من بين الأنقاض والجثث والأمراض والمتفجرات والدمار.. كيف تنهض الخرطوم؟
تحديات جمة تواجه الخرطوم لتعود مدينة صالحة للحياة بعد الدمار الذي حاق بها جراء الحرب ومطلوبات مهمة تحتاجها العاصمة المثلثة ليعود النازحون إليها لممارسة حياتهم الطبيعية
التغيير:عبد الله بربر
تعيش مدينة الخرطوم على كابوس الكوارث الصحية المتوقعة؛ بسبب الجثث المتحللة والكلاب المسعورة التي ظهرت.ويتخوف السكان المقيمون بالخرطوم والذين يفكرون في العودة إليها من تفشي الأمراض؛ بسبب تكدس الجثث في العراء أو نبشها بواسطة الكلاب الضالة أو الطيور الجارحة واحتمالية اختلاط مخلفاتها بمصادر المياه، لا سيما في فصل الخريف.
وعلى صعيد مخلفات الأسلحة المستخدمة في الحرب ما تزال بعض العبوات التي لم تنفجر تشكل مصدر خطر كبير على حياة الناس، إضافة إلى الألغام.
وفيما يختص بالصحة النفسية يخيم شبح الخوف من المجهول القادم والرعب الذي عاشه المدنيون في الخرطوم من مآلات الحرب وتداعياتها. وبخلاف الخوف من الأمراض والمتفجرات تتطلب إعادة الحياة إعمار البنية التحتية من مدارس وجامعات ومشاف وأسواق وبنوك ومبان دمرتها آلة الحرب.
وبالعودة إلى مخاطر الجثث المتحللة والمنتفخة تنتشر العديد من الجثامين على الطرقات والأزقة دون دفن فيما ووريت جثامين أخرى داخل المنازل بطريقة عشوائية؛ بسبب عدم القدرة على دفنها في المقابر.
وخرجت معظم مشارح الخرطوم عن الخدمة؛ بسبب نقص طاقتها الاستيعابية وعدم وجود الكادر الطبي علاوة على قطوعات الكهرباء وأعطالها المتعددة.
وبحسب رئيس وحدة العلوم الطبية والتقنية الشرعية في اللجنة الدولية، بيار غويومارك: لا توجد أدلة تؤكد الاعتقاد السائد بأن الجثث ستسبب الأوبئة. ويضيف بالقول: نحن نرى حالات عديدة تتناول فيها تقارير إعلامية وحتى بعض المتخصصين في مجال الصحة هذه المسألة على نحو خاطئ. واحتمال أن يسبب الناجون من حادثة مثل كارثة طبيعية انتشار الأمراض أكثر من احتمال تسبب جثث الموتى بانتشار الأمراض”.
أمراض متوقعة
وفي حديثه لـ«التغيير»، قال البروفيسور المساعد،أستاذ المناعة بجامعة الجزيرة،عطا الله محمد عطا الله، إن عودة السكان إلى مدينة مليئة بالجثث الآدمية المتحللة مرهون بالأعمال القياسية من إزالة الألغام والعبوات المتفجرة في المقام الأول ثم إعادة الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وشوارع، حتى تتمكن الفرق من العمل بصورة جيدة.
ونبه عطا الله إلى ضرورة بناء محارق للتخلص من النفايات الضارة وبناء مدافن مناسبة لدفن الضحايا أو نقلهم من بين المنازل.
وشدد بروفيسور عطا الله على توفير ميزانية تغطي جميع الاحتياجات بالإضافة إلى تدريب عناصر بشرية.
وكشف أستاذ المناعة عن أن الطاعون يعد من أهم الأمراض المتوقع انتشارها؛ لأن الجثث تعتبر مصدرا للبكتيريا بحسب حديثه. وأضاف: كذلك يمكن أن تنتشر أمراض الكوليرا والتايفويد وفيروس الكبد الوبائي والنزلات المعوية.
البنية التحتية
أما عصام الدين عبد العاطي وهو مهندس مدني، فشدد على توفر الأمن في المقام الأول لإعادة الإعمار. وقال عصام: تأهيل البنيات التحتية ممكن، وليس بالأمر المستحيل خاصة إصلاح محطات المياه والكهرباء.
غير أن عصام الدين استدرك بالقول إن التحدي الأكبر يتمثل في إعادة تأهيل المباني التي تعرضت للقصف.
ورأى عبد العاطي أنه إذا توفرت الميزانية اللازمة، فإن إصلاح البنية التحتية يحتاج إلى ثلاث سنوات على أقل تقدير.
وأضاف: في البدء يجب عمل دراسة ميدانية لتقييم حجم الضرر وهنالك مبادرات كثيرة من مهندسين لإعادة تأهيل السودان بعد توقف الحرب.
وفرَّ أكثر من 8.8 مليون شخص من منازلهم منذ اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023.
ونزح ما يقدر بنحو 6.8 مليون شخص داخل البلاد، ولجأوا إلى 7,251 موقعًا، وفقًا لمصفوفة تتبع نزوح المنظمة الدولية للهجرة، في وثيقة اللمحة العامة الشهرية على النزوح في السودان.
المصدر: صحيفة التغيير