الهزيمة تحيط بالجيش الصهيوني والحبل يلتف حول حكومة نتنياهو
تأخذ المواجهة بين المقاومة والكيان الصهيوني منحى باتجاه مزيد من التطورات بالمعطى العسكري أو السياسي، منذ إعلان المقاومة السبت الماضي أسر جنود وقصف تل أبيب، وهي تطورات لافتة تلف الحبل حول عنق قيادة الكيان المحتل أكثر مما هو ملفوف منذ السابع أكتوبر، حيث كان متوقعا ردات الفعل السياسية والعسكرية من قبل الكيان، بما فيها مجزرة رفح.
يفسر هذان الحدثان؛ أسر الجنود وقصف تل أبيب بشكل بالغ إقدام جيش العصابات على ارتكاب مجزرة رفح الدامية بحق المدنيين الفلسطينيين، وتعطي مؤشرات على توقع ردات فعل أخرى من قبل الكيان، خاصة وأن نجاح المقاومة في تنفيذ عملياتها النوعية الأخيرة، يعني أنها بصدد تغيير قواعد المواجهة من الصد إلى مستوى التحدي الميداني للجيش الصهيوني، وأنها بصدد دفعه إلى دوامة الشك. وأولى مؤشرات هذه الدوامة؛ دعوة أحد الضباط الصهاينة الجنود إلى التمرد على القيادة العسكرية، ناهيك عن التطورات القادمة من داخل المجتمع الصهيوني الذي يقع تدريجيا ضمن دائرة تأثير شديدة لحرب إعلامية مركزة تشنها المقاومة، ويتفاعل بشدة مع التطورات التي لا تصب في صالح قضية عودة الأسرى.
وفي هذا السياق، كان لافتا أن تظاهر الآلاف من الصهاينة والمستوطنين في داخل الكيان، ضد الحكومة للمطالبة بانجاز صفقة أسرى، كان مرتبطا بإعلان المقاومة أسرها عددا جديدا من الجنود الإسرائيليين داخل قطاع غزة. وطالب المتظاهرون باستقالة بنيامين نتنياهو، الذي يتهمونه بإطالة أمد الحرب في غزة لتحقيق مكاسب سياسية خاصة به.
وقبل إعلان القسام أسر جنود وقصف تل أبيب، كانت المقاومة قد وجهت صفعة أخرى إلى قادة جيش الكيان، حيث نشرت فيديو عن مصير قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة وأحد أبرز قادة جيش الاحتلال، الذي كانت قيادة الجيش قد أعلنت دفنه وأبلغت أهله بذلك، ما سبب هجوما من الشارع الصهيوني، وخاصة أهالي الأسرى، ضد الحكومة الإسرائيلية لتقاعسها عن إبرام صفقة مع حماس واسترداد الأسرى من المقاومة.
تشير الكثير من التقارير والتحاليل العسكرية في الكيان الصهيوني، أن استمرار المقاومة في الصد والرد منذ ثمانية أشهر بحد ذاته يشكل حلقة جنون لا يجد لها قادة الكيان تفسيرات موضوعية ولم يتوصلوا إلى حل لغزها الميداني واللوجيستي، خاصة وأن قطاع غزة محاصر، فما بالك بالذي حدث منذ الجمعة الماضية، يتعلق الأمر بإعلان المقاومة عن أسر جنود وعتادهم، وهذه وحدها شكلت صدمة قاسية لقادة الكيان السياسيين والعسكريين على حد سواء، بل إن المقاومة لم تترك الفرصة للعدو بعد جنوده وتفقد من اختفى منهم وصار بيد المقاومة، حتى فاجأته المقاومة بقصف تل أبيب برشقة صاروخية دفعت قائد جهاز الموساد السابق للخروج عن صمته ويعلن أن الكيان لن يستطيع تدمير المقاومة وأنه مازال مقتنعا بأن حماس والفصائل مازالت قادرة على الوصول إلى تل أبيب .
من الواضح أنه كلما أوجعت المقاومة الكيان الصهيوني وزادته وجعا على وجع، وأثخنت في جنوده هزيمة تتلو هزيمة، وأعجزت جيشه المتهالك عن الوصول إلى ربع هدف، كلما صب انتقامه على المدنيين في قطاع غزة، وكلما أعدمت المقاومة بسلاحها سلاح الجيش المدحور، وكسرت بكبرياء مقاوميها كبريائه الكاذب، أصيب بهستيريا القتل وأحدث في العزل مجزرة لا تزيده إلا بغضا على بغض، وهي ممارسات تعيد استدعاء ما كانت تقوم به فرنسا الاستعمارية في المدن والقرى في الجزائر، بعد كل عملية ناجحة للثوار والمجاهدين .
بعض التقديرات السياسية باتت تعتبر أن المقاومة الفلسطينية لن تجد في الواقع الصهيوني، حكومة تسهل عليها السبيل وتختصر عليها الوقت والوقائع، أفضل من حكومة نتنياهو الحالية المتهورة التي خسرت كل رهاناتها لصالح القضية الفلسطينية سياسيا والمقاومة ميدانيا، لكونها تفتقد إلى أي تصورات لمعالجة المأزق السياسي والعسكري، إذ أن كل ما تقوم به حكومة نتنياهو أجج كراهية شعوب العالم للكيان الصهيوني، وعزز في المقابل عدالة القضية الفلسطينية، كما أنه لا توجد قيادة للكيان المحتل تقوم بلف الحبل حول عنق الكيان أكثر مما هو ملفوف حول عنقه في الوقت الحالي، وأفضل من هذه القيادة المجنونة والمتهورة، إذ لم يسبق أن كان على رأس هذا الكيان المختل حكومة مختلة أكثر من الحكومة القائمة، إذ أنه وإضافة إلى فشل كل خطط تفكيك المقاومة وهدم بنيتها التحتية، ظهر الإخفاق الكبير في تحقيق أي من أهداف هذه الحرب، خاصة فيما يتعلق باستعادة الأسرى.