مجزرة «ود النورة» تضاعف مخاوف الاستنفار والمقاومة الشعبية
أعادت مجزرة منطقة ود النورة بولاية الجزيرة، الجدل والمخاوف حول قضية الاستنفار والمقاومة الشعبية ومدى تهديدها لحياة المدنيين وتعريضهم للمخاطر.
مدني: التغيير
أثارت المجزرة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق سكان منطقة ود النورة بولاية الجزيرة وسط السودان، ردود فعل واسعة نظراً لعدد ضحاياها الكبير، والعنف المفرط والوحشية التي مورست خلال الهجوم، وضاعفت المخاوف حيال انخراط الشباب فيما يسمى بالاستنفار والمقاومة الشعبية، وإقحام المدنيين في مواجهات مسلحة غير متكافئة.
ومنذ انسحاب الجيش من ود مدني في ديسمبر من العام الماضي ظلت قوات الدعم السريع تمارس النهب والسلب والقتل والتهجير ضد مواطني قرى ولاية الجزيرة.
وبالرغم من أن قوات الدعم السريع هي المسؤول المباشر عن الجريمة باعتبار أنها من نفذتها “رغم تبريراتها التي ساقتها”، إلا أن كثيراً من الناشطين والمتابعين، حملوا منسوبي النظام البائد والناشطين الإسلاميين مسؤولية ما حدث لأنهم عملوا على استنفار أهل المنطقة وتحفيزهم على التجييش.
وتقول الرواية إن الجيش رفض طلبهم بتسليح المقاومة الشعبية، غير أنهم جمعوا تبرعات من السعودية بلغت 250 ألف ريال واشتروا الأسلحة.
وتم مؤخراً تداول مقطع فيديو يظهر قيادات من الإسلاميين وهم يخاطبون مواطني “ود النورة” ويحفزونهم ويحشدونهم للانخراط في صفوف “المقاومة الشعبية” لدعم الجيش، واعتبر كثيرون أن هذا الفيديو هو أحد أسباب الهجوم، ضمن أسباب أخرى.
وقد اتهمت قوات الدعم السريع من أسمتها “مليشيا البرهان وكتائب المجاهدين” بحشد قوات كبيرة في ثلاثة معسكرات في غرب المناقل بمنطقة “ود النورة” بغرض الهجوم على قواتها في جبل الأولياء.
وأعلنت أنها هاجمت فجر الأربعاء، ثلاثة معسكرات غرب وجنوب وشمال منطقة “ود النورة” تقع خارج المدينة، وتضم قوات من “مليشيا البرهان، وجهاز المخابرات، وكتيبة من كتائب الإسلاميين المعروفة بـ(الزبير بن العوام) إلى جانب مستنفرين”.
غير أن ناشطين، أكدوا عدم وجود قوات للجيش بالمنطقة وإنما ارتكازات للمستنفرين التابعين للمقاومة الشعبية، وذكروا أن الدعم السريع هاجمت الارتكازات فانسحب الشباب إلى داخل القرية ولاحقتهم القوات، فتدخل طيران الجيش لكنه لم يساند المستنفرين على الأرض، ودفع هذا الوضع أهالي القرية إلى النزوح.
وعلق الكاتب محمد حيدر المشرف، واصفاً الوضع في الجزيرة بأنه مزيج من إجرام ووحشية الجنجويد واستثمار الدولة العميقة لخطاب حربها في تجييش المواطنين ليخوضوا حرباً غير متكافئة بالإنابة عنها.
وقال إن أحد الأصدقاء كاتبهم بأن أبناء المنطقة بدولة الاغتراب قد تنادوا وجمعوا مبلغا يناهز ربع مليون ريال سعودي لشراء السلاح وتسليح الشباب وتم ذلك بالفعل.
وأضاف بأن تجمعات مستنفرين بتسليح وخبرات قتالية أقل بكثير من الدعم السريع يخوضون حرباً غير متكافئة (بالإنابة عن الجيش) مع الدعم السريع “مشهد يؤكد غياب الحس المسؤول في القيادة السودانية ببورتسودان”.. فلا هي تقوم بدورها الوظيفي في حماية مواطن الجزيرة ولا هي قادرة على تسليح المقاومة الشعبية وتأهيلها تأهيلا مناسبا ومكافئاً للدعم السريع وتعمل آلتها الإعلامية في استثمار العواطف المتأججة نحو المواقف البطولية في الدفاع عن الأرض والعرض في دفع الشباب لاستنفار لا شئ فيه الا الهلاك”.
واعتبر أن ما يحدث في الجزيرة نتيجة مباشرة لـ(بل بس) و(جغم) و(دعاة الحرب الصفرية).
ونشر عدد من الناشطين فيديوهات توعوية تطالب المواطنين بعدم الانجرار وراء دعوات تسليح المدنيين واستدعاء المليشيا لعدائهم، لأن قوات الدعم السريع هاجمت كل المناطق التي أعلن شبابها الاستنفار والتسلح لمواجهتها وارتبكت بحقهم أبشع الانتهاكات.
وكان الناطق باسم الجيش السوداني، أكد أيضاً، أن منطقة ود النورة لا توجد بها أي قواعد عسكرية للجيش، وقال إن كل القرى التي استباحتها المليشيا وقتلت ونهبت وسحلت أهلها لا توجد فيها أي قواعد عسكرية.
ووجدت مجزرة ود النورة التي نفذتها قوات الدعم السريع في حق المواطنين إدانات واسعة من القوى السياسية والكيانات الحقوقية، طالبت الدعم السريع بضرورة الكف عن التعرض للمواطنين، ونادت بضرورة تقديم الجناة إلى محاكمات عاجلة حتى لا يفلتوا من العقاب.
المصدر: صحيفة التغيير