اخبار المغرب

تقرير يرصد مكتسبات التنمية القروية ويوصي باستئصال جذور التفاوت

كشف تقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات عن ملامح تحسن مؤشرات العدالة المجالية بالمملكة خلال آخر ست سنوات، إذ بيّن رهان برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية على البعد الجهوي في تعضيد الجهود العمومية، وذلك في إطار الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري الذي يعتبر إحدى أهم الشراكات بين الدولة والجهات.

تأهيل جماعات قروية

وأورد التقرير أن “مشاريع البرنامج مكنت الجهات من موارد مهمة لتفعيل اختصاصاتها الذاتية فيما يتعلق ببناء وتحسين وصيانة الطرق غير المصنفة، واقتناء وحدات النقل المدرسي وتأهيل المؤسسات التعليمية والصحية، بما يلحق المجالات الهشة بالديناميات التنموية الوطنية والجهوية، حيث أنه تمت خلال الفترة ما بين 2017 و2023 بلورة سبعة برامج عمل سنوية بما يصل إلى 48 مليار درهم، مما مكن من الوصول إلى 14 مليونا من الساكنة القروية الموزعة على 1066 جماعة قروية، بما يمثل 83 في المائة من الجماعات الترابية بالمغرب”.

التقرير المتضمن لإحصائيات صادرة عن مؤسسات وطنية، أشار إلى أن “برنامج تقليص الفوارق المجالية ساهم في تأهيل ما يصل إلى 241 جماعة قروية بحلول سنة 2022، إذ انتقل عدد الجماعات المتوفرة على مجمل الخدمات الأساسية من 502 سنة 2016 إلى 743 جماعة حاليا، بزيادة تصل إلى نسبة 48 في المائة”، موردا أنه جرى الرفع من نسبة الولوجية إلى العالم القروي إلى 90 في المائة من خلال تشييد وإصلاح أزيد من 18 ألفا و300 كيلومتر من الطرق والمسالك وتجهيز 165 منشأة فنية ساعدت في تدعيم الترابط وخفض عدد أيام انقطاع الطرق”.

بنية تحتية مُحدثة

ولفتت الوثيقة ذاتها إلى “مساهمة مشاريع فك العزلة في تحفيز الأنشطة الاقتصادية الفلاحية وغير الفلاحية بالعالم القروي، وتيسير الولوج إلى الخدمات الاجتماعية بالمناطق المستهدفة باختصار مدة الوصول إلى المؤسسات التعليمية بنسبة 16 في المائة، وانتقال نسبة تردد الأسر المستفيدة على المؤسسات الصحية من 8,4 زيارة سنوية سنة 2016 إلى 9,8 زيارة سنة 2023، ما وَازَاهُ انخفاض مهم في نسبة وفيات المواليد الجدد بنسبة 59 في المائة”.

ووفقا للتقرير عينه، “مكّنَ البرنامج المذكور من إنجاز 745 عملية بناء وإصلاح للبنية التحتية الصحية، بما فيها تشييد أكثر من 182 مركزا صحيا و167 دارا للولادة و81 دارا للأمومة وتوفير 759 سيارة إسعاف، إلى جانب بناء ما يناهز 2700 بنية تحتية مدرسية”، موردا أن “اقتناء حوالي 886 عربة نقل مدرسي ساعد على كسب خمس نقاط في معدل التمدرس الذي بلغ 77 في المائة، وعلى تطور تمدرس الفتيات الذي قفز إلى 60 في المائة”.

كما بيّن التقرير “إنجاز 25 ألفا و236 عملية للتزويد بالماء الصالح للشرب، وحفر 655 منظومة مياه شرب ساعدت في التقليص على التوالي من المسافة والمدة الزمنية اللازمة للتزود بالماء بنسبة 81 و82 في المائة، ما رافقه تحسن في جودة مياه الشرب بنسبة 95 في المائة”.

“مكامن قصور” وتوصيات

بعد استعراضه لهذه الأرقام التي تخص ما أُنجز بالعالم القروي خلال السنوات الماضية، عاد المصدر ذاته ليوضح أن “هذا التقدم لا يعني السير بخطى ثابتة على سكة العدالة المجالية في ظل وجود مؤشرات موحية بإعادة إنتاج وضعيات معقدة من التفاوت بين الجهات في توزيع الاستثمارات وتوزيع الموارد والمشاريع العمومية، حيث إن العديد من الجهات ما زالت بعيدة عن اللحاق بالإيقاع التنموي للجهات القيادية بفعل وطأة الهاجس المركزي في توزيع الاستثمارات”.

كما سجل “وجود تفاوت في توزيع الكفاءات والأطر العليا على مستوى جهات المملكة، حيث إن البنيات الصحية بالعالم القروي، على سبيل المثال، تظل مفتقدة للفعالية المطلوبة بفعل غياب أو قلة الأطر الصحية والتمريضية، مما يفرض اعتماد تدابير تحفيزية لتشجيع هذه الأطر على الاستقرار بالمناطق النائية”، لافتا إلى “اتساع فجوات التنمية البشرية بين الجهات الأكثر حظا كالدار البيضاءسطات والجهات الضعيفة كدرعةتافيلالت”.

وشددت الوثيقة المعنونة بـ”تحقيق العدالة المجالية بحاجة إلى نفس جديد”، على ضرورة “إعادة النظر في المقاربة المعتمدة من خلال المزاوجة بين التدابير الاستدراكية لسد الفجوات وبين الحلول الاستراتيجية لاستئصال الجذور المغذية للتفاوت من خلال تكييف التقسيم الترابي ومراجعة سياسة إعداد التراب، إلى جانب تعزيز التوطين المجالي للاستثمار وإعادة توجيه الجهوية المتقدمة”.

كما حثت على “منح الأفضلية للمجالات الأقل تجهيزا في الأوراش الجاري تنفيذها وتعميم المراصد الجهوية للديناميات المجالية وتعزيز تكاملها مع المرصد الوطني، إلى جانب إصدار تقارير دورية حول التفاوت الترابي وتكليف مجلس المستشارين بمتابعة تنفيذ التوصيات ذات الصلة بالعدالة المجالية”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *