الملك يعفي مسؤولين راكموا الفشل في تدبير قطاعات حيوية
قرر الملك محمد السادس اليوم السبت ضمن أشغال المجلس الوزاري الذي انعقد بالقصر الملكي بالدار البيضاء إعفاء عدد من المسؤولين ممن راكموا افشل في تدبير مؤسسات استراتيجية وحيوية بالمملكة في قطاعات الماء والطاقة والطرق السيارة.
ومن أبرز المسؤولين الذين طالهم قرار الإعفاء عبدالرحيم الحافيظي الذي ظل يدبر شؤون المكتب الوطني للماء والكهرباء منذ سنة 2018، وهي مدة كانت كافية لإغراق المكتب بديون قال مجلس المنافسة في أحدث تقرير له إنها بلغت 100 مليار درهم عند متم 2022، منها 37 مليار درهم تتعلق بالالتزامات المالية لنظام معاشات المستخدمين عبر الصندوق المشترك للتقاعد التي تضاعفت في عشر سنوات، إذ بلغت في 2013 ما مجموعه 16,5 مليار درهم.
واتهم الحافيظي من طرف وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي الأسبق، مولاي حفيظ العلمي، بخلق عراقيل كانت السبب في عدم استغلال وتوظيف الطاقات المتجددة في الإنتاج الصناعي، وهو الاستغلال الذي من شأنه أن يقلص من الانبعاثات الغازية والتحول نحو صناعة نظيفة.
هذه العراقيل التي اعتبرها العلمي خلال مذاخلة له آنذاك بلجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، معاكسة للتوجه الملكي، ووضعت المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في موقف حرج، وخاصة في مجموعة من المشاريع، سواء المرتبطة بتسريع ورش استغلال الطاقة النظيفة في المشاريع الصناعية الوطنية، أو المرتبطة بتدخل بعض الشركات الأجنبية في إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة.
وكانت جريدة قد تطرقت في مقالات إلى صفقات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ظفرت بها شركة واحدة، وبلغت قيمتها 11.6 مليار سنتيم من 26 صفقة أطلقها المكتب.
وفي هذا السياق، طالب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، المجلس الأعلى للحسابات بافتحاص صفقات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وأن يعمد الى نشر تقريره طبقا للقانون وإحالة المتورطين المفترضين في شبهات فساد على الجهات القضائية المختصة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتساءل الغلوسي، في تدوينة له، تعليقا على ما نشرته العمق حول هذه الصفقات: هل الصدفة والحظ هما من لعبا دورهما في استحواذ هذه الشركة على هذه الصفقات.
أما أنور بنعزوز الذي عين سنة 2014، مديرا عاما للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، فقد غادر الشركة بعد أن فشل في تدبيرها ليعين الملك محمد الشرقاوي الدقاقي خلفا له.
وفي يناير 2024، وجه برلمانيون من الأغلبية والمعارضة انتقادات لاذعة للشركة الوطنية للطرق السيارة، خلال اجتماع للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن بمجلس النواب، حيث خصص عدد من النواب جزءا مهما من مداخلاتهم لإثارة انتباه وزير التجهيز والماء نزار بركة لـ”اختلالات” تعيشها الشركة.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، محمد غيات، أن الطرق السيارة تعاني من تعثرات وإشكاليات كبيرة، قد تكون بسبب الحكامة أو ضعف الإمكانيات أو الإرادة السياسية، مسجلا أن 50 بالمائة من أقاليم المملكة غير مغطاة بالطرق السيارة التي تعتبر شرايين التنمية الاقتصادية.
وقال غيات خلال اجتماع اللجنة الذي غاب عنه المدير العام لشركة الطرق السيارة أنور بنعزوز، إن “إدارة الشركة ربما هادشي كبير عليها”، مشيرا إلى أن “النواب شكل مهمة استطلاعية لكي نكون منصفين ونبحث عن مكامن الخلل ونرفع توصيات للحكومة من أجل استدراك الاختلالات وإصلاحها”.
من جهة أخرى، انتقد سعيد بعزيز من الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، استمرار فرض الشركة لخدمة “جواز” على مستخدمي الطرق السيارة. واعتبر ذلك “ظلماً” لمستعملي الطريق السيار، حيث تفتح الشركة ستة ممرات لأصحاب الجواز مقابل ممر واحد للمستخدمين العاديين.
وحث بعزيز وزير التجهيز والماء على تقديم حلول فعالة وواقعية للمشاكل التي تعاني منها الشركة الوطنية للطرق السيارة، مؤكداً على أهمية التصدي للمنعرج المميت في تازة الذي شهد حوادث مميتة في كل مرة تساقط فيها الأمطار.
وبحسب البرلماني الاتحادي، ففي كل تساقطات مطرية تعرفها المنطقة يصبح هذا المنعرج خطيرا، ويتسبب في حوادث مميتة، آخرها حادتين خطيرتين خلفت الأولى 19 قتيلا والثانية 27 قتيلا، داعيا الوزير بركة إلى ضرورة معالجة هذه الإشكاليات.
في سياق متصل، انتقد البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فاطمة الزهراء باتا، “كثرة الازعاجات في الطرق السيارة بسبب كثرة أشغال إعادة التهيئة، فالمقطع الذي تقع فيه الأشغال يمتد في بعض الأحيان لكيلومترات عدة، ولا يستطيع السائق تجاوز سرعة 60 كلم/ الساعة”.
وهو ما يطرح، بحسب البرلمانية المذكورة، “أكثر من تساؤل حول تعرفة الأداء، لأن هذا الاخير مرهون بتقديم خدمة معينة فإن انتفى وجود الخدمة انتفى معها وجوب الأداء”، كما نبهت إلى “تسرب الحيوانات إلى الطريق السيار وتسببها في حوادث السير؛ بعضها خطير ومميت. وهي ظاهرة أصبحت تنمو بشكل متزايد، وجب الوقوف عندها ومحاربتها”.
ولم يسلم بنعزوز من انتقادات النقابات، إذ استنكرت ثلاث نقابات وطنية بقطاع الطرق السيارة نهج تبديد الأموال العمومية، الذي يعتمده المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة، في الصفقات التفاوضية مع مكاتب دراسات بدون فائدة، لإضفاء الشرعية لما تم وسيتم تنزيله من مخططات ارتجالية.
وشمل الإعفاء الملكي مصطفى الباكوري من منصب الرئيس المدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة، الذي ظل يزور مقر “مازن” في مناسبات نادرة، وذلك بعد إخضاعه للتحقيق منذ 3 سنوات حول إدارته لبعض مشاريع الطاقة الشمسية، ومنعه من مغادرة التراب الوطني منذ مارس 2021.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن غضبة ملكية طالت مصطفى الباكوري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، بسبب ما وصف باختلالات في تدبيره للوكالة التي يتولى رئاستها منذ سنة 2009.
المصدر: العمق المغربي