ايقاف الحرب … ذلك التحدي الكبير
د.محمد حمد مفرح
الجزء ٢/٢
ومن الأهمية بمكان التأكيد على ان افرازات الحرب الكبيرة والمتنوعة التي سبق وان استعرضتها تفصيلا في مقالات سابقة ، كما اسهب غيري من الكتاب في تناولها ، من المفترض ان تدفع طرفي القتال لاستشعار المسؤولية الوطنية National Responsibility تجاه ازمة الوطن التاريخية وتقديم مصلحته على كل ما عداها من خلال الوقف الفوري للحرب والاستعداد للوفاء بكل استحقاقات إعادة تاهيل البلاد واستعادة مسار التحول الديموقراطي. وعلى طرفي الحرب إدراك حقيقة وقوف الوطن على شفا الانهيار التام وتلاشيه من على الخارطة الدولية ، ما يستلزم وقف الحرب اليوم قبل الغد.
على صعيد اخر يتعين على تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية (تقدم) تصعيد وتيرة اهتمامها بأزمة الوطن ومضاعفة جهودها عبر طرق كل ابواب تفكيك هذه الازمة. لقد سبق لي ان أشرت في مقال سابق الى ضرورة زيادة فاعلية الكيان المدني والذي تجسد الآن في (تقدم) كأكبر جسم مدني بارز في الساحة حاليا ، ومنفتح على كل جهة تنشد مصلحة الوطن وتروم الديموقراطية الحقة. غني عن القول انه يتعين على (تقدم) لعب دور طليعي في ابراز تداعيات الحرب الدائرة في السودان وافرازاتها واثارها الضارة ، مع حث الجهات الاقليمية والدولية على لعب دور فاعل في حل ازمة الوطن. كما ذكرت في المقال المشار إليه الى أهمية طرق القوى المدنية ابواب الاتحاد الافريقي African Union والايقاد IGAD والامم المتحدة UN والجامعة العربية Arab League والقوى الاقليمية المؤثرة فضلا عن سائر المنظمات الدولية والقوى الدولية الفاعلة ، من اجل حثها على ودفعها الى الاسهام الجدي والقوي في مساعدة السودان في وضع حد لأزمته الحالية.
ومما يجدر ذكره ، في هذا الصدد ، أن خطوة عقد (تقدم) لمؤتمرها التأسيسي الذي بدأ قبل يومين ، تمثل نقطة تحول جوهرية Crucial turning point في الحراك المدني الفاعل والمنتج والمأمول الذي يمكن ان يكون له ما بعده على صعيد تحقيق الاهداف الانية والمستقبلية. وبالقطع يمثل استمرار زخم فاعلية (تقدم) صمام امان نجاحها في تحقيق الاهداف الوطنية National Objectives والتي يمكن بلورتها ، في التحليل النهائي ، في تخطي عقبات الديموقراطية الحقة ، التي تمثل أس أزمة البلاد.
ومن الأهمية بمكان الاشارة الى ان هنالك حاجة ماسة لدعم شعبي واسع لمساعي (تقدم) الوطنية ذات الصلة بايقاف الحرب وفتح المسارات من اجل تدفق العون الانساني للجوعى والمحتاجين من المواطنين ومن ثم بدء العملية السياسية بالتوازي مع الايفاء بكل مطلوبات التحول الديموقراطي. كما ان من الأهمية بمكان القيام بازالة تغبيش الوعي الجماهيري ومحاربة شيطنة (تقدم) ووضع حد لتقويض جهودها ، عبر توعية الجماهير بأهميتها وتبرءة ساحتها من التهم التي الصقها ويلصقها بها اعداء الديموقراطية. لقد استمتعت الى كلمة (تقدم) التي القاها الدكتور عبد الله حمدوك ، ولا املك الا وان اؤكد على شمولية طرحها ونبل مقصدها علاوة على براءة (تقدم) من كل ما الصق ويلصق بها من تهم لا تستبطن الا قطع الطريق على مشوار التحول الديموقراطي.
وليس ثمة من شك في أن الجهود الجمعية المخلصة Sincere collective efforts لكافة اطياف الشعب السوداني تجاه تفكيك ازمة الوطن تمثل عاملا مفتاحيا Key factor يعول عليه في انهاء الازمة. هنالك حاجة لتحكيم صوت العقل وتغليبه على ما عداه ، وانحسار الاجندة الخاصة من اجل مصلحة الوطن في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به.
غني عن القول ان الشعب السوداني لا يستغنى عن الدور الاقليمي والدولي في الوقوف الى جانبه والاسهام في ايجاد حل لهذه الأزمة. وهنا تأتي الحاجة الى مضاعفة طرفي الوساطة والقوى الاقليمية والدولية ذات التأثير لجهودهم بغية حمل طرفي القتال على ايقاف الحرب.
مجمل القول ان التحدي ذا الصلة بالأزمة السودانية يعد جد كبير والمشهد السياسي Political scene يحدث عن تعقيدات غير عادية ، ما يستدعي تضافر كل الجهود ومضاعفتها من اجل تخطى الوطن هذه الأزمة الوجودية.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة