اخبار السودان

أم قرون ودواس الساسة الذكوريين! السودانية , اخبار السودان

بثينة تروس

 

أم قرون ودواس الساسة الذكوريين!

بثينة تروس

حكاية ام قرون التي فرضت على الفضاء العام (يا أم قرون انت أساس) هتاف في مؤتمر (تقدم) ضمن مساعيهم الجادة من اجل السلام ووقف الحرب، وتأكيدهم الحثيث في انهم لا يمثلون جميع القوي المدنية، وهذا من باب الحق وليس الحياد، فنحن في الأصل دعاة سلام.. ذاك الاستدعاء لأم قرون من واقعها المنسي، مسكينة هي، وقع عليها عنف الدولة، وكلفة الحروب العبثية منذ فجر تأسيس الدولة.. وفي حرب 15 ابريل باسمها تمت سرقة الجنجويد (الحديد) ونهب البيوت.. كما فضحت النقاشات حوله ازمة الهوية السودانية، والاستعلاءات الاثنية الضيقة من أوهام التمسح بالعروبة، التي ذبح في سبيلها الاخوانيون ثوراً اسودا فرحا بانفصال الجنوب، كما اسهمت فيها مليشيات الجيش في حروب التطهير العرقي..

وظلت ام قرون مطوية ومقصيه في مناهج التعليم، الجهادية الاسلاموية، في مقصورة الامتعة، بعيداً عن سهام بنت من بنات الخرطوم، والهام بنت من بنات حلفا تلاقيتا في القطار، حيث تزور الهام عمتها التي تقطن (غرب دار الإذاعة)! دار الإذاعة التي ارهقت المواطنين تحت الحرب الحالية ما بين احتلال الدعم السريع لها وفشله في ان يستخدمها في إذاعة بيانه الأول! وبين تحرير الجيش لها، وفشله في ان يعلن من خلالها ان البلاد في امان من الدعم السريع، وقبلاً كانت قبلة لبيانات الضابط المغامرين فبيان وحيد منها كان كفيل ان يخول للمؤسسة العسكرية دكتاتورية الحكم المطلق، حتي يثور الشعب عليها مقدماً أبناؤه شهداء أو كباش فداء لثورات مجهضة.

هذه التباينات السياسية هي نتاج احتكار الدولة للعنف، واستخدام وسائل التفرقة العنصرية، لذا فات على الكثيرين، ان الاستخدام الفطير لقضايا المرأة، من الجانبين، وبهذه الصورة الحماسية السمجة، لم يحل في السابق، ولن يحل في الحاضر القضايا الشائكة للمرأة، لأنه لا يعدو أن يكون استخداما لها كأداة من أدوات الاعلام الدعائي، وكغطاء سياسي جهوي من قبل الأطراف المتحاربة، وهو إذن لن يرفع عن كاهلها التمييز والذل الممنهج، ولن يوقف حرباً.. بل أكثر من ذلك يؤكد على فداحة العقل الذكوري الراهن، في عدم الثقة في ان النساء جديرات بصنع السلام، وفاعلات في حل النزاعات، كما هن فاعلات في صناعة التغيير، وأنهن لسن بديكور او اعلان سياسي، بل هن صاحبات الوجعة، يقع عليهن عبء الحروب، والانتهاكات من قبل الدعم السريع، وكذلك من قبل الجيش وميليشياته، من المستنفرين، والجهاديين.. اما جنوح المدافعين والمهاجمين واندلاق حبرهم، في ان طرفي القتال لا يتساويان! ومعركة الانحيازيات البئيسة، فهو لا يحدث فارقا يذكر في وطن تطهي فيه النساء أوراق الشجر حتى لا يموت صغارهن من الجوع والمسغبة.

فهلا افقتم من سبات الاماني، والانحيازات الحزبية الضيقة، ووراثة الشحناء المدنية، لتوقفوا حرباً قد تتطاول لسنوات! وحتى ذلك الحين هلا أحطتم علماً بكيف تصنع بهن الحرب؟ لا سبيل للحصر، ولكن ستجدون تلك الاخوات الثلاث في ود مدني السني اللائي لا يرفعن صوتهن في النهار الا همساً، حتي لا يعرف دعامة الارتكاز امام منزلهن ان هنالك نسوة شابات، فهن يخشين حين يغيب وعي هؤلاء(الجنجويد) ليلاً، وهم صبية اغرار نفخهم غروراً حملهم لأسلحة فتاكة، وغلبتهم علي جيش كان يستخدمهم لصناعة الموت.

وبالتأكيد سوف تخزيكم مخاوف تلك الشابة التي نهب المستنفرون من ديارهم ما تبقي! فندهت كل الأنبياء والصالحين، بعد ان سكبت على سحنتها كل ما من سبيله ان ينفر ويصرف شر المتحرشين جنسياً بها. ولن

تجدوا الشجاعة الكافية لتخيل ما الذي يمكن ان يحدث للنساء في المعتقلات من الانتهاكات، وللنازحات واللاجئات داخل سوح المدارس، والبيوت المهجورة، وماَسي من هن خارج حدود البلاد، بلا وجيع ولا داعم مالي. هل يا تري يعلم المتاجرون بقضاياهن من الداعمين لاستمرار الحرب هذا الجحيم؟ إن الذين لا يرجون ان تنطفي نيرانها، غارقين في الفساد والاتجار فيها، انها سوق تنتفخ فيه الجيوب، وتلمع فيها أسماء اللايفاتية الكذوب، الذين يوجهون سهامهم الصدئة للقوي المدنية بدلاً عن طرفي القتال.

الشاهد ان استمرار الحرب لدي الفلول هو من باب الثأر لسلطة مفقودة، وهيبة منتزعة من انهزام المشروع الإسلاموي، ولقادة الحركات المسلحة الانقلابية البرهانية من أمثال مالك عقار (انا الرجل التاني في الدولة دي) لا تعبأ بالحد من المعاناة الإنسانية، ولقد فضح امرهم بعد اتفاقية السلام، فلا هم حموا عرض أم قرون، ولا عروض نساء الهامش في مناطقهم! كما أنهم غير جديرين بفض النزاعات، ولا يهمهم إنقاذ أجيال الشباب من ويلاتها. أما الذين يتلهون بالضحك، والتصفيق من تصريحاته (لا ماشين جدة ولا ماشين جدادة)، هم تربية اخلاق المشروع الاسلاموي الكيزاني في (صرف البركاوي) و(أمريكا تحت مركوبي) و (اغتصاب الجعلي للغرابية شرف) فهي تصريحات جوفاء لن تستر عرضا، ولن تحفظ ارضا، ولن تجلب السلام.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *