أكثر من نصف ميزانية الدولة رُصدت للقطاعات الاجتماعية
كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح علوي، عددا من الإجراءات التي استهدفت من خلالها الحكومة محاربة الفقر والهشاشة وتعزيز آليات التضامن والتماسك الاجتماعي، مبرزة أن المغرب حقق نتائج مشجعة على مستوى القطاعات الاجتماعية وتمكن من تحقيق تقدم في بلوغ أهداف التنمية المستدامة.
وأشارت الوزيرة ضمن جواب على سؤال كتابي تقدمت به المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، توصلت به جريدة “العمق”، إلى أن أكثر من نصف ميزانية الدولة رُصدت للقطاعات الاجتماعية، والحكومة تواصل العمل لتمكين المواطن من التعليم والصحة الجيدة والسكن اللائق وإيلاء عناية خاصة للطبقات الاجتماعية المهمشة خاصة عبر برامج الاستهداف وتفعيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية.
القدرة الشرائية
وحول تأثيرات ارتفاع أسعار النفط وكذا العديد من المواد الأساسية، قالت الوزيرة إن الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة مكنت من الحد من التأثيرات الظرفية على القدرة الشرائية للأسر المغربية، خاصة الفئات في وضعية الفقر والهشاشة.
وأشارت الوزيرة إلى أن الحكومة عملت على اتخاذ مجموعة من التدابير التي تهدف إلى تحقيق استقرار الأسعار المحلية للمواد الأساسية الموجهة للاستهلاك في ظل استمرار تقلبات أسعار مواد الاستهلاك الأساسية على الصعيد العالمي وتوالي سنوات الجفاف، مشيرة إلى دعم أسعار مجموعة من المواد والخدمات الأساسية مع تثمين الإنتاج المحلي، والرفع من الغلاف المالي الموجه لدعم أسعار المواد الأساسية كغاز البوطان والسكر والدقيق الوطني والذي بلغ حوالي 41,8 مليار درهم سنة 2022 و30 مليار درهم سنة 2023 ليصل إلى 17 مليار درهم برسم سنة 2024.
“تقديم دعم مباشر لمهنيي النقل كتعويض عن ارتفاع أسعار الكازوال لضمان استقرار أسعار نقل الأشخاص والبضائع”، من ضمن الإجراءات التي ذكرتها في هذا السياق، مشيرة إلى أن الغلاف المالي المخصص لها تجاوز 7 مليار درهم، بالإضافة إلى دعم المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بمبلغ 5 مليار درهم من أجل الحفاظ على استقرار أسعار الماء والكهرباء في مستوياتها الحالية رغم ارتفاع تكلفة الإنتاج، وكذا تخصيص دعم مباشر للكتب المدرسية خلال الدخول المدرسي لهذه السنة الدراسية ناهز 110 مليون درهما من أجل التخفيف من عبء تكاليف الدخول المدرسي والحفاظ على استقرار أسعار هذه الكتب وذلك بالرغم من ارتفاع تكلفة إنتاجها.
ومن بين الإجراءات التي تستهدف استقرار الأسعار، تضيف المسؤولة الحكومية، وقف استيفاء رسم الاستيراد البالغ %200 والقيمة المضافة المحددة في 20% على واردات العجول والأبقار الحلوب وعلى واردات الأغنام، وتخصيص مبلغ 500 درهم كدعم لمستوردي رؤوس الأغنام الصغار والمتوسطة للمحافظة على القطيع الوطني والحد من ارتفاع أسعارها في السوق الداخلية.
وعملت الحكومة من خلال اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع التموين والأسعار وعمليات المراقبة على السهر من أجل توفير المواد الاستهلاكية في ظروف جيدة وبأسعار معقولة من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير الاستباقية من قبيل دعم تكاليف إنتاج بعض المواد الأساسية أو تعليق الرسوم الجمركية والقيمة المضافة عند الاستيراد على واردات مجموعة من المواد الأخرى.
من جهة أخرى تم تكثيف عمليات المراقبة وتتبع تطور الأسعار على صعيد الأسواق الداخلية في جميع، أقاليم وعمالات المملكة من طرف اللجن المحلية التي يرأسها الولاة والعمال، وتحرير محاضر بشأنها وإرسالها إلى المحاكم المختصة.
محاربة الفقر والهشاشة
وذكرت الوزيرة عددا من الإجراءات الرامية للحد من الفقر والهشاشة من خلال تسريع وتعزيز عدد من البرامج التنموية التي تحظى بأولية خاصة في البرنامج الحكومي، بالإضافة إلى تنزيل البرنامج الاستعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة جراء زلزال الحوز.
وفي إطار تنفيذ المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية، كشفت الوزيرة أنه تمت برمجة 611 مشروعا برسم سنة 2022 بغلاف مالي ناهز 632 مليون درهم لفائدة 880.000 مستفيد، خصص 42% منها لفك العزلة في العالم القروي %27% لمشاريع التمدرس و14% للتزود بالماء الشروب و10% للكهربة القروية و7% لفائدة قطاع الصحة.
وفي إطار تنفيذ برنامج العمل لسنة 2023، تمت المصادقة على 284 مشروعا ونشاطا هم برنامج تقليص الموارد المجالية والاجتماعية بالعالم القروي بغلاف مالي إجمالي يقدر ب 430,7 مليون درهم تم تخصيص %38% منه لتمويل مشاريع فك العزلة و22.9% لمشاريع التمدرس بالعالم القروي و 18,46 للتزود بالماء الشروب و11.57% لقطاع الصحة و9,07% للكهربة القروية.
وفيما يتعلق ببرنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، تم إنجاز 1.279 مشروعا ونشاطا برسم سنة 2022 باستثمار إجمالي يناهز 600,92 مليون درهم 62,36% منه مخصصة لمشاريع بناء وتجهيز مراكز الاستقبال، يليها دعم التسيير بنسبة 24,83 و11.76% لتأهيل مراكز الاستقبال و1,05% تتوزع بين التكوين وإنجاز الدراسات والأبحاث.
وتم تخصيص غلاف مالي إجمالي بقيمة 560 مليون درهم لتنفيذ المشاريع والأنشطة المرتبطة بهذا البرنامج برسم سنة 2023.
وبالنسبة لبرنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، تم إنجاز 4.263 مشروعا سنة 2022 تخص دعم المبادرة المقاولاتية لدى الشباب بكلفة إجمالية بلغت 549,47 مليون درهم لفائدة 4.783 مستفيد، و1.527 مشروعا مدرا للدخل بالنسبة لمحور تحسين الدخل بكلفة إجمالية بلغت 526,92 مليون درهم.
أما فيما يتعلق ببرنامج الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة فقد تم إنجاز 365 مشروعا وعملية تخص محور صحة الأم والطفل بتكلفة تصل إلى 157 مليون درهم و107 عملية ومشروع تهم محور دعم التمدرس لفائدة 130.000 مستفيد بغلاف مالي يقدر بـ 568,7 مليون درهم كما تم تشغيل 6.314 وحدة للتعليم الأولي في إطار محور دعم التعليم الأولي.
دعم الحماية الاجتماعية
وأكدت الوزيرة أن التزام الحكومة بتعزيز التماسك الاجتماعي يتمثل أيضا في الإجراءات الممولة من طرف صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي الذي تم إحداثه سنة 2021 بغلاف مالي يفوق 41,23 مليار درهم، ويساهم هذا الصندوق في تمويل النفقات المتعلقة بتنفيذ نظام التأمين الإجباري عن المرض AMO تضامن”، وتقديم الدعم للتمدرس والحد من الهدر المدرسي من خلال برنامج “تيسير” والمبادرة الملكية “مليون محفظة”، فضلا عن تقديم المساعدة إلى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وبرنامج الدعم المباشر للنساء في وضعية هشة.
وكشفت الوزيرة أنه تم صرف اعتمادات مالية تفوق 6.4 مليار درهم في إطار موارد هذا الصندوق لأداء واجبات الاشتراك في نظام التأمين الإجباري عن المرض بالنسبة للأشخاص غير القادرين على أداء هذه الواجبات منها ما يفوق 5,7 مليار درهم برسم الاشتراكات المتعلقة بالفصول الثلاثة الأولى من سنة 2023.
وفيما يتعلق ببرنامج “تيسير” الذي يهدف إلى تعميم التعليم ومحاربة الهدر المدرسي عبر تقديم منح دراسية في شكل تحويلات مالية مشروطة للأسر المستهدفة. فقد استفاد من هذا البرنامج 2.313.189 تلميذا برسم الموسم الدراسي 20222023 مقابل 756.774 بالنسبة للموسم الدراسي 20122013، أي بزيادة سنوية تقدر ب 10,7%، تضيف الوزيرة.
وبالنسبة للمبادرة الملكية “مليون محفظة” التي تتمثل في توزيع المحافظ واللوازم المدرسية والكتب والمقررات المدرسية على تلاميذ التعليم الابتدائي والإعدادي مع التمييز حسب مستويات التعليم بين الوسطين الحضري والقروي، فأشارت الوزيرة إلى أنها استفادت هذه المبادرة من اعتمادات مالية تفوق 2,82 مليار درهم منها 285 مليون درهم برسم سنة 2023.
تجدر الإشارة إلى أن عدد المستفيدين من هذه المبادرة بلغ 4.401.328 تلميذا في الموسم الدراسي 20122023، منهم 2.775.940 تلميذا ينحدرون من الوسط القروي.
التأمين عن المرض
في غضون سنة واحدة، أكدت علوي على أن العدد الإجمالي للمستفيدين من التأمين الإجباري عن المرض التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ارتفع 3 مرات، منتقلا من 7,8 مليون شخص سنة 2020 إلى أكثر من 23,2 مليون شخص إلى نهاية يونيو 2023 بفضل إدماج أكثر من 3,8 مليون من العمال غير الأجراء وذوي الحقوق، منهم ما يقارب 1.929.721 من المؤمنين الرئيسيين. إضافة إلى حوالي 10.2 مليون مستفيد مؤمنون وذوي الحقوق في إطار التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، منهم 6.700.476 من ذوي الحقوق.
وتقدر مبالغ الاشتراكات المؤداة من طرف الدولة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في الفترة ما بين دجنبر 2022 و30 شتنبر 2023، ما يفوق 6,4 مليار درهم.
من جهة أخرى قالت الوزيرة إن سنة 2023 تميزت بتسريع وثيرة الإجراءات التحضيرية المواكبة لتنزيل الدعم الاجتماعي المباشر الذي انطلق فعليا العمل به، حيث انطلقت عملية التسجيل للاستفادة من هذا الدعم يوم 2 دجنبر 2023 ، مع بدأ عملية صرف الدفعة الأولى من الدعم المباشر نهاية دجنبر 2023.
وأشارت إلى أن إرساء هذا النظام الذي يقوم على تقديم دعم مباشر للأسر، تستفيد منه الفئات الاجتماعية التي تحتاج إلى المساعدة، ويهم الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة، والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين.
ويرتكز تمويل إصلاح الحماية الاجتماعية على نظام الاشتراك بالنسبة للأشخاص القادرين على المساهمة في التمويل، ونظام التغطية التضامنية غير قائم على الاشتراك بالنسبة للأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك وتقدر الكلفة الإجمالية لتعميم الحماية الاجتماعية بـ 51 مليار درهم منها 28 مليار درهم برسم آلية الانخراط و23 مليار درهم برسم آلية التضامن.
ويتم تمويل نظام الاشتراك عبر المساهمة المهنية الموحدة بالنسبة لفئات العمال غير الأجراء الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة وبالدفع المباشر للاشتراكات للمؤسسة المكلفة بتدبير نظام التأمين الإجباري عن المرض بالنسبة لفئات العمال غير الأجراء الذين لا يخضعون لنظام المساهمة المهنية الموحدة. وفيما يخص آلية التضامن فيتم تمويلها عبر تعبئة عدة مصادر للتمويل.
وتطبيقا لأحكام القانون الإطار 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، قامت الحكومة بوضع مخطط توقعي لتمويل الحماية الاجتماعية يرتكز أساسا على إعادة توجيه الاعتمادات المرصودة لبعض البرامج الحالية وترشيد العمل الاجتماعي للدولة، تضيف المسؤولة الحكومية.
المصدر: العمق المغربي