تقرير يرصد مخاطر “التطرف الإسلاموي واليميني” على الأمن المجتمعي الفرنسي
رصد تقرير حديث صادر عن “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات”، تحت عنوان “محاربة التطرف في فرنسا.. مخاطر خطاب التطرف على الأمن المجتمعي”، أن “التطرف الإسلاموي يشكل تهديدا أمنيا كبيرا لفرنسا التي تواجه تحديا كبيرا في تحقيق التوازن بين الحفاظ على الأمن وبين مراعاة الحريات الفردية”.
وأشار التقرير سالف الذكر إلى مجموعة من الأسباب التي تساهم في تنامي “التطرف الإسلاموي”؛ أبرزها الشعور بالتهميش من طرف بعض المسلمين الفرنسيين، مسجلا أن “بعض الدول والجماعات الخارجية تلعب دورا في نشر هذا التطرف.. كما يعاني المسلمون في هذا البلد من نقص في المعرفة الدينية الصحيحة، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثيرات المتطرفة”.
وأبرزت الوثيقة ذاتها أن “فرنسا تحتضن إحدى كبريات الجاليات المسلمة في أوروبا، إذ يقدر عدد المسلمين في هذا البلد الأوروبي بحوالي 6 ملايين نسمة”؛ وهو الرقم الأعلى بين جميع الدول الأوروبية، فيما يُمثل مسلمو المغرب العربي الغالبية العظمى منهم بحوالي 82 في المائة، معتبرا على صعيد آخر أن “جماعة الإخوان المسلمين سعت، منذ أواخر السبعينيات، إلى تأسيس إمبراطورية مالية وفكرية في فرنسا بهدف تعزيز نفوذها داخل المجتمع الفرنسي. وقد نجحت في ذلك من خلال بناء شبكة واسعة من المؤسسات الخيرية والمساجد، كما ارتبطت بعلاقات مصالح مع عدد من الأحزاب السياسية الفرنسية”.
في الإطار نفسه، رصد التقرير ذاته توظيف تنظيمات الإسلام السياسي لحرب غزة من أجل نشر خطابها المتطرف ضد المجتمع الفرنسي. وأشارت الوثيقة، في هذا الصدد، إلى اعتقال أجهزة الأمن الفرنسية، منذ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأكثر من 486 شخصا اتهموا بمعاداة السامية؛ منهم أكثر من 100 أجنبي. كما جرى، في العام الماضي، إيقاف أكثر من 12 ألف شخص، بسبب قضايا تتعلق بالتطرف.
من جهة أخرى، لفت “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات” إلى صعود خطاب اليمين المتطرف في فرنسا خلال السنوات الأخيرة، إذ بات “يُروَج لخطاب قومي متشدد يعزز الهوية الوطنية الفرنسية ويعارض الهجرة والاندماج”.
وأضاف المركز أن “اليمين المتطرف الفرنسي يعادي الإسلام والمسلمين وينشر خطاب الكراهية تجاههم، كما يستغل الخطاب الشعبوي للعب على مشاعر الاستياء لدى بعض فئات المجتمع، إضافة إلى أنه يقدم حلولا بسيطة لمشاكل معقدة ويؤمن بضرورة فرض قواعد صارمة للحفاظ على النظام”.
في هذا السياق، أوضح التقرير ذاته أن الدولة الفرنسية واجهت صعوبات في دمج المهاجرين في المجتمع؛ وهو ما أدى إلى “شعور بعض الفرنسيين بالتهديد من بعض الثقافات الأخرى”، مشيرا أيضا إلى “تفاقم الخطاب المتطرف على الإنترنيت، والذي يشمل شتم الأديان والأعراق والتوجهات الجنسية”، إذ ينتشر المحتوى المتطرف بسرعة على الشبكة العنكبوتية مما يجعل من الصعوبة بمكان رصده وإزالته.
وسجل المصدر ذاته أن التطرف بكافة أشكاله يشكل تهديدا خطيرا للأمن المجتمعي في فرنسا ويعرض استقرارها وقيمها الأساسية للخطر، موصيا بضرورة التركيز على تعليم الشباب مهارات التفكير النقدي والتحقق من صحة المعلومات لتجنب الوقوع ضحية للمعلومات المضللة والخطاب المتطرف، معتبرا في الوقت ذاته أن “التطرف يعد تحديا كبيرا لفرنسا؛ لكنه ليس مستحيلا، إذ يمكن هزيمته وتعزيز قيم التسامح في المجتمع من خلال تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني”.
المصدر: هسبريس