هل أدار المجتمع الدولي ظهره لحرب السودان؟
الخرطوم النعيم عبد الغني
بعد أن أكملت الحرب عامها الأول وهي تخطو لعامها الثاني مازال الشعب السوداني يتجرع ويلات الحرب من جوع ونزوح، ولجوء لخارج البلاد . يأتي ذلك من جراء الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م.
استحقت حرب السودان الدائرة الآن لقب أعنف واشرس حرب شهدتها القاره الإفريقية من قبل المجتمع الدولي الذي يملك مفاتيح ايقافها الا ان التجاهل أضحي سيد الموقف من جراء التجاهل، ما أكده تيغيري شاغوتا، مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “تعرّض الشعب السوداني للإهمال والتجاهل على مدار عام كامل، حيث تحمل وطأة الاشتباكات العنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقد أخفقت الجهود الدبلوماسية حتى الآن في وضع حدّ للانتهاكات، أو توفير الحماية للمدنيين، أو تقديم المساعدات الإنسانية الكافية، أو محاسبة مرتكبي جرائم الحرب
وأضاف ولم يمارس المجتمع الدولي ضغوطًا كافية على الأطراف المتحاربة لوقف انتهاك الحقوق الإنسانية للأشخاص العالقين في هذه الحرب. ولم يضطلع الاتحاد الأفريقي، على وجه الخصوص، بالمستوى المطلوب من القيادة، ولم يتخذ إجراءات ملموسة تتناسب مع حجم النزاع وخطورته”. وهو ذات الرأي الذي نقله راديو دبنقا علي لسان والي غرب دارفور الاسبق محمد عبدالله الدومة عن ان المجتمع الدولي أكثر اهتماما بقضية اوكرانيا
وأكد صعوبة اعتماد المجتمع الدولي على قضية الحماية الدولية في السودان بسبب الخلافات في مجلس الأمن مبيناً إنها تأتي في حال تهديد السلم العالمي.
وطالب بالإسراع في إنهاء الحرب تجنباً للمخاطر، واستبعد أن يجلس طرفي الحرب للتفاوض مما سيؤدي لزيادة مخاطر المجاعة. وقال إن الحماية الدولية يمكن أن تؤدي لتقسيم البلاد.
ولكن مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في مقال له بصحيفة لوموند قال: إن بقاء الملايين من الأطفال والنساء والرجال على قيد الحياة في السودان معرض للخطر، ودعا المجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤوليته” بعد عام من اندلاع حرب هائلة في ثالث أكبر دولة في أفريقيا.
وذكّر غريفيث بأنه لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يتجاهل صدى الحرب في السودان.
وفي،اتجاه يري الكاتب والمحلل السياسي الشفيع خضر في مقال له علي موقع سودان تريبون الإخباري الذي حمل المسؤولية ، للمجتمع الدولي والإقليمي العاجز حتى الآن، عن ايقاف الحرب وأضاف. كما أشرنا كثيرا، عن الانتقال من محطة الشجب والإدانة وحث ومناشدة المتقاتلين أن يتوقفوا، إلى تفعيل الآليات الأخرى، المتاحة والمجربة، حسب الشرعية الدولية، للضغط على طرفي القتال وفرض وقف دائم للأعمال العدائية. والآليات الأخرى هذه، تشمل منع تدفق الأسلحة والذخيرة إلى الطرفين، تجميد الأرصدة والحسابات في البنوك العالمية والإقليمية، العقوبات على المؤسسات والأفراد، وكذلك بحث فرض إعادة تموضع القوات المتحاربة وفرض المناطق الخضراء، أو منزوعة السلاح، مع الأخذ في الاعتبار تجربة قوات الأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان ودارفور، (يوناميس ويوناميد). وبالطبع، فإن هذه الآليات وغيرها المصاحبة لآلية التفاوض لوقف الحرب، يتطلب إقرارها وتنفيذها مشاركة دولية وإقليمية واسعة، وفي إطار الشرعية الدولية والقانون الدولي، كما يتطلب مشاركة دول الجوار، وخاصة مصر، وكذلك مشاركة الدول ذات العلاقة المباشرة بطرفي القتال أو بأحدهما.
أتمنى أن يشرع أطراف منبر جدة في إجراء تقييم جاد وصريح لأداء المنبر، بمشاركة أطراف المجتمع الدولي والإقليمي المعنية، بحثا عن المعوقات التي تمنعه من إحداث إختراق حقيقي يوقف القتال، والنظر في كيفية تكامل المنبر مع أي مجهودات أخرى معنية بوقف الحرب في السودان، وخاصة مبادرة دول الجوار. أما أن يُترك شعب السودان ليواجه مصيره وحيدا وسط هذا الكم الهائل من الدمار والتقتيل، في ظل هذا الأداء المتدني للآليات الدولية والإقليمية المعنية بفرض وقف القتال، فإنها لجريمة كبرى لن تمحى أبدا من ذاكرة التاريخ وذاكرة الشعب السوداني، وستستمر تداعياتها لأجيال وأجيال.
اوجدت احداث الصراع بين الجيش والدعم السريع اهتمام بالغ من قبل علي المستويين الإقليمي والدولي ولكن لم تحظى بأي مؤشرات لايقافها.
وفي نفس السياق الذي ادلي به استاذ العلاقات الدولية محي الدين ابراهيم لموقع اندبدنت عربيه الاخباري أن المجتمع الدولي يبدو مشغولاً ومستغرقاً بحالة التداعي والتفكك والتصدعات التي تعيشها المنظومة الدولية بعد الحرب الروسية الأوكرانية الأمر الذي يصعب حدوث أي توافق كبير على المستوى الدولي، إذ يبدو أن الفاعلين الدوليين ينشغلون بقضايا ترتبط بتداعيات الحرب في أوكرانيا على النظام العالمي.
وأوضح إبراهيم، أن الهواجس المرتبطة بمخاوف المجتمع الغربي لا سيما الدول الأوروبية من أن تفجر الحرب موجة من النزوح الكبير بالنسبة للسودانيين الفارين من جحيم الحرب إلى أوروبا عبر شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
وحذر ابراهيم من أن استمرار تباطؤ المجتمع الدولي هو الذي ينذر ويهدد بتفاقم حرب السودان وتمددها، بخاصة في ظل تشدد الطرفين المتقاتلين في مواقفهما والتصدع الذي ما زال قائماً وسط القوى السياسية السودانية بخصوص التوافق المفقود تجاه الحلول المطروحة.
المصدر: صحيفة الراكوبة