اخبار المغرب

زلات وهبي و”صورة بنعلي”.. “البام” في زوبعة جديدة قبل التعديل الحكومي

وجد حزب الأصالة والمعاصرة مرة أخرى نفسه وسط زوبعة جديدة سببها وزراءه الذين أدخلوه في أزمة لا قبل ولا حاجة له بها في الوقت الراهن، خصوصا أنها تأتي في سياق التعافي من تداعيات ملف “إسكوبار الصحراء” الذي مازال يتابع فيه اسمان بارزان من “الجرار” إلى اليوم.

وزير العدل والأمين العام السابق للحزب، عبد اللطيف وهبي، يبدو أنه لم يعد قادرا على ضبط كلماته واختيار المصطلحات المناسبة، إذ إن الوزير المثير للجدل تَفلَّت منه لسانه خلال اجتماع لجنة العدل، وتفوه بعبارة “سبٍّ” في حق المتقاضين المغاربة ودينهم، في معرض حديثه عن العلاقة التي ينبغي أن تربط المواطن بالمتقاضي.

وأثارت تصريحات وهبي موجة من الردود والانتقادات في وسائل التواصل الاجتماعي له ولحزبه، متهمين إياه بـ”التمادي في ارتكاب الأخطاء واستفزاز المغاربة”، وذلك بعد أيام من الجدل الكبير الذي أطلقته تصريحاته بخصوص عدم قانونية طلب الفنادق عقد الزواج من زبائنها.

وبما أن المصائب لا تأتي فرادى فإن تصريحات وهبي تزامنت مع صورة القبلة التي زعمت وسائل إعلام دولية أنها جمعت بين ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وبين أندرو فوريست، الرئيس المدير العام لمجموعة “فورتيسكيو”، الرائدة في مجال الطاقة الخضراء والمعادن والتكنولوجيا، وأرفقتها بمقال يلمح إلى علاقة عاطفية بين المسؤولين وشبهة تضارب المصالح بينهما، بعدما استقبلت الوزيرة المستثمر المذكور ضمن وفد من مجموعته خلال فبراير الماضي بالرباط، في سياق محادثات ثنائية، وهو الأمر الذي نفت صحته الوزيرة وأشارت بأصابع الاتهام إلى وقوف “جماعة مصالح” وراء استهدافها.

وفي قراءته للأحداث والتطورات الجارية يرى محمد يحيا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن التصريحات المثيرة للجدل الصادرة عن محسوبين على هيئات سياسية في الأغلبية “مخالفة وتتناقض مع ما يجب أن يتحلى به مسؤول حكومي”، مؤكدا على أهمية تقيد المسؤولين الحكوميين وتحليهم بـ”المروءة والشرف”، و”الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسيء للمؤسسات وصورة البلد”.

وأضاف يحيا ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “صحيح يكون هناك انفعال في النقاش لدى الوزراء والمسؤولين الحكوميين في بعض الأحيان، لكن المسؤول ينبغي أن يبقي على تحفظه وعدم الخروج عن السياق. والانفعال لا يعفي المعني بالأمر مهما كان الحال”.

واعتبر الأستاذ ذاته أن “هذا النوع من التصريحات يضرب في الصميم صورة الأحزاب والمسؤولين، فالتطاحنات والانفعالات لا يمكن إلا أن تزيد من إضعاف منسوب الثقة في الأحزاب السياسية”، لافتا إلى أن “ما بدر من الوزير المذكور يدخله ضمن سياق ما طالب به جلالة الملك المسؤولين من التحلي بالقيم والأخلاق والاستقامة”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “المسؤول كيفما كان عليه أن يتحلى بالحيطة والحذر وعدم الانسياق وراء الاستفزاز وكل ما من شأنه أن يكون له وقع في نفسية المواطن”، لافتا إلى أن “قضية الصورة والاتهامات الرائجة بخصوص تضارب المصالح نفتها الوزيرة، والقاعدة تقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.

واستدرك يحيا قائلا: “مع ذلك هذه الأحداث تأتي في سياق الحديث عن التعديل الحكومي، والمسؤول مسؤول وعليه التحفظ، خاصة أن المغرب له أعداء في الداخل والخارج، وأي تصرف غير محسوب قد تكون عواقبه وخيمة على البلد وتنافسيته”؛ ولم يستبعد أن تكون الحملة التي تتعرض لها بنعلي “تأتي في سياق التنافس الاقتصادي الكبير للمغرب مع الدول الكبرى، مثل فرنسا وغيرها، والصراعات على المستوى الاقتصادي في أفق الضرب في مصداقية البلاد، ومن شأنه أن يقوض ويسحب الثقة من الحكومة المغربية من قبل المؤسسات الدولية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “استهداف بنعلي يمكن أن يكون ناتجا كذلك عن الصراع بين أحزاب الأغلبية من أجل التموقع في سياق الحديث عن التعديل الحكومي”، مؤكدا أنها “ضربة للحزب في أفق التموقع في التعديل المنتظر، وحتى يمكن أن تكون ضربة من داخل الحزب نفسه وصراع الأجنحة”، قبل أن يختم: “ليس هناك دخان بدون نار”.

من جهته اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي عبد الله أبو عوض أن “سقطات بعض وزراء الأحزاب، وخاصة ما يحدث مؤخرا على لسان بعض وزراء الأصالة والمعاصرة، هي شخصية ولا تمثل الحزب في شيء، ويمكن إدراجها في ضعف التكوين التواصلي، وكذا الترافعي لتبرير سقطاتهم”.

وأضاف أبو عوض موضحا أن “هذا العصر هو عصر التوثيق البصري والسمعي والتفاعل الاجتماعي عبر منصات التواصل الاجتماعي، لذا ينبغي الحرص في نسج الكلمات التي تراعي أعراف المجتمع المغربي والمتطلبات السياسية”، لافتا إلى أن “الحزب يعيش دينامية مشرفة للعمل السياسي، وحركة فاعلة في مجاله”، ومبرزا أن “البام” يعمد إلى بناء “هيكلة سياسية قوية وفاعلة بعد مؤتمره الأخير، وهو ما ينم عن إرادة لتصحيح مسار العمل السياسي الذي يراعي المصلحة العليا للمغرب في العمل السياسي داخليا وخارجيا”.

وسجل المتحدث ذاته أن “الأحداث المسجلة تشكل جزءا من المعارضة البناءة الفعالة لممارسة حزب الأصالة والمعاصرة واختياراته السياسية مستقبلا”، مشددا على أن “الحزب يعتبر ذا حضور قوي في المشهد السياسي المغربي، ويتحمل وزراؤه حقائب إستراتيجية وجد فاعلة، لذا سيكون محط الاهتمام من الخواص والرأي العام، وستحسب له كل خطوة يخطوها، سواء بالقول أو العمل”.

وأشار المحلل السياسي عينه إلى أنه “يحق للوزيرة نفي الأمر، كما يحق لها أن تمارس حياتها الخاصة بكل حرية، وأي تدخل في ذلك يعتبر مساسا أخلاقيا وسياسيا بها يجب التصدي له قانونا وعرفا، لأن كل شخص حر في حياته”، معتبرا أنها “ما دامت نفت ذلك فمن باب المروءة والأخلاق أن نبني على نفيها، لا أن نعتمد تحري الموقف وتدقيق تفاصيله، لأن ما يهمنا في شخص الوزيرة عملها كمؤسسة وليس كشخص”.

كما أفاد أبو عوض بأن “المغرب دولة للحق والقانون”، مردفا: “حتى نبي الإسلام كان عمه محاربا له… ما يعني أن حزب الأصالة والمعاصرة حزب مؤسساتي وقوي، وسيكون تنظيميا أقوى حسب القراءات التي توالت بعد مؤتمره الأخير”، وزاد أن “خروجه من الأزمات سيكون من خلال تخليقه للعمل السياسي داخل دواليبه، وتجديد مسار التغيير البناء في ممارسته السياسية”، حسب تعبيره.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *