ممارسات “الشناقة” تزعج المغاربة قبل أسابيع من حلول عيد الأضحى
مع اقتراب كل عيد أضحى يبرز اسم ” الشناقة” ضمن لائحة المتهمين بـ”رفع أسعار الأغنام”؛ إنهم “نجوم العيد بامتياز”، باتصالات هاتفية بسيطة يتحكمون في الأسعار، ويحولوّن الأسواق إلى “ميدان ملتهب”.
يعتبر “الشناقة” تجار مواش، عملهم بسيط رغم آثاره الكبيرة على جيوب المستهلكين؛ يشترون المواشي ثم يبيعونها، وغالبا ما تخضع هذه العملية لتنسيق مشترك بينهم، حتى يحافظون على سعر وربح موحد، وفي أحيان أخرى يشب الخلاف بينهم، وتندلع المنافسة بقوة.
ورغم محاولات السلطات وقف عمل “الشناقة” إلا أنهم مستمرون في نشاطهم، والموسم الحالي شاهد على عودة نجمهم من جديد؛ ففي ما تبقى من أسابيع معدودة على العيد ستحتد رنات هاتفهم، وأعينهم تبقى يقظة أمام تقلبات السوق.
ويرتدي “الشناق” عادة جلبابا واسعا، وفي يده عصا، وتسميته جاءت بسبب ضغطه على “الكساب” العادي القادم رفقة أغنامه إلى السوق من أجل بيعها، والتخلص من عبء مساومة الزبائن وإقناعهم بالعرض، والتنقل نحو ضواحي المدن الكبرى.
ولا يقف دور “الشناق” عند شراء الأغنام وبيعها، بل يحرص على تحسين العرض، وجعله جالبا للأنظار، ويستخدم حنجرته وتعبيرات لإقناع المشتري بالثمن، وهذا الأمر يعد في سوق المواشي “إيجابيا”، ويساهم في تخفيف المتاعب على “الكسابة” الصغار؛ الذين معظمهم لا يجيدون فن البيع، وتحمل الإقبال الضعيف، ولا يمتلك الغالبية منهم وسائل وإمكانيات التنقل إلى مناطق بعيدة.
عند حلول كل عيد أضحى تشتكي السلطات، والمواطنون، وحتى “الكسابة”، من مساهمة “الشناقة” في رفع الأسعار بشكل جنوني؛ وفي الموسم الحالي يتكرر السيناريو نفسه، وسط غياب حلول واضحة من السلطات المعنية لتنظيم عملهم، ومنع ممارسات غير قانونية على غرار لجوء بعضهم إلى التخزين غير المشروع.
وتختلف أدوار “الشناقة” من منطقة إلى أخرى، ويكبر تأثيرهم في الأسواق الكبرى التي تشهد إقبالا كبيرا؛ فيما تغيب معلومات عن تاريخ ظهورهم، الذي يبدو قديما، ولا ينحصر فقط في سوق المواشي، بل يصل إلى قطاعات حساسة أخرى، على غرار الخضر والفواكه…
وبالنسبة لعلاء الشريف العسري، مربي ماشية بمدينة القصر الكبير، فإن “الشناقة” لهم في المقابل أدوار مهمة، وحضورهم ضروري لتسهيل المأمورية على “الكساب”، الذي بدوره “لا يستطيع تحمل عبء البيع للزبائن”.
وأضاف العسري لهسبريس أن “الشناقة” لهم القدرة على التحمل، ويمتلكون تقنيات البيع والإقناع، “وفي الواقع يمتهنون حرفة معترفا بها”، مستدركا بأن “الإشكال يكمن في فترة عيد الأضحى، حيث الرغبة في الربح تتضاعف بشكل كبير لديهم”.
الإشكال الآخر، وفق المهني في قطاع المواشي، هو “وجود دخلاء على هذه الحرفة، ولا علاقة لهم بهذا الميدان على الإطلاق، الذي يعتبر الضامن الأول لذهاب الماشية نحو المستهلك”.
وحذر المتحدث ذاته من أن يكون “الدخلاء” على حرفة “الشناقة” مساهمين في “بيع أغنام مريضة، وجودتها غير مناسبة، ما قد يضر بصحة المستهلك”.
ويأتي الموسم الحالي في ظروف صعبة تساهم بجانب نشاط “الشناقة” في جعل أسعار الأضاحي ليست في متناول العديد من المواطنين، إذ تقول آخر معطيات وزارة الفلاحة الصادرة اليوم، ونقلتها وكالة المغرب العربي للأنباء، إن “الموسم الفلاحي 20232024 يندرج في سياق مناخي جد صعب تواصل لخمس سنوات؛ كما أن التوزيع الزمني اتسم بتأخر لتساقط الأمطار أدى إلى جفاف طويل في بداية الموسم، ما أثر سلبا على وضع الزراعات الخريفية”.
وشدد العسري على أن “الظروف الحالية أثرت حتى على ‘الشناقة’، الذين أصبح صعبا عليهم شراء عدد كبير من الأغنام من ‘الكسابة’”.
المصدر: هسبريس