تسويف جدة في انتظار ريمونتادا
عثمان يس ود السيمت
قد يعتقد القراء غير المهتمين بالرياضة أن ريمونتادا المنتظر في جدة هو شخصية ستشارك في حلحلة وضعنا المتأزم جدا أو قد يظن غير ذلك. لكن الواقع أن معنى ريمونتادا (وهذه قد تكون مفاجأة لعشاق الرياضة) هذه المرة أن معنى كلمة أو مصطلح ريمونتادا La Remontada هو مصطلح حربي وقتالي أسباني يعني (التعافي والرجوع لتحقيق نصر انطلاقا من هزيمة ساحقة ووضع ميئوس منه). ظهر هذا المصطلح في حرب إقليمي الباسك وكاتالونيا في اسبانيا ومحاولتهما الإنفصال في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. لكن هذا المصطلح إعيد بعثه حديثا على المستطيل الأخضر وبرز بصورة كبيرة عقب (ريمونتادا برشلونة ضد باريس سان جيرمان في تصفيات نهائيات أبطال أوروبا 2017م) عندما فاز برشلونة 1/6 في مباراة الرد بعد هزيمته في الذهاب 4/0.
وفي الحالة السودانية فالريمونتادا المتوقعة في جدة ليست عسكرية ولا قتالية وبالطبع ليست رياضية. حيث أن أنه في المجال العسكري يبدو أن الدعم السريع حقق فوزا كاسحا في الذهاب يتعذر معه جدا تحقيق ريمونتادا خاصة ونحن نكاد نكون في نهاية الشوط الثاني من الإياب ولدينا بعض الوقت الضائع إلا أن سير أحداث المباراة لا يبشر بأن الجيش سيحقق ريمونتادا. فإذا حسبنا النتيجة بالتقسيم القديم فالنتيجة نصر كاسح لصالح الدعم السريع فهو لديه دارفور وكردفان والنيل الأزرق والخرطوم وبمعنى آخر هو يسيطر على (الملعب). فهذه الأقاليم الأربعة هي:
1. أكثر من 90٪ من اقتصاد السودان.
2. وما يقارب 80٪ من سكان السودان.
3. ولا يقل بأي حال من الأحوال عن 60٪ من مساحة السودان.
4. أي أن الدعم السريع حقق انتصارا كاسحا في الذهاب وفي الإياب ، حتى الآن فهو المسيطر والمستحوذ على الكرة.
5. الميزة الوحيدة للجيش هو سيطرته على الميناء. وهي تشبه حالة الفريق الذي يحرس مرماه فقط ولا يلعب فكيف له أن ينتصر.
6. في الوقت الذي يتمتع فيه الدعم السريع بتماسك القيادة يبدو جليا أن الجيش يعاني من أزمة قيادة وتدريب وليست لديه عناصر كافية للسيطرة على خطوط اللعب بعكس الدعم السريع.
7. دكة البدلاء لدى الدعم السريع مترعة وتعاني من التخمة كدكة بدلاء مانشيستر سيتي في الوقت الذي يلعب الجيش بإحتياطي غير مدرب وغير مؤهل ودكة بدلائه خاوية.
8. الأدهى والأمر أن الدعم السريع يلعب من أجل نفسه. وهذا يعبر عن قوة عقيدته ، أما الجيش فيلعب بالوكالة لجهة أخرى يستعير عقيدتها القتالية جاهدا.
9. المباراة تكاد تكون خالية من الجمهور وخالية من التحكيم أيضا ، إلا أن تكتيكات ديبلوماسية يقوم بها الدعم السريع تكسبه بعض التعاطف فيما يفتقد الجيش ذلك.
هذا إن كنا نتحدث عن ريمونتادا عسكرية تحسم ما تبقى من المباراة ، إلا أن الزمن المتبقي لن يسعف الجيش بتحقيق ريمونتادا يفوز فيها ويقصي الدعم السريع. كان يمكن للجيش (ومن يلعب الجيش نيابة عنه) تغيير اللعب تماما بل وتغيير الملعب وكسب جماهير لو أنه انتهج تحولا انموذجيا وجذريا paradigm shift واتجه نحو جدة وجنح للسلم لكن (المكتولة ما بتسمع الصايحة). ويبدو أن ما يقوم به هو عملية انتحارية (أجبر عليها) كمن اتحزم واتلزم بحزام ناسف والريموت ليس بيده وإنما بيد صاحب المصلحة.
هذا يوضح ما سيحدث في الدقائق المتبقية من المباراة والتي قد يمتد الزمن بدل (الضائع) فيها لشهور وسنين والسبب في هذا التوقع المتشائم أن الريمونتادا التي كنا نتحدث عنها هي ريمونتادا ليست بين الدعم السريع والجيش وإنما بين الكيزان وواجهتهم الجيش والطرف الآخر ثورة ديسمبر. فهي ليست عسكرية كما يبدو.
أيها القراء والقارئات الأفاضل مباراة الذهاب كانت بين ثوار ديسمبر والكيزان وانتهت في 11 أبريل 2019م بنصر ساحق للثوار ومن يحلم بالريمونتادا هم الكيزان وهي ريمونتادا شبه مستحيلة وقطعا لن تتحقق في جدة إذا جرت الأحداث بصورة طبيعية. لذلك ذهاب الكيزان لجدة لن يحرمهم فقط من مجرد أمل ضربات جزاء ترجيحية ولكن قد يحرمهم من النشاط (الرياضي) مدى الحياة.
قد يقول قائل أن لا شئ بعيد في عالم (الرياضة) لكن كل الشواهد تؤكد ما ذهبت إليه ، فالريمونتادا عادة متوقعة في (التصفيات) حيث يقصي أحد الفرق الفريق الآخر ما بين ذهاب وإياب ، لكن قد تحدث ريمونتادا في مباراة واحدة (حتى لو كانت النهائية) كما فعل ليفربول ببرشلونة في مباراة واحدة كانت نتيجة الشوط الأول 0/3 لبرشلونة وتعافى ليفربول وعاد في الشوط الثاني وتعادل معه ليفوز بضربات الجزاء الترجيحية. إذا ذلك ممكن لكن بفريق يلعب له اوريقي وويندهام وصلاح (ويقوده يورجن كلوب) وليس بفريق يلعب له المستنفرين ويقوده ياسر العطا والبرهان. ففريقنا يا سادة يا كرام (هزم في غرفة الملابس) عندما تم (تسريح لعيبته وبيعهم للفريق المنافس) وتم جلب عمال الملعب وبعض الجاهير و(ألبوسهم فنلاتنا) كخيال المآتا برغم أن خيال المآتا يثبت في موقعه ، أما فريقنا (فتكتيكه الانسحاب).
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة