المبادرات المغربية بإفريقيا لا تخضع لمنطق التنافس مع الجزائر
قال الخبير المغربي في الجغرافيا السياسية، جمال مشروح، إن المبادرة المغربية التي أطلقها الملك محمد السادس في نونبر 2023 لتسهيل ولوج دول الساحل إلى الأطلسي لا تدخل بأي شكل من الأشكال في منطق التنافس الاستراتيجي مع جارته الشرقية.
وأوضح مشروح في حوار مع مجلة “جون أفريك” الفرنسية أن عالم اليوم في خضم تحول استراتيجي، ومصداقية الدولة محكوم عليها من خلال تصور شركائها لالتزامها السياسي ودرجة احترامها لهم والقيمة الاقتصادية المضافة لسلوكها الخارجي، وقال: “لقد انتهى عصر الأيديولوجيا والشعارات الضخمة”.
وأشار مشروح إلى أن فقدان النفوذ في منطقة الساحل جاء نتيجة استراتيجيات عفا عليها الزمن تعطي الصدارة لمنطق الهيمنة والركود، والمغرب يحبذ إقامة شراكات اقتصادية وسياسية تفاوضية وذات منفعة متبادلة لتعزيز ديناميات التكامل والتعاون في أفريقيا، وهي الطريقة الوحيدة الممكنة لضمان تنمية البلدان الأفريقية واندماجها الإيجابي في النظام الدولي كجهات فاعلة وليس مجرد أهداف للتنافس.
وأضاف الخبير المغربي، أن مبادرة الأطلسي تتماشى تماما مع الخيارات الاستراتيجية للمملكة في قارتها، وهي الخيارات القائمة على الحاجة إلى إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية، وضرورة أن تثق إفريقيا في إفريقيا، والتعاون المربح للجميع، والاقتناع العميق بأن مشاكل الأمن والهجرة غير الشرعية لا ينبغي اختزالها في بعدها العسكري الأمني الوحيد.
وشدد مشروح، على أنه يجب أن نتذكر أيضا أنه وفقا للأمم المتحدة، تشهد البلدان غير الساحلية انخفاضا في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 20٪ لمجرد افتقارها إلى الوصول إلى البحر.وأوضح جمال مشروح أن هذا الوعي المغربي بأهمية المقومات الاقتصادية والتنموية لقدرة بلدان الساحل على الصمود يتعزز من خلال استعداد المملكة لتقاسم تجربتها وخبرتها مع شركائها الأفارقة، في مختلف القطاعات كالطرق والسكك الحديدية والموانئ، مؤكدا على أن المغرب يرغب في استخدام تجربته وخبرته لتنفيذ هذا المشروع الكبير، بروح من التقاسم والتبادل وتجميع الموارد.
يذكر أن هذه المبادرة الملكية تم الإعلان عنها في الخطاب الذي وجهه الملك إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء، والذي أكد فيه الملك على أن “المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة”.
ومن أجل تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، قال الملك “نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي” كما شدد محمد السادس على أن نجاح هذه المبادرة يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي.
وفي هذا الإطار، تفتح المبادرة الملكية المجال أمام بلدان الساحل، التي ليس لها منفد على البحر، للولوج إلى البنيات التحتية الطرقية والمينائية للمملكة. إن هذا الانفتاح، هو ما أكد عليه الملك بشكل صريح عندما قال إن “المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، والطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة تلك الدول دعما لهذه المبادرة”.
المصدر: العمق المغربي