هل يصحح التكوين الروسي للدقاقي أخطاء 10 سنوات من تدبير بنعزوز الفرنكوفوني؟

أجرى الملك محمد السادس تعيينات على رأس خمسة مؤسسات استراتيجية وحيوية، قرأها خبراء على أنها تعيينات طبيعية ومنسجمة مع طموح وحاجة المملكة لمضاعفة الناتج الداخلي الخام وتطوير البنيات التحتية في أفق 2035، وما تحتاجه هذه القطاعات (الماء، الطاقة، الطرق السيارة، المطارات) من تجديد دماء حكامتها.
من بين القطاعات التي شملها التعيين الملكي الجديد، قطاع الطرق السيارة، بعد إعفاء أنور بنعزوز، الذي شغل المنصب لأزيد من 10 سنوات (عُين في 20 يناير 2014)، قبل أن يتم إعفاؤه يوم السبت 2 يونيو 2024، وتعيين محمد الشرقاوي الدقاقي خلفاً له.
ورافق تدبير بنعزوز لقطاع الطرق السيارة بالمغرب جملة من الانتقادات والاستنكارات، سواء من طرف مستخدمي هذه الطرق أو من العمال والمشتغلين في الشركة.
الدقاقي بتكوين روسي
تخرج محمد الشرقاوي الدقاقي، المعين أول أمس السبت، مديراً عاماً للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، من جامعة سانت بطرسبورغ (روسيا) متعددة التقنيات (بوليتكنيك) مهندساً متخصصاً في الهندسة المدنية.
وعلاوة على دبلوم الهندسة، فقد حصل الشرقاوي الدقاقي على ماستر في إدارة المشاريع من مدرسة المعادن بباريس، وماستر آخر في البناء الهيدروتقني البحري من جامعة سانت بطرسبورغ متعددة التقنيات.
وكان يشغل الدقاقي قبل تعيينه منصب المدير العام لشركة تهيئة وإنعاش المحطة السياحية لتغازوت منذ سنة 2020.
كما شغل، وفق وكالة الأنباء المغربية، منصب المدير العام المنتدب مكلف بقطب “إدارة المشاريع” بشركة “مضايف” بين سنتي 2015 و2020، وغيرها من المسؤوليات الأخرى.
نبذة عن بنعزوز
فيما اكتسب أنور بنعزوز، الذي عينه الملك محمد السادس في 2024، تكويناً فرانكفونياً، وهو حاصل على دبلوم مهندس من المدرسة المركزية بباريس، شعبة الهندسة المدنية، وعلى شهادة الماجستير من إمبريال كوليج للأعمال في لندن، تخصص إدارة الأعمال في المالية والاستراتيجية.
وقد بدأ بنعزوز مساره المهني في تطوير البنية التحتية المغربية في مجال الطرق السيارة في بداية التسعينات.
انتقادات لاذعة من نواب الأمة
غير بعيد من توقيت إعفائه، وفي اجتماع لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن بمجلس النواب، في يناير الماضي، وجه برلمانيون من الأغلبية والمعارضة انتقادات لاذعة للشركة الوطنية للطرق السيارة. وتم خصص جزء مهم من مداخلاتهم لإثارة انتباه وزير التجهيز والماء نزار بركة لـ”اختلالات” تعيشها الشركة.
رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، محمد غيات، قال حينها إن الطرق السيارة تعاني من تعثرات وإشكاليات كبيرة، قد تكون بسبب الحكامة أو ضعف الإمكانيات أو الإرادة السياسية. وأكد أن 50 بالمائة من أقاليم المملكة غير مغطاة بالطرق السيارة، التي تعتبر شرايين التنمية الاقتصادية.
وقال غيات خلال اجتماع اللجنة الذي غاب عنه المدير العام لشركة الطرق السيارة أنور بنعزوز، إن “إدارة الشركة ربما تواجه مشاكل كبيرة”، مشيراً إلى أن “النواب قاموا بمهمة استطلاعية لتحديد مكامن الخلل وتقديم توصيات للحكومة لمعالجة الاختلالات وإصلاحها”.
خدمة ظالمة وحوادث مميتة
من جهته، انتقد سعيد بعزيز من الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، في الاجتماع المذكور، استمرار فرض الشركة لخدمة “جواز” على مستخدمي الطرق السيارة، معتبراً ذلك “ظلماً” لمستعملي الطرق السيارة، حيث تفتح الشركة ستة ممرات لأصحاب الجواز مقابل ممر واحد للمستخدمين العاديين.
حث بعزيز وزير التجهيز والماء على تقديم حلول فعالة وواقعية لمشاكل الشركة الوطنية للطرق السيارة، مؤكداً على أهمية التصدي للمنعرج المميت في تازة، الذي شهد حوادث مميتة في كل مرة تساقطت فيها الأمطار.
وبحسب البرلماني الاتحادي، في كل تساقطات مطرية تعرفها المنطقة يصبح هذا المنعرج خطيراً، ويتسبب في حوادث مميتة، آخرها حادتين خطيرتين خلفت الأولى 19 قتيلاً والثانية 27 قتيلاً، داعياً الوزير بركة إلى ضرورة معالجة هذه الإشكاليات.
إزعاجات متكررة
مشاكل الطرق السيارة، كانت كذلك موضوع عدد من الأسئلة الكتابية والشفهية، الموجهة للوزارة المعنية. خاصة خدمة جواز والإصلاحات الغير منتهية التي تتسب في إزعاج مستخدمي الطريق.
في هذا السياق، سبق وانتقدت البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فاطمة الزهراء باتا، “كثرة الازعاجات في الطرق السيارة بسبب كثرة أشغال إعادة التهيئة، فالمقطع الذي تقع فيه الأشغال يمتد في بعض الأحيان لكيلومترات عدة، ولا يستطيع السائق تجاوز سرعة 60 كلم/الساعة”.
وهو ما يطرح، بحسب البرلمانية المذكورة، “أكثر من تساؤل حول تعرفة الأداء، لأن هذا الاخير مرهون بتقديم خدمة معينة، فإذا انتفى وجود الخدمة انتفى معها وجوب الأداء”، كما نبهت إلى “تسرب الحيوانات إلى الطريق السيار وتسببها في حوادث السير؛ بعضها خطير ومميت، وهي ظاهرة أصبحت تنمو بشكل متزايد، وجب الوقوف عندها ومحاربتها”.
النقابات تصب الزيت على النار
ولم يسلم بنعزوز من انتقادات النقابات، إذ استنكرت ثلاث نقابات وطنية بقطاع الطرق السيارة نهج تبديد الأموال العمومية، الذي يعتمده المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة، في الصفقات التفاوضية مع مكاتب دراسات بدون فائدة، لإضفاء الشرعية لما تم وسيتم تنزيله من مخططات ارتجالية.
كما أن المكتب الوطني للنقابة الوطنية لمستخدمي مراكز الاستغلال للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، قد أعلنت قبل أيام دخولها في “شهر الغضب” ابتداءً من 1 يونيو 2024، وذلك احتجاجا على “تراجعات” الشركة الوطنية للطرق السيارة عن التزاماتها وتعهداتها المنصوص عليها في الميثاق الاجتماعي الموقع عام 2018.
ويأتي هذا القرار، وفق بيان للنقابة، “بعد استنفاد النقابة لكافة الوسائل السلمية لحل الخلاف مع الشركة، بما في ذلك البيانات والمراسلات والاجتماعات، دون جدوى”، متهمة الشركة بـ”التنلص من العديد من بنود الميثاق الاجتماعي، وعدم تنفيذ أهم التزاماتها وتعهداتها”.
المصدر: العمق المغربي