المترشحون وسباق الـ 40 يوما
شرع الراغبون في الترشح لرئاسة الجمهورية، في سحب اكتتابات التوقيعات الفردية على مستوى مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالجزائر العاصمة، وذلك غداة توقيع الرئيس عبد المجيد تبون، مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة استعدادا لانتخابات السابع سبتمبر القادم.
وشهد اليوم الأول من عملية سحب الاستمارات، توافد عدد من الراغبين في الترشح، على غرار الأمين العام للتحالف الوطني الجمهوري، مرشّح “تكتل الاستقرار والإصلاح”، بلقاسم ساحلي، ومرشّح حركة مجتمع السلم ورئيسها عبد العالي حساني شريف، في حين أرسلت الأمينة العامة لحزب العمال ممثلا عندها لدفع خطاب نية الترشح وسحب الاستثمارات.
ومن المقرر أن يتوافد بقية الراغبين في الترشح على مقر السلطة الكائن بقصر الأمم بنادي الصنوبر، خلال الأسبوع الجاري، لسحب العدد المحدّد من الاستمارات، وبإمكان كل مترشح سحب كوطة 50 ألف استمارة، لكن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، قررت وضع ما يعادل 70 ألف نسخة تحت تصرّف المترشحين، مع ترك المجال مفتوحا لرفع هذه الحصة عند الحاجة.
وكانت السلطة، قد أعلنت السبت، أنه يمكن للراغبين في الترشح أو من يمثّلهم، إما التقدّم مباشرة إلى مقر السلطة المستقلة مرفقين بالوثائق الإثباتية (رسالة إبداء نية الترشح موجّهة إلى رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وصل إيداع الكفالة، صورة شمسية حديثة ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية وتفويض لفائدة ممثل الراغب في الترشح أو حجز موعد لسحب استمارات التوقيعات الفردية، من خلال الولوج إلى منصة خدمات السلطة المستقلة).
وتمثّل المادة 253 من القانون العضوي للانتخابات، أبرز رهان لقياس شعبية صاحب النية في الترشح، حيث تشترط قائمة تتضمّن 600 توقيع فردي لمنتخبين في مجالس بلدية أو ولائية أو برلمانية، أو تقديم 50 ألف توقيع فردي على الأقل للناخبين مسجّلين في قائمة انتخابية، ويجب أن تجمع عبر 29 ولاية، على أن لا يقل عدد التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع.
وتحدّد مهلة جمع التوقيعات بأربعين يوما بعد استدعاء الهيئة الناخبة، وهي مهلة قصيرة، لا سيما في ظل حصر سحب الاستمارات من مقر السلطة مركزيا في العاصمة دون فروعها المحلية وشساعة ولايات الوطن وازدياد عددها، وبالتالي صعوبة نقل الاستمارات الورقية إلى كافة أرجاء الوطن، خاصة المناطق الجنوبية والمصادقة عليها لدى ضابط عمومي، قبل أن تودع لدى السلطة المستقلّة مركزيا في نفس الوقت الذي يودع فيه ملف الترشح ولأجل قبول الاستمارات.
وقد ترتبط صعوبة تحقيق هذا الشرط بحالة العزوف السياسي التي تجعل فئات معتبرة من المواطنين، أقلّ استعدادا للتجاوب مع أي عمل سياسي، حتى لو كان مجرد ملء استمارة لمرشح ما، كما أن حالة المقاطعة أو عدم دخول الانتخابات التشريعية السابقة من بعض الأحزاب التي قررت اليوم الترشّح للانتخابات الرئاسية (حزب العمال، الأفافاس) حرمها من الطريق المختصر الذي يمكن من خلاله تقديم مرشح عبر 600 توقيع فقط لمنتخبين.
ومقابل هذه التحديات، أعطت السلطة المستقلة تطمينات للمرشحين، مؤكدة أن استمارات الاكتتاب مزوّدة برقم تسلسلي وهي مسجلة على مستوى السلطة المستقلة باسم الشخص الراغب في الترشح، وهذا من أجل قطع الطريق أمام كل محاولة تزوير تخضع هذه الاستمارات لمتابعة يوميا بفضل تطبيق معلوماتي تم وضعه من طرف السلطة المستقلة، حيث لا يمكن استعمال الاستمارات من طرف مترشحين آخرين.
استنادا لأحكام المادة 250 من قانون الانتخابات، على الراغبين في الترشح إيداع كفالة تقدّر بمائتين وخمسين ألف دينار جزائري لدى مصالح الخزينة العمومية المتواجدة عبر كامل التراب الوطني، قبل سحب استمارات الترشح.
ويستهدف هذا الشرط، حسب متابعين، قطع الطريق على أولئك الذين اعتادوا الاستخفاف والتشويش على العملية الانتخابية، من خلال إغراق السباق في بداياته بمترشحين غير جادين، يقدمون في كل مرة على سحب استمارات الترشح للفت انتباه الرأي العام.
وبموجب هذا الشرط، بات أمام كل من يرغب في الترشح من أجل الاستهتار، أن يدفع من 25 مليون سنتيم للخزينة العمومية، وهو المبلغ الذي سيعوّض الخزينة العمومية الأعباء المالية عن كل ملف ترشّح سحبه مترشح وهمي. بالمقابل يردّ المبلغ للمرشح الذي حصل على 50 بالمائة من التوقيعات المقررة قانونا على الأقل، موزعة على خمس وعشرين ولاية على الأقل في أجل خمسة عشر يوما من إعلان المحكمة الدستورية عن الترشيحات.