هل كان بالإمكان إنقاذ وديعة من المال العام قدرها نصف مليار؟ اليوم 24
تداعيات جانبية تسبب فيها اختلاس وديعة خاصة بجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي جماعة تطوان، قدرها نصف مليار سنتيم. فقد كشف المكب المسير لهذه الجمعية عن اختلالات بين مسؤوليها السابقين ساعدت مدير مصرف الاتحاد المغربي للأبناك في تطوان، على تجفيف أموالها.
مصدر الوديعة منحة قدمتها جماعة تطوان إلى هذه الجمعية عام 2009، عندما كان رشيد الطالبي العلمي هو رئيس الجماعة. قدر هذه المنحة بلغ 500 مليون سنتيم، وبفضل تراكم الفوائد، كان آخر كشف حساب قدمه الاتحاد المغربي للأبناك لهذه الجمعية في 10 يناير الفائت، يشير إلى 521 مليون سنتيما، و6961 درهما.
كان هدف هذه المنحة المقدمة من المال العام إلى جمعية الموظفين المساعدة على تشييد مشروع سكني خاص بموظفي هذه الجماعة. بعد 15 عام، لم ير النور هذا المشروع، بل وحتى المنحة تبددت. لم يترك دانيال زيوزيو، مدير هذه البنك في تطوان، في حساب هذه الجمعية سوى 6433 درهما.
ماذا حدث إذن منذ 2009؟
وفق هذه الجمعية، فإن سلسلة الأحداث التي أدت إلى تجفيف أموالها بدأت بعملية في أبريل 2016. تقول في ذلك العام « قام رئيس الجمعة الأسبق بعملية تحويل المبلغ المالي المتعلق بدعم مشروع السكن الاجتماعي، من وكالة القرض العقاري والسياحي إلى وكالة الاتحاد المغربي للأبناك ». لكن، هذه العملية كانت تعوزها الشفافية: لم يتم العثور في أرشيف ووثائق الجمعية على عقود الاتفاقيات المتعلقة بـ »وديعة لأجل » المبرمة بين الجمعية والاتحاد المغربي للأبناك. لم يكن هناك ما يشير بوضوح بالنسبة إلى الجمعية حول مبلغ الوديعة لأجل، ونسبة الفوائد البنكية المستحقة، والمدة الزمنية المخصصة لذلك.
الرئيسة السابقة لهذه الجمعية قدمت طلبا بخصوص هذه الوديعة ما بين 5 فبراير 2021 و5 فبراير 2022، لكن « دون العثور على عقد هذه الوديعة » الذي يسلم من لدن البنك، ويتضمن المبالغ المجمدة، ونسبة الفوائد، ومدة العقد.
في مواجهة هذا، ستحاول الجمعية تدارك الأمر باستعادة وديعتها. كان دانيال متعنتا كما تقول الجمعية، في تسليم المكتب المسير الحالي الوثائق أو العقود أو الاتفاقيات المتعلقة بهذه الوديعة. لقد لاحظوا كما يقولون « غموضا في جميع التعاملات البنكية » المرتبطة بوديعتهم، وزكى هذا الغموض تقرير مكتب محاسبة أجرى افتحاصا داخليا، ولسوف تقرر الجمعية إيقاف تجميد الوديعة في 6 فبراير 2022.
لكن ليس واضحا ما إن كانت الجمعية قد مضت في هذه الطريق. في 7 فبراير، طلبت الجمعية توضيحات من لدن مدير البنك، زيوزيو حول شيكين مسجلين باسم الجمعية، لكنها على بياض. دون أن يحصل على جواب، وفي 22 فبراير 2022، سيقدم المكتب المسير الحالي ملفه القانوني لدى هذا البنك، في سياق الإجراءات الروتينية التي تهدف إلى تغيير المسؤولين عن الحساب.
لن تهتم الجمعية بهذه المشكلة مجددا سوى في 4 شتنبر 2023، أي بعد عام ونصف، لكن هذه المرة، قررت أن تبعث باستفسار إلى رئيس الجمعية الأسبق حول الشيكين. لم يشر المسؤولون الحاليون إلى حصولهم على جواب.
رغم كل هذه العلامات الحمراء، كانت الجمعية تتحرك ببطء وبإهمال على ما يبدو في قضية وديعتها التي حصلت عليها من المال العام. في 21 ماي، وبعدما سرت الشائعات حول وقوع مدير هذا البنك في مشكلة، قرر كل من رئيس الجمعية وأمين مالها زيارة المصرف والتحقق من وديعتها.
مذهولين، سيتكشفان أن مدير هذا البنك ألقى بالملف القانوني الذي وضعاه في فبراير 2022 في سلة المهملات. لم يجر هذا المسؤول أي تغيير على الوضعية القانونية لهذه الجمعية في بنكه، تاركا كل شيء على ما كان عليه الحال قبل 2018، أي قبل مرحلة المكتب الحالي، ومن قبله أيضا. كان بمقدور المسؤولين الحاليين التحقق من هذا في السنتين اللتين مضيتا منذ أودعا ملفهما القانوني. لم يحدث ذلك، فقد كانت لزيوزيو طريقته المبهرة في الإقناع. في 10 يناير الفائت، حصلت الجمعية على كشف حساب وديعتها. لم يكن يظهر أي تغيير على المبلغ. من المنتظر أن يميط التحقيق الإداري، كما القضائي، اللثام عن الطريقة التي كان يتبعها مدير هذا البنك في إنتاج وثائق بنكية مزورة بهدف تهدئة زبنائه المتشككين.
لم تكن الجمعية تتوصل بأي رسائل من البنك. على الاٌقل منذ فبراير 2022. لم تتلق أي كشوفات من تلك المعتادة أن يتوصل بها كل زبون بصفة منتظمة كل شهر على الأقل. عندما حاول المكتب الحالي الأربعاء الماضي، تحديد مصير ملفه القانوني، فقد كان الجواب صادما: ليس هناك أي ملف.
يحاول المسؤولون الحاليون لهذه الجمعية الدفاع عن أنفسهم في مواجهة أي من الاتهامات بعدم فعل ما يجب فعله لتجنب هذا المصير. لكن، ومنذ 2022، كان من الواضح وجود فرصة.. لم يتم استغلالها.