دفاع نواب عن أصحاب “البدلة السوداء”.. هل يسقط برلمانيين في فخ تضارب المصالح؟
أثار دفاع بعض البرلمانيين، الذين يمتهنون مهنة المحاماة، عن مصالح زملائهم المحامين في مشروع قانون المسطرة المدنية نقاشا حادا داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. وتباينت الآراء بين من يرى أن النائب البرلماني يجب أن يشرع لصالح جميع المواطنين وليس لفئة معينة، ومن يرى بأن الدفاع عن حقوق المحامين لا يتعارض مع المصلحة العامة، بل يمكن أن يسهم في تحسين نظام العدالة بشكل عام.
وبرز بشكل لافت منذ بداية مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، دفاع عدد من النواب البرلمانيين عن مهنة المحاماة، إذ في كل مرة، كان هؤلاء النواب يستحضرون تجاربهم المهنية للتعليق على المستجدات التي جاء بها مشروع القانون، مما أثار جدلا حول تضارب المصالح بين دورهم كمشرعين ومهنتهم كمحامين.
وأثيرت هذه الملاحظة، خلال اجتماع لجنة العدل والشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، لمناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية، الثلاثاء الماضي، حيث رفض نواب يمتهنون المحاماة، تحمل المحامين لمسؤولية التبليغ وأداء مصاريف الخبرة القضائية مكان موكليهم.
في هذا الإطار، قال البرلمانية عن الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، زينة إدحلي، “نحن هنا نمثل المواطنين، وليس فئة المحامين، ويجب أن نبعد أنفسنا عن المهنة التي نزاولها خارج قبة البرلمان”، مشددة على أن النائب يجب أن يقدم مصلحة المواطن على مصلحته، و”مصلحة المواطن هي أن لا يتأخر ملفه في المحكمة وتصدر الأحكام بسرعة”، وفق تعبيرها.
وأضافت البرلمانية التجمعية، والتي تمتهن هي الأخرى المحاماة، أن المشرع يجب أن يضمن سير منظومة العدالة بسلاسة وأن تكون في مصلحة المواطن، مشيرا إلى أن “إجراءات البث في القضايا يجب أن تكون بسرعة، وأن لا تتأخر، فقط بسبب أن المواطن لم يُبلّغ بأداء مصاريف الخبرة القضائية”.
فيما ردت عليها البرلمانية عن الفريق الاستقلالية، فطيمة بن عزة، “أنا لا أمثل المحامين، أنا أمثل الأمة، والمحامي جزء من الأمة، وهو الذي يحمي حقوقها”، مضيفة أن الدفاع عن المحامي هو حماية للمواطن والمرتفق وللعدالة، مسجلة أن المحامين لا يجب إثقال كاهلهم بمسؤولية التبليغ في ظل وجود كتابة الضبط.
وأكدت أنها مع النجاعة في الأحكام القضائية، والتي سيستفيد منها المواطن والعدالة، غير أنها سجلت رفضها لمنطق الإسراع فيما يخص تبليغ المحامين، واصفة ذلك بأنه “مسألة خطيرة جدا”، ويمس بهيئة أبانت على مدى العصور على أنها تساهم في تحقيق العدالة، وأنها عنصر جد هام في المنظومة.
وخاطبت المحامية الاستقلالية، الوزير عبد اللطيف وهبي قائلة: “لا يمكن أن نحمل المحامين ما لا يطيقون، خصوصا إذا كانت الخبرات القضائية يلزمها مبالغ مهمة وهو مجبر بأدائها نيابة عن موكله”، معتبرة ذلك بأنه “محاولة لحشر المحامي في الزاوية، ويجب مراعاة ظروفه وعدم تحميله ما لا يطيقه”.
وفي تفاعله مع مداخلات النواب، قال رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، سعيد بعزيز “من حيث المبدأ نحن هنا نواب برلمانيون وهي الصفة التي نناقش بها”، مؤكدا بأنهم يشرعون للمواطن بصفة عامة وليس لفئة ضد أخرى.
وتابع البرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية: “لنكن واضحين، حينما نناقش مشروع قانون المسطرة المدنية، فإن المحامي جزء أيضا من منظومة العدالة، ونفس الشيء بالنسبة للمفوضين القضائيين والقضاة وباقي مهن العدالة”.
المصدر: العمق المغربي