسم صورة أولية حول مناخ الاستقرار والسلم في البلد.
وأقر المتحدث بأن المغرب يحاول منذ عقود على بذل جهود كبيرة من أجل ضبط الإستقرار السياسي والمساهمة في استتباب الأمن الإقليمي ودعم ثقافة السلام الدولية، ليس فقط من أجل البحث عن تصنيف إيجابي في جداول المؤشرات العالمية أو بحثا عن الجاذبية وتعزيزها، و لكن قبل كل شيء، لإيمانه العميق بقيم السلام والإستقرار كركيزة رئيسية في صون التعايش العالمي وتقوية الجبهة الداخلية.
وأضاف: “صحيح أن التقدم الملحوظ الذي يحققه المغرب في تصنيفات السلام العالمي تعزز جاذبية الرباط من منظور الثقة الدولية في البناء المؤسساتي والاجتماعي للمملكة، لكن الأهم أن هذا التقدم الإيجابي يترجم نجاح التوجهات الإستراتيجية للقيادة في الرباط والتي تسعى في الحفاظ على المكتسبات السلمية والبناء الأمني والدفاعي للمغرب وتطويره من أجل مناخ سلمي داخلي يساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد.
وحسب المصدر ذاته فإن هذا التقدم سيساهم بدون شك ليس فقط في جلب المزيد من المستثمرين والسياح الأجانب، لكن في دعم التنمية الإجتماعية و خلق بيئة بنَّاءة في الدفع بالعمل السياسي والشأن العام إلى مزيد من الإنتاجية الإيجابية والتطور المؤسساتي الضروري لتقوية لحمة الأمة وبناء الهوية الوطنية.
وخلص المتحدث إلى القول العديد من الشركات الدولية والمنظمات الإستراتيجية تعتمد كثيرًا على هذا النوع من المؤشرات التقنية في بناء تصور مبدئي حول إختيار الرقعة الجغرافية للاستقرار أو الاستثمار أو تنزيل مشاريع إستراتيجية، وبالتالي فالمتوقع الجيد للمغرب في هذا النوع من التصنيفات يساعده من دون شك في تقوية سياسات جذبه الإستراتيجية لهذا النوع من المؤسسات والمنظمات.
هذا، وقد احتل المغرب على مستوى المغرب العربي، المرتبة الثانية بعد تونس (74 عالميًا)، متقدماً بكثير عن الجزائر (90) وموريتانيا (95) وليبيا (128).
وعلى مستوى العالم العربي، حققت الكويت (25) تحسنًا في مؤشره، متجاوزًا بشكل كبير قطر (29) وعمان (37) والإمارات العربية المتحدة (53) والأردن (67).
هذا ويُصنّف مؤشر السلام العالمي لمعهد الاقتصاد والسلام 163 دولة وإقليمًا بشكل عام، يغطون 99.7٪ من سكان العالم، بناءً على أكثر من 20 مؤشرًا.
المصدر: العمق المغربي