أحمد يوسف يحكي بأكاديمية المملكة “الحياة المغربية” للصحافي جان لاكوتور

حياة مغربية للصحافي الفرنسي البارز جان لاكوتور، سرد وجوها منها الجامعي والصحافي السابق بجريدة “الأهرام” المصرية أحمد يوسف، الذي سبق أن أصدر كتابا حواريا عن سيرة الراحل، وتحدّث عن مساره بالمغرب، ورؤاه، في محاضرة استقبلها، مساء الأربعاء، كرسي الآداب المقارنة بأكاديمية المملكة المغربية.
وقال أحمد يوسف، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس الفرنسية، إن الحديث عن لاكوتير حديثٌ عن الأدب المقارن، لكن مجاله المشرقيّ “كان مغربيا أساسا”، حيث التحق ملحقا للإعلام بإدارة الإقامة العامة الفرنسية بالرباط، زمن الاستعمار الأجنبي، عقب تجربة أثّرت فيه؛ هي الحرب الهندوصينية.
ومن الإشكالات المغربية التي طرحت في ذهن لاكوتور، كان إشكال المغرب الواقع تحت الحماية، و”هل لا يعني هذا خدمة نظام عارضَه في فيتنام؟”، لكنه بدأ “صفحة جديدة من صفحات حياته”، وبنت المملكة معرفته بالعالم العربي، والتقى زملاء له بمقر الإقامة العامة، وبعض الشباب الوطنيين المغاربة.
وتحدث المحاضر عن المقيم العام إيريك لابون، الذي “كان من الأتباع الأوفياء للماريشال ليوطي، وكان يريد تحويل العلاقة الاستعمارية إلى علاقة محبة بمجرد الاستقلال”، وإقالته “في عهد السلطان محمد الخامس، عقب خطاب طنجة، ونبرته الاستقلالية التي أقلقت باريس”.
هكذا استَبدلت فرنسا الماريشال جوان بالمقيم لابون، وكان هذا المقيم العام الجديد ساعيا إلى “الحفاظ على السيطرة على المغرب (…) لم يرد الحوار، ولا أي تنازل لهذا الشعب المغربي، وهنا وجد لاكوتور نفسه في تضارب (…) خاصة وهو كملحق إعلامي (…) يسهم في تقديم حقيقة مبتورة عن واقع المغرب، للقراء الفرنسيين والمغاربة”.
وانتقل المحاضر إلى مرحلة حاسمة في حياة لاكوتور هي لقاؤه بالرباط “بحب حياته، الذي نمى تحت سماء مغربية”، وهي سيمون، التي انتسبت لنسبه بعد ذلك، وكانت بالمغرب صحافية بوكالة “فرانس بريس” وجريدة “لو بوتي ماروكان”، و”تملّكته شخصيتها؛ فقد كانت تقدمية، تُرى بشكل سيء من السلطة”.
وانتقد الرفيقان، بعد ذلك، “استبداد الماريشال جوان”، وكانت لهما “مشاريع تعاطفية مع الشعب المغربي”، إلى أن جاءهما إخبار بـ”مغادرة المغرب، من مكتب الماريشال جوان”، لكن “بقي المغرب مطبوعا في ذاكرتيهما”.
ورغم مغادرة تراب المملكة، استمرت الانتقادات للحماية، التي خطّها جان لاكوتور بجريدة “لوموند” وجرائد أخرى، وتواصلت كتاباته، وبُورتريهاتُه حول وطنيين مغاربة.
وأكّد أحمد يوسف أن عالم لاكوتور الذي ارتقى أعلى المناصب التحريرية في جريدة “لوموند” كان هذه الصحيفة، وفيه “للمغرب مكان خاص”، بل “لا يمكن أن ندرس المغرب وصراعه من أجل الاستقلال دون الرجوع إلى كتاباته، التي هي كتابات أدبية وشهادات صحافية غير قابلة للتجاوز أو الاستبدال”.
هذا الصحافي البارز، ذكر معدّ سيرته، ومحاوِرُه، أن من بين ما كان يفكّر فيه “الوضع الاستثنائي للسلطان المغربي في تاريخ الملكيات”؛ لأنه “شخصيا، تجسيد للتقليد والتحديث”، ثم زاد المحاضر: “حياة لاكوتور تاريخ تقارب بين رجل وبلد، وعلاقة مؤثرة بين حضارتين، وفيه نجد أمورا مثيرة للاهتمام (…) وحياته كصحافي وكاتب، متداخلة مع المغرب المعاصر”.
ولم يفت أحمد يوسف إبداء ملاحظة عن عمق التحام ذاكرة الأشخاص والأمكنة، وشهادة حول إنسان أحبّ: “بباريس ذات مساء، بعد وفاة زوجته في سنة 2011، كان يعود المغربُ في محادثاته، مثل ردود فعل بافْلُوفِية، كلما تحدث عن سيمون”.
المصدر: هسبريس