اخبار المغرب

“الحسابات” يعرض جهود حماية المال العام

في إطار مشاركته ضمن فعاليات الدورة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، بادر المجلس الأعلى للحسابات إلى تقديم عرض ألقاه محمد أباية، رئيس فرع بغرفة الاستئناف بالمجلس سالف الذكر، حول أهم اجتهاداته القضائية في مجال حماية المال العام، ناقش من خلالها بعض القواعد المستنبطة من هذه الاجتهادات خاصة فيما يتعلق بميدان البت في الحسابات والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، في شقيهما المرتبط بالمداخيل وكذا النفقات.

استعرض أباية، في بداية مداخلته، الأسس الدستورية للاختصاصات القضائية للمجلس الأعلى للحسابات، محيلا في هذا الصدد على الفصلين 147 و149 من الدستور المغربي اللذين يؤطران عمل كل من المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، إضافة إلى الأسس التشريعية المتمثلة في كل من القانون 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية والقانون 61.99 المتعلق بتحديد مسؤولية الآمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين.

وسجل المحاضر ذاته أن “تدبير نفقات ومداخيل الأجهزة العمومية موكول بالأساس إلى ثلاثة فاعلين أساسيين؛ وهم الآمرون بالصرف، أي رؤساء هذه الأجهزة كأن يتعلق الأمر مثلا بوزارة أو بجماعة ترابية، ثم المراقبون الذين يتولون المراقبة القبلية للنفقات، والمحاسبون العموميون وهم الموكول إليهم مراقبة أوامر الأداء والاستخلاص”، مشيرا إلى وجود “مبدأ راسخ في تدبير المال العام يؤطر العلاقة ما بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي، حيث إن مهامهما هي مهام منفصلة ومتنافية”.

وزاد شارحا أن “الآمر بالصرف يتخذ قرار الاستخلاص؛ ولكن ليست له إمكانية القيام بذلك، حيث إن الاستخلاص موكول للمحاسب العمومي الذي لا يمكن بدوره أن يقوم بها إلا بناء على أمر صادر عن الأول”، مفسرا أن فلسفة هذا الفصل تجد لها تفسيرا في المراقبة المتبادلة بين هذين الفاعلين.

البت في الحسابات

وبخصوص الاختصاصات القضائية للمحاكم المالية، أوضح أباية أنها “تنقسم إلى قسمين: التدقيق والبت في الحسابات المنصب على المحاسب العمومي، ثم التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الذي ينصب على جميع الفاعلين في تدبير المال العام؛ بما فيهم المحاسبون”.

وأضاف رئيس فرع بغرفة الاستئناف بالمجلس الأعلى للحسابات أن “البت في الحسابات موجه إلى الأجهزة العمومية التي تتوفر على محاسب عمومي وهو اختصاص من النظام العام، بمعنى أنه لا يحتاج إلى إحالة للقيام به، فالمحاسب مُلزم بتقديم الحساب وقاضي الحسابات مُلزم بالتدقيق والبت فيه”.

وعلاقة بالاجتهاد القضائي في هذا الباب، أشار المسؤول ذاته إلى مجموعة من القواعد العامة التي توصل إليها المجلس على غرار اتسام مسؤولية المحاسب العمومي أمام قاضي الحسابات بالطابع الموضوعي، أي أن “هذا الأخير عندما يبت في الحساب فما يهمه في الأصل هو وضعية الحساب بغض النظر عن الظروف التي يشتغل فيها المحاسب وحول ما إن كان يتوفر على إمكانيات لأداء عمله”، إضافة إلى القاعدة التي تنص على أن “عدم قابلية القرار النهائي للتنفيذ لا تحول دون البت في الحساب النهائي”.

وفيما يخص القواعد المتعلقة بالمخالفات المرتبطة بالمداخيل والنفقات وبعدما استعرض أبرز المخالفات الموجبة لإثارة المسؤولية في هذا الصدد، أشار المتدخل ذاته إلى مسؤولية المحاسب العمومي عن تقادم الديون التي لم يبد بشأنها أي تحفظ وكذا مسؤوليته عن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل المداخيل التي تكفل بها، إضافة إلى القاعدة التي تنص على أن “مسؤولية مرتكب الأخطاء في تصفية النفقة لا تنفي مسؤولية المحاسب العمومي”.

التأديب المالي

أما فيما يتعلق باختصاص المجلس الأعلى للحسابات فيما يخص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، أشار محمد أباية إلى مجموعة من المخالفة الموجبة لإثارة المسؤولية الشخصية في هذا الصدد والمنصوص عليها في المادة 54 من مدونة المحاكم المالية، على غرار مخالفة قواعد الالتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها ومخالفة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بتدبير شؤون الموظفين والأعوان أو عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية.

في السياق نفسه وفي معرض حديثه عن أبرز القواعد العامة التي توصل إليها المجلس في هذا الصدد، لفت المحاضر إلى القاعدة التي تؤكد أن “صدور مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي في الميدان الجنائي لا يحول دون إجراء المتابعات أمام المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية من أجل نفس الأفعال”، إضافة إلى عدم إعفاء حسن النية لمرتكب المخالفة من المسؤولية في مجال التأديب المالي.

كما استعرض أبرز القواعد التي تهم باب المداخيل وباب النفقات علاقة بهذا الاختصاص، على غرار “عدم جواز منح إعانات نقدية أو عينية من طرف رؤساء المجاس الجماعية لفائدة جمعيات في غياب أي ترخيص من المجالس التداولية أو اتفاقيات شراكة مصادق عليها من لدن هذه المجالس”، فضلا عن عدم أحقية موظفي الجماعات الترابية في الاستفادة من الامتيازات خارج تلك التي تتيحها النصوص التشريعية والتنظيمية وفق ما هو مرصود في الميزانية.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *