تركيز معظم المشاريع التنموية بالحواضر الكبرى سيُنتج شرخا مجاليا
حذر تقرير حديث بعنوان “تحقيق العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد” من أن تراجع وظائف المراكز القروية والمدن الصغرى والمتوسطة مقابل تركيز معظم المشاريع التنموية في الحواضر الكبرى، قد يعيد إنتاج “الشرخ المجالي” بعد التحسينات التي عرفها.
ولمعالجة التفاوتات الترابية وضمان تحقيق العدالة المجالية، دعا التقرير إلى تطوير مقاربة “التمييز الترابي” من خلال منح الأفضلية للمجالات الأقل تجهيزًا في البرامج والمشاريع الوطنية، مثل الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والمخطط الوطني المندمج للمناطق اللوجستيكية، وبرامج توسيع العرض الجامعي والصحي.
ويسلط التقرير، الذي أعده الباحث عبد الرفيع زعنون، الضوء على التقدم المحرز في تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالمغرب، مع التأكيد على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لضمان تحقيق العدالة المجالية بشكل فعلي.
كما أظهر التقرير الذي أصدره المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن الجهود المبذولة في إطار برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية قد ساهمت في تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالمناطق الجبلية والنائية، وتشمل هذه التحسينات الربط بالشبكات العمومية، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتحسين فرص التعليم والصحة.
وقد أدت هذه التطورات إلى التخفيف من حدة الفوارق بين الجهات الغنية والضعيفة من حيث توطين الاستثمارات وإرساء التجهيزات والمرافق العمومية، مما كان له تأثير إيجابي على التماسك الاجتماعي بعد موجة من الاحتجاجات الاجتماعية التي أذكتها وضعيات الإقصاء والتهميش في العديد من المناطق.
واقترح التقرير تعديل المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 13130 لقانون المالية لضم تقرير العدالة المجالية للوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية السنوي، بما يساعد على توجيه الميزانية العامة للدولة نحو الحد من الفروقات التنموية بين مجالات التراب الوطني.
ونادى بتعميم المراصد الجهوية للديناميات المجالية وتدعيم دورها كإطار للتنسيق والحوار حول أولويات التقليص من التفاوتات الترابية بين وداخل الجهات، مع تعزيز تكاملها مع المرصد الوطني للديناميات المجالية.
توصيات التقرير شملت أيضًا إصدار تقارير دورية حول تحولات التفاوت الترابي بين الجهات، مع تكليف مجلس المستشارين بمتابعة تنفيذ التوصيات ذات الصلة بتحقيق العدالة المجالية.
كما ضمت التوصيات بلورة صيغة حسابية لقياس التفاوت التنموي وجعلها عنصرًا توجيهيًا للبرامج القطاعية والجماعات الترابية، خاصة الجهات، في توزيع الموارد والاستثمارات والتجهيزات العمومية، تفاديًا لإعادة إنتاج نموذج المركزالهامش على المستوى الترابي بين مركز الجهة ومحيطها.
المصدر: العمق المغربي