وفاة عشرات السودانيين أثناء محاولتهم الدخول إلى مصر عبر البر بطرق غير رسمية

لقى ما لا يقل عن 50 سودانياً حتفهم في الأيام الماضية بسبب التعرض لضربات الشمس أو بسبب العطش والجفاف، وذلك أثناء محاولتهم الدخول إلى مصر عبر البر بطرق غير رسمية.
تعد محاولة الدخول إلى مصر بطرق غير شرعية مخاطرة كبيرة، حيث واجه العديد من الأشخاص الموت بسبب انقلاب المركبات التي كانوا يستقلونها أو تعرضهم للدغات الأفاعي والعقارب، أو نتيجة لحرارة الشمس الشديدة في الصيف، أو الضياع في الصحراء.
حكى عدد من السودانيين عن المصاعب التي واجهوها خلال الرحلة الشاقة التي تستمر لأيام. أوضحوا أن أول العقبات تتمثل في استغلال مالكي السيارات وهي في الغالب عصابات تهريب البشر الذين ينقلونهم إلى الحدود. هؤلاء المهربون يطالبونهم غالباً بمزيد من الأموال ويجعلونهم ينتظرون لفترات طويلة في مناطق التخزين وسط الصحراء والجبال، حيث تكون الظروف قاسية جداً، سواء من شدة حرارة الشمس أو نقص المياه والمواد الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، يتعرضون لعمليات نهب من قبل مجموعات سائقي التكاتك، حيث يتم تركهم على جانب الطريق أو يُنقلون بعد سرقة جميع مدخراتهم.
انتشرت أمس واليوم على وسائل التواصل الاجتماعي حملة تدعو السودانيين لعدم السفر إلى مصر بطرق غير قانونية، وذلك بسبب ارتفاع عدد الوفيات في هذه الرحلات.
تشهد مدينة أسوان يومياً استقبال حالات وفاة عديدة بعد دخولهم المناطق الآمنة نتيجة تعرّضهم خلال الرحلة لأجواء حارة وضربات شمس، خصوصاً بين كبار السن والأطفال وذوي الأمراض المزمنة.
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي للسودانيين المتواجدين في أسوان نداءات متكررة حول حالات وصول سودانيين متوفين وضرورة تقديم المساعدات اللازمة، خصوصًا لأولئك الذين يصلون دون علم ذويهم نظرًا لانقطاع التواصل بعد دخولهم الأراضي المصرية. كما يعاني العديد منهم من أوضاع إنسانية سيئة وحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية فور وصولهم إلى مدينة أسوان، غير أنهم يخشون التردد على المستشفيات الحكومية بأسوان بسبب تشديد الإجراءات والمساءلة القانونية. هذا الوضع يستدعي تدخل المنظمات وشركائها لإنقاذهم وتقديم الدعم والمساندة لهم أمام السلطات المصرية.
وبسبب تصاعد حركة التسلل إلى مصر بطرق غير شرعية، حذرت القنصلية السودانية في أسوان المواطنين السودانيين وعائلاتهم من مخاطر التهريب، والتي تشمل حوادث المركبات المستخدمة، والتوهان في الصحراء، والابتزاز والنهب من قبل عصابات تجار البشر، وكذلك التعرض للاعتقال والسجن.
وأكدت تحذيرات القنصلية أن الفترة السابقة شهدت حوادث مرورية أدت إلى وفاة العديد من الأشخاص بالإضافة إلى تعرض آخرين لإصابات بالغة. وقد شهدت أسوان أول أمس الخميس مأساة أسرة تتكون من الزوج والزوجة وابنتيهما وطفل صغير فقدوا حياتهم بسبب الضياع والعطش، وتم نقلهم بمركبة “توك توك”، حيث قام صاحبها بالتخلص من الجثامين في محيط حي سكني ولاذ بالفرار خوفاً من المساءلة القانونية.
ناشدت أسرة أخرى في حي الصداقة بتقديم المساعدة لسودانيين قادمين عبر التهريب وهم في حالة سيئة، حيث توفي أحدهم عند وصوله والآخر بحاجة إلى عناية طبية. تنادي العديد من منصات التواصل بأهمية تدخل السلطات السودانية والمصرية للحد من هذه الظاهرة. كما نصح العديد ذويهم بضرورة التوقف عن الدخول إلى مصر عبر التهريب خلال هذه الفترة بسبب سوء الأحوال الجوية والمناخ السيء. هناك أسر تسأل عن فقدان ذويهم وتسعى لمعرفة أخبارهم، ولم يصلوا إلى أسوان منذ أكثر من يومين.
كشف الناجون من حوادث التهريب أن هناك العديد من حالات الوفاة المدفونة في الصحراء، فيما أكد آخرون أن هناك أكثر من 100 شخص يعانون من العطش والتيه وأعطال المركبات وهم الآن عالقون ومنتشرون في الصحراء الممتدة بين الحدود السودانية وجنوب مصر وأن الرحلة أصبحت تشكل خطراً على الجميع.
كشف الدكتور امتياز، المناوب في مستشفى أسوان، أن الطوارئ استقبلت حوالي 8 حالات وفاة في نوبة واحدة، معظمهم من كبار السن والأطفال بسبب ضربات الشمس والجفاف، وكانوا قادمين من الصحراء بطرق غير شرعية. وناشد قائلاً: “من لا يريد الموت في الشارع، يُفضل عدم الخروج في هذين اليومين، لا تدعوا المهربين يخدعوكم، فهم يهمهم مصلحتهم وأموالكم فقط”، على حد تعبيره.
ذكرت تقارير أخرى أن عدد الوفيات حتى مساء أمس بلغ ٢٤ حالة، وهناك أنباء عن حالات أخرى في طريقها إلى مستشفيات أسوان. وقد ازدحمت مشارح مستشفى أسوان ومستشفى الصداقة بالوفيات خلال يومي الخميس والجمعة الماضيين.
السودان نيوز
المصدر: صحيفة الراكوبة