بصور حساسة لزوجها المغربي.. الموساد ابتز مسؤولة بارزة بالجنائية الدولية لوقف التحقيق ضد إسرائيل وطن
وطن قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إنها حصلت على معلومات تفيد بأن الرئيس السابق للموساد الإسرائيلي “يوسي كوهين”، هدد المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة “فاتو بنسودا”، في سلسلة من الاجتماعات السرية حاول خلالها الضغط عليها للتخلي عن التحقيق في جرائم الحرب التي قامت بها إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتصالات السرية التي أجراها “كوهين” مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك، جرت في السنوات التي سبقت قرارها فتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعرضت الغامبية فاتو بنسودة، للابتزاز والمساومة من طرف يوسي كوهين، من أجل دفعها للتخلي عن فكرة فتح تحقيق ضد السلطات الإسرائيلية.
وبلغ هذا التحقيق، الذي بدأ في عام 2021، ذروته الأسبوع الماضي عندما أعلن “كريم خان”، خليفة بنسودا، أنه يسعى لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن سلوك البلاد في حربها في غزة.
وبحسب تقرير “الغارديان” فقد هدد رئيس الموساد السابق، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية وعرض عليها صورا لزوجها تم التقاطها بشكل سري عندما كان برفقتها في لندن، حيث هددها بنشر الصور والتسجيلات المسيئة لزوجها المغربي الأصل، فيليب بنسودة.
وأخبرها أن فتح التحقيق ضد إسرائيل سيضر بمسيرتها المهنية، كما أنه خلال آخر لقاءين بينهما أثار “تساؤلات” بخصوص أمنها وأمن أسرتها، بطريقة دفعتها للاعتقاد بأن الأمر ينطوي على تهديدات، وذلك ضمن سلسلة من اللقاءات عددها ثلاثة، ما بين 2019 و2021.
ولم يتم الكشف عن محتوى تلك التسجيلات أو الأطراف التي سجلتها، لكن أحد الاحتمالات هو أنه تم استهداف فيليب بنسوة من قبل “الموساد” أو من قبل جهات خاصة في دولة أخرى أرادت التأثير على المحكمة الجنائية الدولية، والاحتمال الآخر هو أن المعلومات مُلفقة.
أوامر اعتقال نتنياهو
وأشار المصدر إلى أن قرار المدعي العام بتقديم طلب إلى الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، إلى جانب ثلاثة من زعماء حماس، هو نتيجة تخشى المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية الوصول إليها منذ فترة طويلة.
وحصل تورط كوهين الشخصي في العملية ضد المحكمة الجنائية الدولية عندما كان مديراً للموساد. وقد تم التصريح بأنشطته على مستوى عالٍ وتم تبريرها على أساس أن المحكمة شكلت تهديدًا بملاحقة أفراد عسكريين، وفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير.
وقال مصدر إسرائيلي آخر مطلع على العملية ضد “بنسودا” إن هدف الموساد هو تعريض المدعية العامة للخطر أو تجنيدها كشخص يتعاون مع مطالب إسرائيل. وقال مصدر ثالث مطلع على العملية إن كوهين كان يعمل “كرسول غير رسمي” لنتنياهو.
وقاد كوهين، الذي كان أحد أقرب حلفاء نتنياهو في ذلك الوقت وظهر كقوة سياسية بحد ذاتها في إسرائيل شخصيًا، مشاركة الموساد في حملة استمرت ما يقرب من عقد من الزمن شنتها البلاد لتقويض المحكمة.
تطور خطير.. مخاوف إسرائيلية من إصدار العدل الدولية مذكرة اعتقال لنتنياهو والأخير يستغيث بهؤلاء
رعب مسؤولين إسرائيليين من إصدار مذكرات اعتقال سراً.. هل تفعلها الجنائية الدولية؟
ضغوط الموساد
وأكدت أربعة مصادر أن بنسودا أطلعت مجموعة صغيرة من كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية على محاولات كوهين التأثير عليها، وسط مخاوف بشأن طبيعة سلوكه المستمرة والمهددة بشكل متزايد.
وكان ثلاثة من تلك المصادر على دراية بإفصاحات بنسودا الرسمية للمحكمة الجنائية الدولية حول هذه المسألة.
وقالوا إنها كشفت أن كوهين مارس ضغوطا عليها في عدة مناسبات لعدم المضي قدما في تحقيق جنائي في قضية فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ووفقاً للروايات التي تمت مشاركتها مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، يُزعم أنه قال لها: “يجب عليك مساعدتنا ودعنا نعتني بك. أنت لا تريد التورط في أشياء يمكن أن تعرض أمنك أو أمن عائلتك للخطر”.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على أنشطة يوسي كوهين إنه استخدم “تكتيكات حقيرة” ضد بنسودا كجزء من جهد فاشل في النهاية لتخويفها والتأثير عليها. وشبهوا سلوكه بـ “المطاردة”.
تسجيلات سرية
كما اهتم الموساد بشدة بأفراد عائلة بنسودا وحصل على نسخ من التسجيلات السرية لزوجها، وفقًا لمصدرين على دراية مباشرة بالوضع. ثم حاول المسؤولون الإسرائيليون استخدام هذه المواد لتشويه سمعة المدعي العام.
وتعود قضية المحكمة الجنائية الدولية إلى عام 2015، عندما قررت فاتو بنسودة فتح تحقيق أولي في الوضع في فلسطين. وفي جهود الموساد للتأثير على بنسودا، تلقت إسرائيل الدعم من حليف غير متوقع: جوزيف كابيلا، الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي لعب دورًا داعمًا في المؤامرة.
ويأتي الكشف عن جهود الموساد للتأثير على بنسودا في الوقت الذي حذر فيه المدعي العام الحالي، خان، في الأيام الأخيرة من أنه لن يتردد في مقاضاة “محاولات إعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل غير لائق” على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.
جرائم ضد إدارة العدالة
ووفقا لخبراء قانونيين ومسؤولين سابقين في المحكمة الجنائية الدولية، فإن الجهود التي يبذلها الموساد لتهديد بنسودا أو الضغط عليها يمكن أن ترقى إلى مستوى الجرائم ضد إدارة العدالة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، المعاهدة التي أنشأت المحكمة.
وأثار قرار بنسودا غضب إسرائيل التي تخشى من محاكمة مواطنيها بسبب تورطهم بجرائم حرب في الأراضي الفلسطينية . وكانت إسرائيل منذ فترة طويلة صريحة بشأن معارضتها للمحكمة الجنائية الدولية، ورفضت الاعتراف بسلطتها. وكثف وزراء الاحتلال هجماتهم على المحكمة، بل وتعهدوا بمحاولة تفكيكها.
وبعد وقت قصير من بدء التحقيق الأولي، بدأت بنسودا وكبار المدعين العامين في تلقي تحذيرات بأن المخابرات الإسرائيلية كانت تهتم عن كثب بعملهم.
وقالت المصادر إنه بين أواخر عام 2019 وأوائل عام 2021، كانت هناك ثلاث لقاءات على الأقل بين كوهين وبنسودا، جميعها بمبادرة من رئيس المخابرات. ويقال إن سلوكه أصبح يثير قلق مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بشكل متزايد.