مختبر يبتكر هياكل هجينة لإنقاذ الشعاب المرجانية.. كيف تعمل؟
belbalady.net دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) تشتهر مدينة ميامي بيتش بولاية فلوريدا الأمريكية بالهياكل المصنوعة على طراز “آرت ديكو”، ومياهها فيروزية اللون. ولكن قبالة سواحل هذه المدينة الملونة،تتدهور حالة البيئة تحت الماء.
تمتد الشعاب المرجانية في فلوريدا لمسافة 563 كيلومترًا تقريبًا، كما أنّها تحتضن نحو 40 نوعًا من الشعاب المرجانية التي لا توفر الغذاء والمأوى للحياة المائية فحسب، بل تساهم أيضًا في حماية المجتمعات الساحلية من أضرار العواصف.
مثل الشعاب المرجانية الأخرى، عانى النظام البيئي النابض بالحياة من آثار تغير المناخ على مدى العقود القليلة الماضية، وأبلغت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) مؤخرا عن حدوث ابيضاض جماعي عالمي رابع، وهو الثاني الذي حصل في العِقد الماضي.
يحدث التبييض عندما تتعرض الشعاب المرجانية للضغط بسبب التغيرات في بيئتها، وتطرد الطحالب الملونة التي تعيش فيها، ومن ثم يتحول المرجان إلى اللون الأبيض، ويبدأ في فقدان قوته.
وقال الأستاذ المشارك في علم الأحياء البحرية والبيئة في جامعة “ميامي”، دييغو ليرمان: “إذا استمر التبييض لفترةٍ طويلة، تموت الشعاب المرجانية”.
ويدير ليرمان مختبر “Rescue a Reef” الذي يهدف إلى المساعدة في الحفاظ على هذا الموئل القيّم، والضعيف، واستعادته.
وأكّد ليرمان: “تحمي النظم البيئية الساحلية الشواطئ من تأثيرات العواصف والأمواج. إنّها مطبات السرعة الخاصة بالمحيط”.
وقبالة ساحل شمال ميامي بيتش، يقود ليرمان تجربة تحت الماء تجمع بين الشعاب المرجانية الطبيعية والهياكل الاصطناعية، ما يؤدي إلى إنشاء شعاب مرجانية هجينة يأمل أن تحاكي تأثيرات الشعاب المرجانية الحقيقية.
“مطبات السرعة الخاصة بالمحيط”
أصبحت الشعاب المرجانية الاصطناعية تُستخدَم في جميع أنحاء العالم على نطاقٍ واسع للمساعدة في استعادة النظم البيئية البحرية، من البلاط المطبوع ثلاثي الأبعاد إلى السفن الغارقة.
وأشارت الدراسات إلى أنّ الهياكل التي صنعها الإنسان قد تكون فعالة، ولكن يمكن أن تؤثر عوامل مثل الموقع، والتصميم، والموضع على النتيجة.
في عام 2009، أصدرت المنظمة البحرية الدولية (IMO) التابعة للأمم المتحدة مبادئ توجيهية حول وضع الشعاب المرجانية الاصطناعية، مشيرةً إلى أنّ هذه الشعاب قد تتسبب بتأثيرٍ سلبي “خاصةً عند استخدام النفايات، أو المواد المُعاد تدويرها، أو غير المناسبة”.
ويتكون مشروع “ECoREEF” الهجين الخاص بليرمان من أساس خرساني مغطى بالشعاب المرجانية المزروعة من مشاتله.
ووُلدت التجربة في المختبر، حيث خضعت إصدارات النماذج إلى العديد من الاختبارات، بما في ذلك عمليات محاكاة واسعة النطاق في مولد موجات قوي قادر على إعادة إنشاء ظروف الأعاصير من الفئة الخامسة.
وأفاد ليرمان أنّ القاعدة وحدها يمكن أن تقلل من حركة الأمواج بنسبة تتراوح بين 60% و70%، مع قيام الشعاب المرجانية بمواصلة تخفيضها بنسبة تتراوح بين 15% و20%.
وقال ليرمان لـCNN: “معًا، يمكن لهذين النهجين أن يقللا من طاقة وارتفاع الأمواج بما بتراوح بين 80% و90%، وهو ما نريده لحماية الشواطئ”.
وبالشراكة مع مدينة ميامي بيتش، نُشِرَت اثنين من الشعاب المرجانية الهجينة في مارس/آذار من عام 2023.
وخلال العام الماضي، قالت الباحثة المشاركة في مختبر ليرمان، إيميلي إسبلانديو، إنّهم شهدوا أنواعًا مختلفة من الأسماك التي استعمرت الشعاب المرجانية، إلى جانب السلاحف، وأسماك القرش، والشفنينيات.
بستنة مرجانية
قام فريق ليرمان بزراعة واختبار المستعمرات المرجانية في الجامعة منذ أكثر من 15 عامًا.
وذكر ليرمان: “نحن نحاول أن نفهم سبب بقاء بعض الشعاب المرجانية على قيد الحياة بينما تموت أخرى في البيئة ذاتها. ومن ثم نستخدم هذه المعلومات لإنشاء شعاب مرجانية مقاوِمة للمناخ”.
ويقوم المختبر أيضًا بتجربة “التصلب الناجم عن الإجهاد”، وخلال هذه العملية، يُعرِّض الباحثون الشعاب المرجانية لدرجات حرارة شبه مميتة لتحفيز استجابتها الفسيولوجية، ما يجعلها أقل تأثرًا لتقلبات درجات حرارة المحيط.
ويتم بعد ذلك زرع المرجان في الشعاب المرجانية الطبيعية أو في الهياكل الهجينة.
وفي كل عام، يزرع فريق ليرمان ما بين 10 آلاف و15 ألف من المرجان في الشعاب المرجانية بميامي ديد.
وعلى مدى الأعوام القليلة المقبلة، يخطط ليرمان وفريقه لتوسيع نطاق مشروع “ECoREEF” بشكلٍ كبير، ونشر هياكل أكبر حول منطقة ميامي، وذلك بفضل تمويل وزارة الدفاع الأمريكية.
مشكلة عالمية
أشار ليرمان إلى أنّ النظم البيئية للمحيطات تتدهور وتعاني في جميع أنحاء العالم.
ويُعتبر تغير المناخ التهديد الأول الذي يواجه الشعاب المرجانية على مستوى العالم، إذ يزيد من درجة حرارة البحر، ويؤدي إلى تغيرات في أنماط العواصف، وكيمياء المحيطات.
يلعب الصيد الجائر والتجريف دورًا في ذلك أيضًا، ونتيجةً لذلك، أصبحت المناطق الساحلية أكثر عرضة للأمواج والفيضانات.
وأكّد ليرمان: “بعد كل عاصفة، تكون تكلفة إعادة البناء والخسائر في الممتلكات والأرواح كبيرة للغاية”.
رغم أن ليرمان يأمل أن تكون تجربته بمثابة مثال للمدن الساحلية الأخرى حول العالم، إلا أنّه أشار لضرورة الحد من انبعاثات الكربون المسببة للاحتباس الحراري، قائلًا: “إذا لم نفعل ذلك، فلن تتمكن أي كمية من الشعاب المرجانية الاصطناعية من إنقاذ سواحلنا”.
إخلاء مسؤولية إن موقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
“جميع الحقوق محفوظة لأصحابها”