تعديلات قانون جهاز الأمن.. مخاوف من عودة نظام البشير إلى الساحة السياسية
تقرير: رشا حسن
بعد إطاحة الرئيس عمر البشير في عام 2019، تم إلغاء بعض المواد التي تتعلق بجهاز الأمن والمخابرات في السودان، لكن حكومة البرهان قامت بإعادتها مرة أخرى. ومن بين التعديلات البارزة كانت منح الحق في “الاعتقال التحفظي” بموجب المادة (25)، وتوسيع سلطات الأعضاء ومدير المخابرات بالمواد (29) و (37)، والمادة (46) التي تمنح حصانة للأعضاء والمتعاونين، بينما تحظر المادة (35) المؤسسات التجارية. ومع ذلك، يثير هذا التطور مخاوف بشأن عودة نظام البشير إلى الساحة السياسية؟
يرى المُتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، بكري الجاك، أن إعادة بعض المواد التي تتعلق بجهاز الأمن والمخابرات هي محاولة لاستعادة النظام القديم بكافة أشكال القمع والقهر والسحل الذي انتفض ضده الشعب السوداني.
ويقول الجاك في تصريح لـ “الراكوبة” إن خطورة هذا القانون خلال فترة الحرب تتمثل في إطلاق يد التسلط في مناطق سيطرة القوات المسلحة، وبالضرورة قمع الأصوات المعارضة وقمع حرية التعبير، وأضاف إن عمليات الاعتقال والتعذيب والقتل بدأت بالفعل في ولايات السودان المختلفة قبل تعديل القانون، وبعد تعديله تم إطلاق سراح كوادر الأمن مع منحهم الحماية والحصانة، مصفوفًا تلك الخطوة بأنها عودة لسلطة القمع والتعذيب.
استبعاد عودة النظام
ويقول نائب المدير العام لمركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية، الفاتح عثمان محجوب، إن التعديلات على قانون جهاز المخابرات العامة جاءت لتمنحه حق الاستجواب والاعتقال التحفظي، بالإضافة إلى منح حصانات للأعضاء والمتعاونين، وإعادة صلاحيات حظر المؤسسات التجارية.
وأشار عثمان في تصريح لـ “الراكوبة” إلى أن دول كثيرة تعدل قوانينها في ظل الحرب، لكن مع نهاية الحرب، تدخل البلاد في فترة انتقالية تمهد للانتخابات، وأن تلك التعديلات تنتهي مع انتهاء أسبابها. وأضاف أن تعديلات قانون جهاز الأمن استمدت شرعيتها من الظروف الراهنة في السودان، مع وجود حرب وانهيار لسعر الصرف للجنيه السوداني وتدخلات دولية للإضرار بالبلد واقتصاده، وعدم استقرار الدولة السودانية، ما يبرر تقييد الحريات مقابل الأمن والاستقرار، شريطة أن يكون التعديل مؤقتًا وينتهي بزوال الأسباب.
وبالنسبة لعودة نظام البشير إلى الساحة السياسية، يرى نائب المدير العام لمركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية أن البشير فقد أي علاقة له بالجيش، لأن ترتيبات الجيش تجعله غريبًا تمامًا عنه. وبالنسبة لجماعة المؤتمر الوطني، فهم أعلنوا صراحة أنهم لن يشاركوا أبدًا في أي حكومة إلا بالانتخاب، وربما لا يشاركون حتى في الانتخابات لأن درس ثورة ديسمبر اقنعهم بضرورة الابتعاد عن أي حكومة غير منتخبة. وأكد أن العسكر غير راغبين في الاستمرار في الحكم بعد الحرب، لكنهم لن يسلموا الحكم إلا لحكومة منتخبة، وهو أمر يرفضه الأحزاب السياسية التي اتهمها بعدم وجود جمهور لها على الأرض ورغبتها في الحكم بالشراكة مع الجيش.
إعادة تمكين البشير
اما المتحدث باسم لجان مقاومة مدنية الخرطوم، حسام علي، فيقول إنه من الغريب إثارة هذه القضية بينما تعاني البلاد من ويلات الحرب. وأضاف أن التصريحات تشير إلى الأهداف السياسية لأصحابها، وتبرز بوضوح أن أهدافهم بعيدة عن قيم الوطنية وحماية المؤسسة العسكرية، وإنما الهدف الجلي هو إعادة تمكين النظام السابق وأداته الباطشة المتمثلة في جهاز الأمن.
وأشار علي، في تصريح لـ “الراكوبة”، إلى أن تضحيات السودانيين عبر ثورة ديسمبر وضحايا هذه الحرب السلطوية الطاحنة، التي قتلت الأبرياء وزعزعت استقرار الأمن، تجعلهم أمام مسؤولية أخلاقية وتاريخية. وأضاف أن المسؤولية تقتصر على عدم السماح بعودة الزمن للوراء، وقال إنهم يؤمنون بأن الشعب السوداني عصي على محاولات التركيع من قبل المليشيات الكيزانية والجنجويدية حسب وصفه وأردف: “لن نقبل بأي تمثيل أو وجود سياسي”.
وأوضح أن محاولات الحركة الإسلامية لتمرير أجندتها السياسية عبر تضليل الشعب السوداني وتحريف المؤسسة العسكرية عن قيمها ودورها من خلال بعض القادة الفاسدين ستتكسر أمام وعي اللجان وقدرتها على الفعل في الوقت المناسب، وأضاف أنهم وعدوا الشعب السوداني بزوال ما وصفهم بالمليشيات الكيزانية ومليشيا الجنجويد، وسيستعيد الجيش والشعب عافيته وإن طال السفر.
المصدر: صحيفة الراكوبة