هل قتل الموساد الرئيس الإيراني؟
مع انطلاق مراسم تشييع جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي قضى إثر سقوط طائرة هليكوبتر كانت تقله ظهر الأحد برفقة عدد من المسؤولين، في شمال غربي البلاد، بدأت تطفو إلى السطح شكوك حول تعرضه للاغتيال، حيث تتجه أصابع الاتهام إلى الكيان الصهيوني، بينما يعتقد البعض أنه تعرض للتصفية على يد أطراف داخلية، بسبب حسابات سياسية متعلقة بمن سيخلف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
بدأت، مراسم تشييع جنازة رئيسي وعبداللهيان ومرافقيهما الذين لقوا مصرعهم في حادث المروحية، حيث نقلت نعوشهم إلى مدينة تبريز شمال غرب البلاد ثم إلى مدينة قُم الشمالية، والتي تعتبر ثاني أقدس مدينة في إيران بعد مشهد، والتي درس فيها رئيسي الفقه الإسلامي، ونقلت الجثامين يعدها إلى العاصمة طهران، حيث تواصلت مراسم الجنازة في مسجد “المصلى الكبير”.
ومن المتوقع أن يؤم المرشد الأعلى، علي خامنئي، صلاة الجماعة على رئيسي في العاصمة اليوم، فيما سيتم الدفن في مدينة مشهد شمال شرق البلاد، في ضريح الإمام الشيعي الثامن غدا الخميس. وقد نظم مجلس خبراء القيادة جلسة بحضور الرئيس المؤقت لإيران محمد مخبر، الثلاثاء، بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر بشمال غرب البلاد. وقالت وكالة إرنا الإيرانية إن الجلسة حضرها أيضاً أمين مجلس صیانة الدستور أحمد جنتي، ورئيس مجلس الشوري (البرلمان) محمد باقر قاليباف، ورئيس السلطة القضائية محسني ايجئي، وعدد من وزراء الحكومة.
ويتألف مجلس خبراء القيادة، المنوط به اختيار قيادات البلاد ومراقبة أدائها، من 88 من “المجتهدين المؤهلين الذين لهم مهام جسيمة في هيكل” إيران، ومدة ولايته 8 سنوات، ويتم انتخاب أعضائه من قبل الشعب، بحسب وكالة إرنا. ومن المنتظر أن تنظم الانتخابات الرئاسية يوم 28 جوان المقبل، وشهدت الجلسة انتخاب موحدي كرماني رئيساً لمجلس خبراء القيادة في البلاد بأغلبية 55 صوتاً، ليتولى رئاسة المجلس لمدة عامين، وفقاً للنظام الداخلي للمجلس.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أنه في “اجتماع رؤساء السلطات الثلاث الذي عقد ظهر الاثنين، باستضافة النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد مخبر، وبحضور رئيس السلطة القضائية ورئيس مجلس الشورى والنائب القانوني لرئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس صيانة الدستور والنائب السياسي لوزير الداخلية، تم التباحث وتبادل الآراء حول تطبيق المادة 131 من الدستور، بشأن إجراء عملية الانتخابات الرئاسية خلال 50 يوماً”.وأضافت: “بناء على ذلك، تمت دراسة توقيت العملية الانتخابية، بما في ذلك موعد تشكيل المجالس التنفيذية وتسجيل المرشحين والحملات الانتخابية وعملية إجراء الانتخابات، وتقرر أنه بناء على الاتفاق المبدئي لمجلس صيانة الدستور، يتم إجراء الانتخابات لتحديد الرئيس الجديد في 28 جوان”. وذكرت الوكالة أن تسجيل المرشحين سيبدأ في 30 ماي الجاري، مضيفة أن الحملات الانتخابية ستجري خلال الفترة الممتدة بين 12 و27 جوان.
وجرى تعيين محمد مخبر، النائب الأول للرئيس الإيراني، رئيساً بالنيابة، الاثنين، بعد وفاة رئيسي. وأكد نائب الرئيس الإيراني للشؤون التنفيذية، محسن منصوري، أول أمس الاثنين، مقتل رئيسي وجميع مرافقيه، إثر تحطم الهليكوبتر في منطقة جبلية قرب الحدود مع أذربيجان، وسط ظروف جوية سيئة.
وكانت مروحية رئيسي تمر عبر منطقة جبلية ضبابية وعرة في شمال غربي إيران، وأفادت الحكومة أن الجهود المبذولة لتحديد موقع التحطم أعاقها الضباب والرياح والأمطار الغزيرة، ونشرت لقطات لطواقم الإنقاذ وهي تهرع عبر الضباب، ما يترك الانطباع أن وفاة رئيسي كانت مجرد حادث.
وبحسب مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية، فإن إيران، “المنعزلة دوليا، تعاني من مشاكل كبيرة في بنيتها التحتية وإمكانياتها فيما يخص مجال الطائرات”، مشيرة إلى أن “العديد من القادة والمسؤولين العسكريين البارزين لقوا حتفهم في حوادث مماثلة”.
وهناك شكوك واسعة تحيط بالحادث، حيث يعتقد البعض أن رئيسي تعرض لاغتيال “مدبر”، حيث يبرز الكيان الصهيوني متهما “رئيسيا” في هذا الحادث، خاصة أنه جاء بعد شهرين من شن إيران أول هجوم مباشر في تاريخها على الكيان،بإطلاق أكثر من 300 صاروخ باليستي ومجنّح ومسيّرة، وذلك رداً على ضربة جوية صهيونية دمّرت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل الماضي، وأسفرت عن مقتل سبعة من مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، على رأسهم القيادي محمد رضا زاهدي، قائد تلك القوات في سوريا ولبنان.وكان رد الكيان الأولي على هذا “الهجوم غير المسبوق” بشكل “رمزي”، حيث شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة جوية وموقع نووي بالقرب من مدينة أصفهان بوسط البلاد.
وبحسب مجلة “ذا تايم” الأمريكية، فإن موقع الحادث يشجع على الشكوك حول تورط الموساد في مقتل رئيسي، فقد سقطت مروحية الرئيس الإيراني في غابة جبلية بالقرب من الحدود مع أذربيجان، وهي الدولة الأقل ودية بين جيران إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تحتفظ بعلاقات قوية مع الكيان، ولها تاريخ في التعاون مع الموساد.
كما أن الحادث جاء بعد أيام قليلة من اجتماع مهم في مسقط بين وفد إيراني وأمريكي ناقش الملف النووي الإيراني، وتوجه طهران تحت قيادة رئيسي أقلق كثيرا الكيان الصهيوني، خاصة بعد تمكنه من تطبيع العلاقات مع العربية السعودية وانفتاحه على مصر، وهو ما يشكل تهديدا للمصالح الصهيونية في المنطقة، والتي تبحث عن عزل إيران عن محيطها وجعل منسوب الأزمة مع الدول العربية مرتفعا.
من جهتها، أشارت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، في تقريرٍ نشرته أمس الثلاثاء، إلى أن مسؤولين أمريكيين عبروا عن خشيتهم أن تتهم إيران الكيان أو حتى الولايات المتحدة بالضلوع في حادث للمروحية، وهذا ما دفع وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إلى نفي “أي دور للولايات المتحدة في هذا الحادث”.