خبراء يتوقعون تراجع نمو الاقتصاد المغربي نتيجة تقلص الإنتاج الزراعي
أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن الإنتاج المتوقع من الحبوب الرئيسية (القمح اللين والقمح الصلب والشعير)، برسم الموسم الفلاحي 2023/2024، يقدر بـ 31,2 مليون قنطار مقابل 55,1 مليون قنطار خلال موسم 2022/2023، بانخفاض قدره 43 في المائة مقارنة بالموسم السابق، مبرزة أن المساحة المزروعة بالحبوب الرئيسية برسم هذا الموسم بلغت 2.47 مليون هكتار مقابل 3.67 ملايين هكتار في الموسم السابق، بانخفاض قدره 33 في المائة.
وفي هذا الإطار أوضح الخبير الاقتصادي محمد جدري أن “هذا التراجع من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد الوطني فيما يتعلق بنسبة النمو، لأنه كانت هناك توقعات في قانون المالية سنة 2024 بتحقيق نسبة نمو تصل إلى 3.7 بالمائة على فرضية أن يكون الموسم الفلاحي متوسطا وينتج 75 مليون قنطار من الحبوب، في حين نرى اليوم أنه لن يتجاوز 31 مليون قنطار من الحبوب، وبالتالي فإن تحقيق نسبة النمو المتوقعة سابقا أصبح أمرا مستحيلا، وفي أقصى الحالات يمكن أن نحقق 2.5 حتى 2.8 في المائة عند نهاية السنة”.
وأكد جدري، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الأمر سيكون له أثر على اليد العاملة، وبالتالي كما فقدنا السنة الماضية 297 ألف منصب شغل في القطاع الفلاحي، من المتوقع أن يصل الرقم هذه السنة إلى مستويات قياسية”.
ثاني التأثيرات، يضيف جدري، مرتبطة بخروج العملة الصعبة “لأنه من أجل تحقيق الحاجيات الوطنية من الحبوب، التي تقدر ما بين 80 و90 مليون قنطار من الحبوب، سنكون مضطرين لاستيراد هذه الحاجيات من الخارج”.
وتابع قائلا: “خلال السنة الماضية تجاوزت فاتورة استيراد الحبوب والسكر من الخارج 89 مليار درهم، وبالتالي خلال هذه السنة من السهل جدا أن تتجاوز هذه الفاتورة 100 مليار درهم، وهذا سيكون له انعكاس على عجز الميزان التجاري”.
وتحدث جدري عن “تأثير ذلك على صندوق المقاصة، الذي تبلغ مدخراته هذه السنة 16 مليار درهم، وتم استثناء غاز البوتان منه، ولكن من الضروري استمرار دعم القمح حتى لا يتجاوز ثمن الخبز درهما وعشرين سنتيما”.
من جانبه قال يوسف كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، “عموما في السنوات الأخيرة في برمجة قوانين المالية يتم توقع تحقيق 75 مليون قنطار، واليوم مع التغيرات المناخية ومع الضغط المائي أصبح صعبا جدا تحقيق هذا الرقم، ومع الأسف المحصول الزراعي في تراجع مستمر”.
وأضاف الفيلالي، في تصريح لهسبريس، “خلال السنة الماضية كنا في حدود 55 مليون قنطار، واليوم تراجع الرقم إلى 31 مليون قنطار، يعني انخفاضا بنسبة 43 في المائة”، مشيرا إلى أن “هذا شيء خطير جدا يؤكد أن القيمة المضافة الفلاحية في تراجع مستمر، مما سيؤثر على نقاط نمو الاقتصاد الوطني في غياب قيمة مضافة صناعية أو قيمة مضافة غير فلاحية، بما فيها الصناعية والخدماتية”.
وتابع قائلا: “بهذا المحصول الزراعي الضعيف جدا حتى 3 في المائة من نسبة النمو سيكون تحقيقها صعبا جدا، وسنكون قد تراجعنا إلى 2 أو 1.5 في المائة من النمو الاقتصادي”.
وأشار إلى كون “المساحة المزروعة أيضا في تراجع مهول محققة تراجعا مقداره 30 في المائة مقارنة بالسنة الماضية”. وعلق على ذلك قائلا: “هذا يذكرنا بأن التغيرات المناخية وضغط الفرشة المائية والموارد المائية، مع الأسف، أصبحت تساهم في تراجع القيمة المضافة الفلاحية وانخفاض المحصول الزراعي، وهذا له تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني والتشغيل وليس فقط على القيمة المضافة الفلاحية”.
وأضاف “مع الأسف مع هذه التراجعات التي نعيشها أصبحنا نرى ظواهر اجتماعية أخرى فيها ارتفاع نسبة الهشاشة في العالم القروي، والهجرة القروية، وتفاقم البطالة في الوسط القروي، كما قد تكون هناك تداعيات اقتصادية سلبية أخرى”.
المصدر: هسبريس