السودان:أي مستقبل ينتظر التلاميذ في المنافي القسرية؟
تواجه هذه المدارس في البلدان التي لجأت إليها الأسر السودانية، أزمة مرتبطة بالرسوم المفروضة من وزارة التربية والتعليم العام الخاصة “بنثريات كنترول الامتحانات” والتي تبلغ آلاف الدولارات
التغيير: نيروبي
تستعد المدارس السودانية في عدد من الدول التي لجأ إليها السودانيون بعد الحرب، مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا، لإجلاس تلاميذ الصف السادس لامتحانات شهادة الأساس في الأول من يونيو المقبل.
كما يستعد الطلاب المنتقلون للمرحلة الثانوية للجلوس لامتحانات الشهادة المتوسطة في مطلع يوليو المقبل.
وتواجه هذه المدارس أزمة مرتبطة بالرسوم المفروضة من وزارة التربية والتعليم العام الخاصة “بنثريات كنترول الامتحانات” والتي تبلغ آلاف الدولارات، ويصعب على الأسر العالقة بسبب الحرب تحملها.
أعباء مادية
“لدي ابن ممتحن شهادة أساس، وبنت ستجلس لامتحانات المتوسط والمبلغ المطلوب لرسوم الامتحانات أكثر من ألف دولار وهو مبلغ يفوق طاقتنا المادية”. تقول (نعمة) وهو اسم مستعار لسيدة مسؤولة عن ابنيها التلميذين بالمدرسة السودانية بالعاصمة الكينية نيروبي.
العام الدراسي كان مكلفاً على المستوى المادي حيث لم تتوفر الكتب المدرسية، واضطروا لطباعة نسخ إلكترونية، التي كلفتهم بدورها مبالغ طائلة
وقالت (نعمة) في مقابلة مع «التغيير»، إن هذا العام الدراسي كان مكلفاً على المستوى المادي حيث لم تتوفر الكتب المدرسية، واضطروا لطباعة نسخ إلكترونية، التي كلفتهم بدورها مبالغ طائلة.
وعلى الرغم من وجودها وأسرتها في كينيا قبل الحرب، إلا أن آثار الحرب طالتها وأثرت في دخل الأسرة التي تضطر لمشاركة مواردها مع الأهل في السودان الذين شردتهم الحرب من منازلهم، وجعلتهم ينتقلون من ولاية لأخرى.
تختلف معاناة (سيدة)، وهو اسم مستعار أيضاً وهي أم لتلميذة في الصف السادس نسبة؛ لأنها حضرت إلى دولة كينيا بعد الحرب، وتفاجأت بارتفاع أسعار المعيشة فيها، وقالت إنهم يعيشون على الإعانة الأسرية التي يتلقونها من أفراد الأسرة المغتربين.
وقالت (سيدة) في مقابلة مع «التغيير» إنها لا تملك المبلغ المطلوب لرسوم الامتحانات الذي يبلغ 550 دولاراً.
وأشارت إلى أن المدرسة السودانية تساهلت في استقبال التلاميذ الذين أجبرتهم ظروف الحرب على الانتقال لنيروبي.
وثمنت (سيدة) موقف إدارة المدرسة السودانية في نيروبي التي أكدت أنها فتحت أبوابها أمام ابنتها دون التمسك بقيمة الرسوم المفروضة
تهديد مبطن
قال مصدر داخل المدرسة لـ «لتغيير»، إن المسؤولين من “كنترول” الامتحانات أصروا على أن يتم دفع المبالغ المطلوبة كاملة، وهي عبارة عن 3500 يورو لكل مشرف على الامتحانات (كنترول)، حيث سيحضر للعاصمة الكينية اثنان من إدارة الامتحانات أحدهم لمراقبة سير امتحانات الصف السادس والثاني لمراقبة امتحانات السنة النهائية في المرحلة المتوسطة.
وتشمل التكاليف تذاكر طيران لشخصين تفوق الألفين دولار نسبة لارتفاع تكاليف السفر بعد الحرب إلى جانب عدم وجود رحلة مباشرة بين بورتسودان ونيروبي، كما تتكفل المدرسة بتكاليف الإقامة والإعاشة لفترة الامتحانات.
أرسلت إدارة الامتحانات تهديدات مبطنة بإقصاء مركز كنترول نيروبي للامتحانات ودمج طلابها مع مركز دولة يوغندا حال عدم التزامها بدفع المبلغ المطلوب لمناديب الامتحانات
وأرسلت إدارة الامتحانات تهديدات مبطنة بإقصاء مركز كنترول نيروبي للامتحانات ودمج طلابها مع مركز دولة يوغندا حال عدم التزامها بدفع المبلغ المطلوب لمناديب الامتحانات وهو الأمر الذي سيلقي بتكاليف مضاعفة على الأسر، وفق مصدر من المجلس التربوي.
وكانت المدرسة السودانية أرسلت خطابا للوزارة تطالبها فيها بتخفيض “نثرية” المراقبين وفق مصدر من داخل المدرسة، لكنها لم تتلق رداً. وهو الأمر الذي اعتبرته مصادر تربوية إصرارا منها على الحصول على كامل المبلغ.
وكشف مصدر تعليمي، عن إمكانية الاستغناء عن المراقب (الكنترول) مشيرا إلى أنه في العام الماضي شهدت الامتحانات تجربة مماثلة، عندما قامت المدرسة بعمل لجنة مع السفارة السودانية لمراقبة الامتحانات وكللت بالنجاح.
وقال المصدر الذي فضل حجب اسمه، إن الامتحانات يتم إرسالها عبر الحقيبة الدبلوماسية عند إحضارها من السودان وعند إعادتها لعملية التصحيح.
محاولات للمعالجة
وسعى المجلس التربوي الذي تم تشكيله بالانتخاب في المدرسة السودانية بكينيا للعام الدراسي 2023 2024 لمحاولة إيجاد حلول ومعالجات لتوفير المبالغ التي تتجاوز 13 ألف دولار عبر طلب المساهمة من رجال أعمال سودانيين نسبة؛ لأن معظم الأسر التي جاءت لاجئة إلى كينيا تعاني صعوبات مالية.
وأكد نور الدين خليل أحد أعضاء المجلس التربوي، على تأثر معظم الأسر السودانية في نيروبي حتى المقيمة فيها من قبل الحرب؛ بسبب ظروف الحرب في السودان.
وقال في مقابلة مع «التغيير»، إن المدرسة السودانية في نيروبي فتحت أبوابها لكل التلاميذ الذين أجبروا على اللجوء إلى كينيا بدون مقابل مادي.
وأضاف: بعض التلاميذ تم إعفاؤهم حتى من رسوم التسجيل التي قيمتها 25 دولارا.
وأشار إلى صعوبة توفر فرص للعمل في دولة كينيا بالنسبة للاجئين مشيراً إلى أن الذين يمتلكون يملكون أموالاً، قاموا بعمل مشاريع استثمارية. أما البقية من الذين فقدوا وظائفهم لن يتمكنوا من تعويضها.
وقال عضو المجلس التربوي، نور الدين خليل إن الواقع الاقتصادي في كينيا يختلف عن دول أخرى نسبة لارتفاع مستوى المعيشة وغلاء الأسعار ما يجعل الحياة فيها صعبة على مواطنين اضطرتهم الظروف على اللجوء، دون أن تتوفر لهم خططاً مسبقة.
وحول رسوم الامتحانات، أوضح، نور الدين خليل، إن المجلس التربوي قام بإرسال خطابات عبر السفارة السودانية في نيروبي لوزارة التربية يطالبها فيها بتخفيض رسوم الامتحانات مراعاة للظروف السابقة الذكر، لكنهم لم يتلقوا ردا حول الموضوع.
وأكد لـ«التغيير»، أن المدرسة نفسها تواجه عجزاً مالياً كبيراً ربما يمنعها من فتح أبوابها للطلاب العام المقبل.
ولفت إلى أن عدد التلاميذ في الفصول قليل، حيث يجلس لامتحانات الصف السادس (12) تلميذاً فقط، بينما يجلس لامتحانات الصف الثالث (8) تلاميذ فقط ما يجعل المبلغ الذي يجب تحمله كل ولي أمر عال جدا.
من جانبه وصف وزير التربية والتعليم بولاية نهر النيل، أحمد حامد رسوم الامتحانات المفروضة بـ”المعقولة” قائلا إنه لا يعرف قيمتها تحديدا.
وقال لـ«التغيير»، إن الرسوم موحدة لجميع السودانيين في المراكز الخارجية، لكن بعض المدارس تفرض رسوماً إضافية.
وأكد وزير التربية الولائي أنهم يعتمدون على مراقبين من الدولة نفسها، حتى تزيد التكاليف على الأسر في الخارج، مشيرا إلى أنهم يرسلون الامتحانات عبر الحقيبة الدبلوماسية لجميع المراكز الخارجية.
المصدر: صحيفة التغيير