تجاهل إسرائيل للقرارات الأممية يضع مصداقية المنتظم الدولي على المحك
تستمر إسرائيل في نهج سياستها “الوحشية” ضد الشعب الفلسطيني، ضاربة عرض الحائط قرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف فوري لإطلاق النار، بالإضافة عدم القدرة على اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أوامر لاعتقاله بسبب جرائم الحرب التي يقوم بها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أحداث متسارعة كان آخرها “مجزرة” رفح، حيث عمل الاحتلال الإسرائيلي على قصف مخيم للاجئين، أودى بحياة 40 شهيدا، ما أظهر عجز المنتظم الدولي على حفظ الأمن والسلم العالميين، كما جعل المنظومة القيمية التي تتبناها العديد من المنظمات الدولية تسقط أمام الدعم الذي تقدمه الدول الغربية لإسرائيل من أجل “قتل الفلسطينيين”.
ناهيك عن استخدام حق النقض “الفيتو” في العديد من المناسبات داخل مجلس الأمن ضد مصالح الدولة الفلسطينية، وعلى رأسها استخدام أمريكا لهذا الحق من أجل منع قرار يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة.
تحدي إسرائيل للعالم ورفضها التوقف عن المجازر المرتكبة داخل قطاع غزة ومختلف المناطق الفلسطينية المحتلة، يسائل مدى قدرة المنتظم الدولي على فرض قراراته لضمان السلم والأمن الدوليين، وهل يفرغ التعنت الإسرائيلي قرارات محكمة العدل الدولية من محتواها؟
مصداقية المؤسسات الدولية
هشام معتضد خبير في الشؤون الاستراتيجية، أكد أن تجاهل إسرائيل لقرارات محكمة العدل الدولية وغياب عامل ردع دولي لتطبيق هذا التوجه القانوني، لا يفرغ فقط القوة القانونية لهذه المؤسسة، إنما هو مؤشر آخر ينضاف لعدة مؤشرات، ليؤكد محدودية القوة السياسية والقانونية للمنظمات الدولية التي تعتبر صوت المنتظم الدولي، خاصة عندما يتعلق الأمر بقتل الأبرياء وتدهور الأوضاع الإنسانية وسلب الحقوق وإغتصاب السيادة.
وأضاف المتحدث في تصريح لجريدة “العمق”، أن ما تفعله إسرائيل بقواعد إطار المنظومة الدولية يسائل نوايا المنتظم الدولي، وحقيقة توجهاته الحقوقية والسياسية والقانونية ومدى وعيه بالمسؤولية التاريخية التي يتحملها والتي سيرثها الأجيال القادمة.
مصداقية المؤسسات الدولية، حسب المتحدث، كانت دائما محط نقاش سياسي وقانوني وأخلاقي منذ نشأة فكرتها لتدبير الخلافات والاختلافات بين المجتمعات والدول، وما تعيشه مؤسسات النظام العالمي الحالي “يترجم عدم قدرة المنظمات على مسايرة تطور الديناميكية الدولية وتنقل محور القوة، بالإضافة إلى صعود ثقافات سياسية جديدة مرتبطة بالتطور الفكري للشباب، وارتقاء الثقافة الاقتصادية والاستراتيجية للعديد من الدول الصاعدة يجب أخدها بعين الإعتبار في تدبير توجهات الشأن الدولي”.
مؤسسات فاقدة للردع
وأقر المتحدث أن المؤسسات الدولية الراهنة غير قادرة على إنتاج حلول تساير التحولات السياسية الحاصلة على مستوى الساحة الدولية، وتفتقر لأدنى أدوات الردع السياسية والقانونية، من أجل تطبيق توجهاتها الإستراتيجية، وبالتالي فالمنتظم الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى بإعادة التفكير في تصوره السياسي لهذه المؤسسات، من أجل تدبير أكثر واقعية لاعتبارات جيوسياسي بالإضافة إلى التطورات المجتمعية.
وأوضح خبير الشؤون الاستراتيجية “أننا اليوم لسنا فقط بحاجة إلى نظام عالمي جديد أكثر عدالة، لكن بحاجة أيضا إلى فكر سياسي جديد قادر على احتواء الإختلاف العالمي والتعددية القطبية التي يتجه لها العالم، والذي لم يتقبل نظاما عالميا يأخذ بعين الإعتبار مصالح أطراف بحد ذاتها على حساب الضمير الإنساني”.
وأشار الخبير في الشؤون الاستراتيجية، إلى أن العالم يتجه لاصطدام حاد بين، مختلف الفاعلين الصاعدين الجدد من جهة، ونظرائهم التقليديين من جهة أخرى، والذين عبروا مرارا بطريقة غير مباشرة عن عدم استعدادهم لتقبل سرعة التحولات الفكرية والاقتصادية، وبالتالي عدم التفكير في إعادة هندسة الآليات المؤسساتية والتنظيمية الدولية لتصبح أكثر واقعية وقادرة على حماية حقوق وواجبات المجتمعات الدولية، بعيدًا عن شخصنة المصالح والهيمنة التقليدية لهذا النظام.
المصدر: العمق المغربي