قطاعات مغربية تراهن على مأسسة الذكاء الاصطناعي لرفع نجاعة الخدمات
لم يعد خافيا مدى الاهتمام المغربي بالذكاء الاصطناعي كواقع جديد يرجى التعامل معه بحزم ومحاولة الاستفادة منه عبر دراسة اعتماده بعدد من القطاعات الوطنية والمرافق العمومية، بما يرفع من المردودية ونجاعة الخدمات.
وتأكد جليا خلال الفترة الأخيرة أن المملكة دخلت مرحلة السرعة القصوى من أجل التوظيف الأمثل لهذه التقنيات، إذ ما فتئ وزراء ومسؤولون بإدارات عمومية يؤكدون الاعتماد الوشيك عليها، في الوقت الذي أكد المغرب من داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، أمس الخميس، أهمية الانخراط في الذكاء الاصطناعي كرافعة اقتصادية وتنموية بالقارة.
ومن جوانب الاهتمام المغربي بهذه التقنيات، نذكر احتضان المملكة المركز الدولي للذكاء الاصطناعي (AI Movement) بقلب جامعة محمد السادس متعددة التخصصات، فضلا عن المشاركة في بلورة أول قرار أممي يهم الموضوع حصد دعم 123 دولة قبل أن يتم اعتماده من قبل منظمة الأمم المتحدة قبل أشهر.
وبالموازاة مع خوضه في تنزيل ورش الرقمنة الشاملة في أفق 2030، يبدو أن المغرب بات على مشارف التوظيف الفعلي لهذه التقنيات بعدد من المجالات، بما فيها المحاكم والمستشفيات، خصوصا بعد التقدم الذي أحرزه فيما يتعلق بتأسيس المنظومة القانونية الخاصة باستغلال هذه التقنيات الذكية.
ريادة مغربية
الطيب الهزاز، خبير في النظم الرقمية، قال إن “الأولوية في اعتماد الذكاء الاصطناعي بالمملكة يجب أن تُعطى للقطاعات الإدارية والمرافق الحيوية بالمملكة التي تعرف نشاطا مكثفا، حيث إن اعتماد هذا الذكاء بإمكانه أن يساهم في الرفع من جودة الخدمات والمردودية كذلك، خصوصا إذا استحضرنا كون المغرب يعول على عدد من القطاعات، بما فيها السياحة”.
مُصرّحا لهسبريس، أوضح الهزاز كذلك أن “التوجه نحو اعتماد هذه التقنيات بالمحاكم يظل مثمنا كذلك بفعل كونه إدارة حيوية بالمملكة، هذا إلى جانب اعتماده بمجال الأمن والدفاع الذي يسعى المغرب إلى تطويرهما بما يضمن نجاعتهما”، متابعا: “المغرب حاول بجد مأسسة الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الحالية ضامنا لنفسه الريادة بالقارة إلى درجة أن اسمه يذكر كذلك على المستوى العالمي كمهتم فعلي بالذكاء الاصطناعي”.
ولفت المتحدث إلى أن “المغرب يملك مختلف الوسائل من أجل مأسسة هذه التقنيات الجديدة حتى يكون رائدا ويجعل التقنيات الجديدة للذكاء الافتراضي ترفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين بمختلف المرافق العمومية للدولة، حيث إنه يمتلك نخبة من الطراز الرفيع بإمكانه الاعتماد عليها من اجل تحديد الخطوات الإجرائية المقبلة بعدما بات الذكاء الاصطناعي أمرا واقعا لا ريب فيه”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس حول الذكاء الاصطناعي وفرص الشغل وتحديات خفض منسوب البطالة، بيّن الخبير في النظم الرقمية أن “القول بأن هذه التقنيات الجديدة تهدد اليد العاملة أمر غير سليم؛ لأن لذكاء الاصطناعي سيتدخل في الحالات التي تتطلب المرونة والسرعة والنجاعة”، داعيا الطلبة والباحثين إلى “التركيز في مشوارهم المعرفي على هذا الواقع الجديد بهدف التعرف عليه لتجنب الاصطدام مع أرض الواقع مستقبلا”.
واقع محتوم
ثمّن يونس إلالة، خبير في التحول الرقمي، الخطوات المغربية من أجل مأسسة الذكاء الاصطناعي وجعله في خدمة الصالح الوطني ضمن قطاعات اقتصادية واجتماعية بعينها. فالمغرب، بحسبه، “قطع أشواطا كبرى في الرقمنة خلال السنوات الماضية، مما يُمْكن تعزيزه بالانفتاح المكثف على الذكاء الاصطناعي”.
وذكر إلالة أن “سرعة الذكاء الاصطناعي باتت أكبر من سرعة تحولنا الرقمي، مما فرض علينا كدولة السعي نحو الاستفادة من التقنيات الجديدة ومحاولة توظيفها من أجل الرفع من الإنتاجية والجودة بعدد من المناحي”، لافتا إلى أن “المغرب رائد قاريا في السعي نحو توظيف الذكاء الافتراضي وإخراج نصوصه القانونية إلى حيز الوجود”.
وزاد أن “الذكاء الاصطناعي واقع محتوم على المغاربة أن ينخرطوا في دراسته والتخصص فيه بما يمنحنا يدا عاملة في المستقبل يمكنها أن تطور برامج معلوماتية ذكية للتوظيف الإداري، حيث إن المملكة تتوفر اليوم على كفاءات مؤهلة قامت بتطوير بعض البرامج التي يرتقب توظيفها ببعض القطاعات”.
مثلُه مثل الطيب الهزاز، أشار يونس إلالة إلى أن “البطالة تفرض نفسها خارج نطاق اعتماد الذكاء الاصطناعي، وليست مرتبطة به تحديدا، والمغاربة اليوم في حاجة إلى خدمات في المستوى والجودة وعليهم كذلك الاهتمام بالبحث العلمي في هذا الصدد بما يمنحهم المعارف مستقبلا”.
المصدر: هسبريس