الشهيد صلاح الطيب: القتل بسبب الحقد، الغباء المتوارث وخطأ صياغة السؤال!
عماد خليفة
“إلى علي فضل المقتول بخطأ صياغة السؤال.” صلاح الزين.
إذا كانت للحروب من فوائد فإن أكبر فائدة من هذه الحرب اللعينة تمثلت في كسر (تابو) هذا المسخ المسمى جيشا الذي لم ولن يستطع التخلي عن الحمولة (المسمومة) لما يعرف بتيار الإسلام السياسي، وكسر شوكته وهيبته (الزائفه)، وكشف جبن ضباطه الذين فروا كالنعام من المدن ومن حامياتهم العسكرية دون أن يطلقوا رصاصة واحدة ضد العدو، وسقوطهم وفشلهم مهنيا واخلاقيا. فمهنيا تمت هزيمتهم ميدانيا رغما عن استحواذهم على أكثر من ثمانين في المئة من الاقتصاد الكلي للبلاد، وخمسة وسبعين في المئة من ميزانية الدولة السنوية، لم تفلح كل هذه الأموال والتي من المفترض أن تُصرف على التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة القتالية لمنسوبيه، في أن تجعل منهم مقاتلين أكفاء يقفون ولو لساعة واحدة أمام العدو، ولم تخلق منهم (رجال حوبة) يُلبون نداء الملهوف وفزعة المنكوب ونجدة المستغيث، ولم تجعل منهم (عقلاء) يجيدون حسن التصرف والتقدير ويعملون لإيقاف هذه الحرب حفاظا على ما تبقى من وطن. وسقطوا أخلاقيا بحنثهم وعدم التزامهم بما أقسموا عليه بحماية وصون الأرض والعرض. كما لم يلتزموا بالجانب الأخلاقي للحروب في التعامل مع الأسرى وحرمة جثث الموتى، الذي بلغ عندهم حد التباهي بفصل الرؤوس، وسلخ الجلود، وبقر البطون واخراج الاحشاء والتلويح بها، ثم مضغ الأكباد.
وثالثة الأثافي، انتهاكاتهم الجسيمة للقوى المدنية (حائطهم القصير) الذي يسقطون عليه كل هزائمهم واشكالاتهم النفسية العميقة قبل وبعد الحرب. فلم يراعوا حرمة معتقل، إذ قتلوا ونكلوا وعذبوا كل نشطاء المجتمع المدني في مناطق سيطرتهم الذين ينادون بوقف هذه الحرب المدمرة. تهديداتهم العلنية الموثقة على اليوتيوب لكل من يعمل خيرا لخدمة ضحايا حربهم تقف شاهدا على حقدهم الدفين وتنمرهم على العزل. الجميع شاهد تهديداتهم للشيخ الأمين عمر، الانسان الذي جسد قمة العطاء في خدمة المحتاجين وايوائهم دون منٍ أو أذىٍ بمسيده في ودنوباوي، ولولا الوقفة الجماهيرية والإعلامية الصلبة لقاموا بتصفيته دون أن يرمش لهم جفن.
في التاسع من مايو الجاري، ومواصلة لسجلهم الإجرامي الحافل بالانتهاكات، صدمت قطاعات واسعة من جماهير الشعب السوداني عامة، وجماهير ولاية الجزيرة ومنطقة العزازي بصورة خاصة بنبأ استشهاد ابنهم الأستاذ المحامي صلاح الطيب على ايدي جلاوزة استخبارات جيش (الحركة الإسلامية)، الذين اقتادوه بكل نذالة وخسة من منزله وأمام أفراد أسرته معصوب العينين، مكبل اليدين لمقرهم في مدرسة العزازي الثانوية التي حولوها لمعتقل كبير لأبناء المنطقة الرافضين للحرب والذين وقفوا مع ثورة الشعب، وقد تمت تصفية الأستاذ صلاح على أياديهم (المرتجفة) الملطخة بدماء الشرفاء فور اعتقاله. وعلى ذات طريقة الشهيد الدكتور علي فضل والأستاذ أحمد الخير، حاولوا مداراة جريمتهم النكراء بتزييف سبب الوفاة، إذ ذكروا لأسرته المكلومة بعد مرور أكثر من أسبوعين على وفاته ومواراة جسده الطاهر الثرى بطريقة لا تليق بكرامة وحرمة الانسان والموتى، أنه قد توفى نتيجة لدغة عقرب.
هكذا يتكرر موت الشرفاء الأنقياء على أيدي هؤلاء (الاوباش) ويتكرر معها نفس نقص المروءة والشهامة والشجاعة بقتل إنسان أعزل اولا، ثم التنصل عن مسؤولية قتله وبتكرار نفس سيناريوهات الكذب والتدليس، وبذات الغباء (المتوارث).
الرحمة والمغفرة للشهيد الإنسان الخلوق الأستاذ المحامي صلاح الطيب الذي نذر حياته القصيرة والمليئة بالبذل والعطاء في خدمة أهل منطقة العزازي، ومن أجل الدفاع عن الإنسان وكرامته، ونذر حياته ثمنا لما آمن به (وطن يسع الجميع) يأتي من وسط ركام هذا القبح والدمار. والتعازي القلبية الصادقة لأسرته الصغيرة بالعزازي ولاصدقائه ورفاقه في حزب المؤتمر السوداني، والرحمة والمغفرة لكل شهداء التغيير والثورة والضمير على امتداد بلادنا العزيزة. والرحمة والمغفرة للطبيب الإنسان علي فضل والأستاذ أحمد الخير، ولكل شهداء (خطأ صياغة السؤال) بطول البلاد وعرضها من جنوبنا الحبيب الذي مضى، مرورا بدارفور التي مازالت تنزف، إلى جبال النوبة، النيل الأزرق، شرق السودان، كجبار، وشهداء ثورة ديسمبر وفض الاعتصام وبعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر المشؤوم حتى هذه الحرب (القبيحة) التي مازالت تحصد في الأرواح.
كل هذه الجرائم والأفعال لا سيما خلال العام السابق فقط، تقف شاهدا قويا وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك، بأنه لا يمكن أن يكون لهذا الجيش وبنفس التكوين والعقيدة (المتكلسة) أي وجود في سودان ما بعد الحرب. فالخطوة الأولى في تصحيح صياغة سؤال صلاح الزين تبدأ بحل وتسريح هذا الجيش (العار) فور انتهاء هذه الكارثة، لأنه أصبح يشكل (عبئاً) ثقيلا على الوطن والمواطن، كما ظل يقف عائقا أمام أي تطور ونهضة لهذا الشعب الأبي، وصار كذيل الشاة (لا يستر لها عورة ولا يهش عنها الذباب).
[email protected]المصدر: صحيفة الراكوبة