هآرتس: نتنياهو يسعى لاحتلال دائم وحكم عسكري في غزة
اعتبر رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”، ألوف بِن، اليوم الإثنين، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يسعى إلى نكبة جديدة في قطاع غزة، ودعا إلى الانصات لأقوال نتنياهو بدلا من الادعاء أنه يحاول بواسطة خدع أن يتهرب من المسؤولية.
وأشار بن إلى أن منتقدي نتنياهو يميلون إلى الاستهزاء بتصريحات نتنياهو وخطاباته، واعتبارها كاذبة وأن هدفها حل مشاكل سياسية آنية، مثل أن نتنياهو يخضع لإملاءات الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وأنه ليس قادرا على اتخاذ القرار. “لكن إذا كان نتنياهو مجرد روبوت، أو كرة قدم تُركل بين البيت الأبيض وحزب بن غفير، فبماذا هو مذنب بالضبط؟”.
وأضاف أن “نتنياهو يختبئ دائما خلف شخصيات قوية، ويفضل أن يبدو كخرقة على الأرض وألا يكافح من أجل مواقف مختَلف حولها. وميله إلى دحرجة المسؤولية (بعيدا عنه) تفاقم، بالطبع، منذ أن قاد إسرائيل إلى كارثة 7 أكتوبر وإلى حرب استنزاف في غزة والشمال”.
ورأى بِن أنه “منذ أن انتعش من الهلع الذي انتابه لدى نشوب الحرب، بات نتنياهو مثابرا على استعراض سياسته لـ’اليوم التالي’: احتلال إسرائيلي لقطاع غزة من جديد. وهكذا أعلن في كانون الأول/ديسمبر: ’غزة ستكون منزوعة السلاح بعد القضاء على حماس، تحت سيطرة أمنية إسرائيلية، ولن يكون فيها أي جهة تهددنا وتربي أولادها على الإرهاب’”.
وفي شباط/فبراير، أضاف نتنياهو إلى تصريحاته عبار “الانتصار المطلق”. وتساءل بن أنه “كيف سنتعامل مع نتنياهو إذا كان يقصد ما يقول، وأنه يقصد فعلا الانتصار على غرار حرب الاستقلال (عام 1948)، ومن خلاله تحتل إسرائيل غزة، ويغادر الكثير من سكانها إلى دول عربية وغربية، وتقام فيها مستوطنات يهودية؟ فهذه النتيجة ملائمة بالضبط للبند الذي يفتتح الخطوط العريضة للحكومة الحالية: ’للشعب اليهودي حق حصري غير قابل للتقويض على كافة مناطق أرض إسرائيل’”.
وأشار إلى أن “العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تسمح بتحقيق النتيجة التالية: طرد السكان، تدمير القرى والمدن، صعوبة نقل غذاء ووقود إلى اللاجئين، تقسيم القطاع بشارع عرضي وإقامة قواعد الجيش الإسرائيلي على طوله، الدخول التدريجي إلى رفح. والحكم العسكري الذي يطرحه الآن هو مرحلة أخرى في العملية العسكرية المتدحرجة نحو ’تهويد غزة’”.
وحذر بن من أنه “في الوقت الذي يدعو فيه اليمين علنا إلى نكبة ثانية في غزة، يُعزي معارضو النظام أنفسهم بقناعة أن هذه فنتازيا خلاصية لن تتحقق. ويعلقون آمالا على ’العالم’ بألا يسمح لإسرائيل بتكرار ’ولادة قضية اللاجئين الفلسطينيين’. ولا شك في أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يعارض بشدة احتلال إسرائيليا دائما في غزة ويعارض بالطبع تطهيرا عرقيا لسكانها الفلسطينيين واستبدالهم بمستوطنين يهود. والتهديد بمذكرات اعتقال في لاهاي وتجميد شحنات الذخيرة من أميركا غايتها ردع نتنياهو من المضي قدما حتى النهاية”.
لكن نتنياهو يعرف التاريخ بشكل ممتاز، حسب بِن. “فهو يعلم أن أميركا عارضت مرة تلو الأخرى خطوات رأت إسرائيل أنها حيوية، وتراجعت أمام الإصرار الإسرائيلي. وهكذا حصل لدى الإعلان عن قيام الدولة، ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، وبالإعلان عن القدس كعاصمة إسرائيل، وبإقامة المفاعل النووي في ديمونا، وبإقامة المستوطنات في المناطق (المحتلة) وتوسيعها، وحتى في العملية العسكرية الحالية في رفح”.
وأضاف أن “إسرائيل أصغت للأميركيين في جميع هذه الأحدث وفعلت العكس. تماما مثلما يتجاهل نتنياهو الآن الرئيس جو بايدن ومبعوثيه، الذين يأتون ليكرروا الحديث حول ’إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة’. والحديث حول صفقة لإعادة المخطوفين مقابل وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي بالنسبة له هو مجرد طريقة لتمرير الوقت إلى حين يعتاد العالم على الواقع الجديد الذي سينشأ في غزة، مثلما اعتاد لنتائج الحرب الأهلية في سورية”.
واستخف بن بتهديد عضو كابينيت الحرب، بيني غانتس، بالانسحاب من الحكومة، مشددا على عدم قدرته على إسقاط الحكومة، “ولمشكلة لا تتعلق فقط بضعف غانتس السياسي وإنما بموقفه الجوهري الذي كرره في خطاب الإنذارات لنتنياهو. فغانتس يؤيد سياسة الحكومة التي هو عضو فيها. وهو يدعو إلى مسؤولية أمنية إسرائيلية في غزة، تماما مثلما يؤيد احتلال الضفة الغربية، ويعارض وجود حماس ووجود (محمود) عباس (في غزة). والفرق هو أن غانتس يريد ’إجراء مداولات’ ونتنياهو لا يريد. وبذلك، تتجه إسرائيل بخطى واثقة إلى الانقلاب على خطة الانفصال والعودة إلى غزة، بروح وعود نتنياهو وأمل شركائه في الائتلاف”.
وأكد المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، على أن “نتنياهو يسعى إلى دحرجة الجيش الإسرائيلي إلى بقاء دائم في القطاع، كجيش محتل أولا ثم كحكم عسكري”، مثلما كتب بِن.
وكتب برنياع أنه “إذا كان غالانت وغانتس محقان، فإن التحولات لدى نتنياهو لم تكن نظيفة من اعتبارات شخصية وسياسية داخلية. ولذلك يسعى نتنياهو إلى تحويل التوحل في غزة إلى توحل مزمن”.
واعتبر برنياع أنه “على الرغم من أنهم في إسرائيل استخلصوا العبر الآن ويحاذرون في التعامل مع السكان المدنيين، إلا أن الصور التي تخرج من مخيمات المهجرين إلى أميركي، وهي صور لا ينشرونها كثيرا في إسرائيل، تجبي ثمنا سياسيا (من بايدن)”.
وبحسبه، فإن مسؤولين إسرائيليين يقولون في محادثات مغلقة ما لا يستطيعون قوله علنا، وهو أن “القتال في غزة يجب أن ينتهي. نحن سنحصل على مخطوفينا، حماس تحصل على صفقتها وبإمكان بايدن التباهي بتحالف إسرائيلي – سني ضد إيران. وهذا ليس انتصارا وإنما ينطوي على أساس لانتصار في المستقبل. ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الذي جاء إلى إسرائيل قادما من الرياض حاملا تطبيع بيده، سيعود إلى واشنطن خالي الوفاض”.
وأشار برنياع أيضا إلى تحذيرات غانتس لنتنياهو، وإلى أنه “ليس واضحا على ماذا يجري النقاش بينهما. ومثل نتنياهو هو يؤيد استمرار القتال وتوسيعه إلى رفح. ومصل نتنياهو هو يرفض دخول السلطة الفلسطينية من أجل إدارة القطاع، ومثل نتنياهو هو ينشر أساطير حول شراكة أميركية – أوروبية – فلسطينية تسعى إلى إدارة القطاع. ولا توجد شراكة كهذه في هذه الأثناء. وإنذار غانتس جاء خوفا من فقدان أصوات في الاستطلاعات فقط”.
ولفت إلى أن محكمة العدل الدولية في لاهاي قد تدعو إسرائيل، الأسبوع لحالي، إلى وقف الحرب. “وإذا حدث هذا فإن المحطة المقبلة ستكون مجلس الأمن الدولي. وقراره سيقرض على إسرائيل الالتزام به. ونحن لسنا إيران أو روسيا، فالعقوبات ستؤدي لانهيارنا. وستكون إسرائيل متعلقة بالفيتو الأميركي، ويوجد ثمن لهذا أيضا”.