الهروب من الموت إلى الموت
عبد المنعم هلال
تأبى الحروف وتستعصي معانيها عن الخوض في أخبار الرياضة أو التطرق للفوز التاريخي لمنتخبنا الوطني على شقيقه منتخب جنوب السودان ومن ثم مناقشة القضايا الهلالية ومتابعة أخبار نادينا فقد الوقت مأساة النازحين السودانيين بظلالها على المشهد ولم يعد مداد القلم أزرق بل أصبح مداده الدم .. دم وأشلاء ضحايا ومصابين وشهداء ومكلومين .
أجبرت هذه الحرب العبثية اللعينة الملايين من السودانيين إلى الهروب والفرار بحثاً عن الأمن والأمان.
أختارت الأغلبية مصر المؤمنة والتي نظم فيها الشيخ البرعي قصيدته التي قال فيها ..
ياصاحي همنا لزيارة أمنا
مصر المؤمنة بأهل الله
قم نحدا ونظعنا لها نبذل وسعنا
لاتخشى الفاقة والشدة والعنا
وهكذا يمم أغلبية أهل السودان وجوههم شطر مصر فاستقبلتهم على أحسن مايكون وضمتهم إلى حضنها الدافئ ولكن لصعوبة التأشيرة اضطر البعض لركوب المخاطر والسفر عن طريق التهريب في ظروف قاسية ومغامرة غير مأمونة العواقب ..
مأساة السودانيين الذين يواجهون رحلة الموت أثناء فرارهم إلى مصر هي واقع محزن ومدمر وتستقبل مشرحة أسوان العشرات من الجثث لضحايا هذا الطريق ويعكس هذا المشهد الصعوبات الهائلة التي يواجهها الكثير من النازحين واللاجئين السودانيين خلال رحلتهم الشاقة بحثاً عن الأمان والحياة الكريمة ولو تعرضوا لفقدان الحياة .
تلك الصورة المأساوية تجسد الظروف القاسية التي يواجهها السودانيون الذين يتعرضون لخطر الموت أثناء رحلتهم إلى مصر سواء بسبب العوامل البيئية مثل ضربات الشمس والتعرض للعطش أو بسبب التعامل اللا إنساني من جانب بعض السائقين وهكذا يجد النازح نفسه ما بين مطرقة الطقس القاسي وسندان التعامل الفظ من أصحاب المركبات..!!
يجب على المجتمع الدولي والجهات المعنية تقديم الدعم والمساعدة اللازمة للنازحين واللاجئين السودانيين وتوفير الظروف الإنسانية الأساسية لهم وينبغي علينا أن نعمل معاً للتصدي لهذه الأزمة الإنسانية وتوفير الحماية والرعاية للمحتاجين وتقديم العون اللازم للمكلومين الذين فقدوا عوائلهم وأبنائهم .
ندعو للضحايا الذين فقدانهم بالرحمة والمغفرة وللذين يعانون ويواجهون الصعوبات بالصبر والثبات وعاجل الشفاء للمرضى ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً للعمل من أجل إيجاد حلول دائمة لهذه الأزمة والعمل علي إيقاف الحرب وتحقيق السلام لينعم أبناء الوطن بالأمن والأمان والإستقرار ويعود وطننا الحبيب معافى خالياً من العيوب والجروح والندوب.
لعن الله من أشعل هذه الحرب وشرّد أبناء شعبنا ، لعن الله من لا يريدون إيقافها ويعملون على استمراها ويتكسبون من ورائها ، الله ينتقم من كل من كان السبب في هذه الحرب ويرينا فيه عجائب قدرته ، لطفك بنا يا الله فأنت اللطيف الرحمن الرحيم .
ظل أخير
تخيل شعور أن تطرد من بيتك أن تتمزق يداك
أن يفر من بين أطراف أصابعك شيء تمسكت به بشدة الوطن أسطورة .. حكاية عن نشأتك آمناً سعيداً
قبل أن يشعلوا النار في عالمك بأكمله
كل شيء كان غريباً غير مألوف
أتينا إلى هنا لنجد ملاذاً أسمونا لاجئين
لذا أخفينا أنفسنا في لغتهم حتى أصبحنا نتكلم مثلهم
بدلنا ملابسنا لنبدو مثلهم تماماً
جعلنا منه وطناً حتى عشنا مثلهم .
المصدر: صحيفة الراكوبة