«أطفال السوشيال ميديا» ينشرون خصوصيات الأسر في «مجتمع الإنترنت»
حذّرت دائرة القضاء بأبوظبي من خطورة قيام الأطفال بتصوير ذويهم، ونشر الصور بين أصدقائهم، ما يترتب عليه الكثير من الأضرار في «مجتمع الإنترنت»، منها: كشف خصوصيات الأسرة، والاستغلال والاستدراج، والسماح للغرباء بالتعرف إلى تفصيل حياة الطفل، إضافة إلى سهولة التعرض للابتزاز الإلكتروني. فيما حذر اختصاصيون اجتماعيون ومستشارون أسريون من خطورة نشر خصوصيات الأسر، سواء كانت صوراً أم أخباراً، على وسائل التواصل الاجتماعي، وإتاحتها أمام العامة للاطلاع عليها، حيث يترتب على ذلك الكثير من المشكلات الاجتماعية التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى هدم الأسرة، أو سرقة المنزل. ودعوا الأهل إلى تشديد الرقابة الأسرية على أطفالهم أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وتفصيلاً، أكدت دائرة القضاء أبوظبي خطورة قيام الأطفال بتصوير ذويهم، ونشر الصور بين أصدقائهم، مشيرة إلى أن هذا السلوك ينتج بسبب ضعف الرقابة الأسرية، والرغبة في المباهاة والتفاخر بين الأصدقاء بالممتلكات الخاصة، من دون مراعاة لخصوصية المنزل، وتدني مستوى الوعي والإدراك لدى الطفل، وكسب الرضى والقبول من فئة الأصدقاء. فيما تترتب على هذه التصرفات أضرار، تشمل سهولة الاستغلال والاستدراج من قبل بعض الفئات غير السوية في العالم الافتراضي، ونشر الخصوصية، والسماح للغرباء بالتعرف إلى تفاصيل حياة الطفل، ما يعرضّه للخطر، إضافة إلى سهولة التعرض للابتزاز الإلكتروني.
وأوضحت الدائرة، أن الوقاية وحماية الأطفال من ارتكاب هذه السلوكيات، تتضمن رفع مستوى الوعي لدى الطفل نحو خطورة نقل الحياة الخاصة بتفاصيلها، وتوعية الأطفال بطرق الابتزاز الإلكتروني، وبخطورة معرفة الموقع الخاص بالمنزل أو التفاصيل الخاصة به، وهو ما قد يعرّضهم للاعتداء المباشر وغير المباشر من قبل الغرباء، لافتة إلى أهمية دور المؤسسات التعليمية في تثقيف الأبناء حول أهمية الخصوصية.
وأشارت إلى أن هذا السلوك تترتب عليه قضايا تتخذ أشكالاً متعددة، منها قيام الأبناء بنشر جزء من الخصوصية، كتصوير الأهل وتفاصيل المنزل، والنقل المباشر لبعض المناسبات الخاصة غير القابلة للنشر بين فئة الأصدقاء، ومشاركة يومياتهم بتفاصيلها، وبرفقة العمالة المساعدة أو السائق الخاص، مع ظهور بعض السلوكيات، كالجلوس على رجل السائق أثناء القيادة في الشارع، والجلوس بجانب السائق من دون حزام الأمان، والرقص والغناء مع فئة العمالة المساعدة، وغير ذلك من السلوكيات التي لا تتناسب مع العرف العام في المجتمع، وتشكل خطورة على الطفل، مع عفويته وفقد الوعي والإدراك لصغر سنه.
ودعت الأهل إلى تشديد الرقابة على أطفالهم أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
«فيديو وصور»
وحذر اختصاصيون اجتماعيون ومستشارون أسريون، محمد مازن، وليلي بكر، ومنار ياسين، وعائشة موسى، من خطورة انتقال هوس السوشيال ميديا من الشباب إلى الأطفال، حيث بات العديد من الأطفال الذين لم يتجاوزوا سن العاشرة، أو الثانية عشرة على الأكثر، لديهم حسابات على تطبيقات منصات التواصل الاجتماعي، ويقومون بنشر مقتطفات «فيديو وصور» من أنشطتهم اليومية الاجتماعية والأسرية داخل المنزل وخارجه، باستخدام هواتفهم الذكية.
وأشاروا إلى أن الأطفال بدأوا في الدخول والانخراط في تلك المواقع تقليداً لذويهم، ويقومون بتصوير ونشر كل شيء وأي شيء يصادفونه، دون التفرقة بين العام والخاص، وما هو مسموح بنشره وما يدخل في نطاق الخصوصية والأسرار العائلية، إضافة إلى أن تقليد الأطفال لذويهم في استخدام تلك المواقع بشكل كبير، قد يجعلهم عرضة لخطر التعرض للآثار السلبية لتلك المواقع مستقبلاً.
وحذروا من أن مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تلعب دوراً مهماً في نمط حياة البشر في الوقت الحالي، حيث أصبح بإمكان مُستخدميها التفاعل بشكل لا حدود له مع غيرهم، ونشر أي نوع من الصور، والمعلومات، ما يؤثر بشكل كبير على طبيعة العلاقات الاجتماعية، خصوصاً الأسرية، لمستخدميها، لافتين إلى أهمية تشديد رقابة الأهل، وأهمية دور المؤسسات التعليمية في توعية وتوجيه الأطفال والمراهقين، وإجراء البحوث، وعمل الدورات التدريبية والندوات لذوي الطلبة.
من جانبه، قال المستشار الأسري، أستاذ الثقافة الإسلامية ومجتمع الإمارات، الدكتور سيف الجابري، إن «استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي بات عملاً دورياً يستنزف ساعات طويلة من يومهم، بين نشر لصور ومعلومات وأخبار شخصية على الملأ، ويتخطى ذلك إلى نشر خصوصيات الأسرة دون فهم أو إدراك لخطورة ذلك، كما تُعرّض مواقع التواصل الاجتماعي الطفل لمشكلات كثيرة، نتيجة تواصله مع غرباء، إضافة إلى تعرض معظم الأطفال للتنمر والعنف اللفظي، وحدوث حالات القلق والاكتئاب عندهم».
فيما أشارت الاختصاصية الاجتماعية، ماجدة سمير، إلى أن نشر الأشخاص لخصوصياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، يتسبب في حدوث مشكلات اجتماعية وأسرية، وقيام الأطفال بهذا الفعل يزيد من المشكلات المترتبة عليه، حيث يقوم الأطفال بنشر صور، وعمل بث مباشر، دون إعلام ذويهم، ما يتسبب في ظهور مشاهد وأجزاء خاصة بالمنزل أمام الجميع، مشيرة إلى أن أمان المنازل لم يعد مرتبطاً بالأسوار المحيطة بها أو الأبواب المغلقة أو الستائر المسدلة، وباتت الخصوصية يتم كشفها من خلال كاميرات الهواتف، التي تسببت في هدم الكثير من الكيانات الأسرية.
وأكد الأستاذ المساعد في قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات بكلية الهندسة، جامعة أبوظبــي، الدكتور مـراد الرجب، على أهمية توعية الآباء بمخاطر الإنترنت على الأطفال من خلال الندوات والدورات والورش التثقيفية التي يجب على مؤسسات المجتمع المحلي المبادرة إليها. كما يجب على الآباء السعي إلى تقليل خطر تعرض الأطفال عبر الإنترنت لبعض السلوكيات، مثل الحد من نشر صور يومية يمكن استغلالها، وتجنب إنشاء صفحات فيديو قد تعرّض الأطفال لسوء الاستغلال والاستدراج إلى أفعال لا تُحمد عقباها، إضافة إلى ضرورة توجيه الأهل للأطفال بعدم مشاركة معلومات شخصية، كالأسماء الكاملة، وتواريخ الميلاد، وأرقام الهواتف أو عناوين المنازل.
الطفولة المبكرة
فيما ذكرت هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، أن نحو 66% من الأسر في الإمارات لا تفرض قيوداً على المحتوى الذي يتعرض له أطفالها على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت، مشيرة إلى أن تنمية الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة تسهم بشكل فعال في تحسين ظروف مستقبله، فالأطفال الذين يستفيدون من برامج الطفولة المبكرة يرتفع لديهم معدل الذكاء بأكثر من 11 نقطة، وتنخفض لديهم احتمالية خطر الإصابة بأمراض مزمنة بنسبة تراوح بين 20% و50%، كما تقل احتمالية احتياجهم لتعليم خاص بنسبة 50%، فيما تزيد احتمالية تخرجهم في المدرسة الثانوية بنسبة 33%، وترتفع احتمالية حصولهم على وظيفة تتطلب مهارات بمعدل الضعفين، وتراجع احتمالية انخراطهم في مشكلات المخدرات أو الكحول بنسبة 50%، ويزيد متوسط دخلهم الشهري بأكثر من 30%، وينخفض كذلك خطر الإصابة بالسمنة بمعدل الضعفين، فصلاً عن انخفاض معدل التعرض والانخراط في السلوكيات المنافية للقيم المجتمعية.
حماية الأطفال
أطلقت هيئة أبوظبي للطفولة، ضمن برنامج تكوين الصيفي، أول دليل من نوعه على مستوى الدولة لحماية الأطفال على الإنترنت في مرحلة الطفولة المبكرة، وذلك بهدف توفير إرشادات شاملة للتعامل مع التهديدات والمخاطر المحتملة التي قد يواجهها الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، خلال استخدامهم مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، وغيرها من المحتوى الرقمي.
ويهدف «دليل الوالدين لحماية الأطفال على الإنترنت في مرحلة الطفولة المبكرة» إلى مساعدة الآباء على فهم الطرق التي يمكنهم من خلالها دعم أطفالهم عبر توفير نشاط آمن ومنظم وصحي لهم على الإنترنت في السنوات المبكرة من عمرهم، ومساعدة الوالدين كذلك على فهم التهديدات المتوقعة والمخاطر المحتملة نتيجة استخدام أطفالهم للإنترنت والألعاب الإلكترونية، كالتنمر الإلكتروني، والإساءة للأطفال عبر الإنترنت، وسبل التعامل الصحيح معها والإبلاغ عنها.
. «قضاء أبوظبي»: السلوك ناتج عن ضعف الرقابة الأسرية، والرغبة في المباهاة والتفاخر بين الأصدقاء بالممتلكات الخاصة.
. 66% من الأسر لا تفرض قيوداً على ما يشاهده أطفالها على منصات التواصل الاجتماعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم