المعالجات المقترحة للانهيار الاقتصادي قشرة موز تحت البوت
الرأي اليوم
صلاح جلال
(١)
لقد تابع عمود الرأي اليوم شواهد ومؤشرات الانهيار الاقتصادي في البلاد وتنبأ بانهيار كامل خلال ستة أشهر من تاريخ أول مقال. هذا التنبؤ ليست حالة رغبوية أو رجم بالغيب ولا عمل سحر إنما متابعة ودراسة موضوعية للمؤشرات الاقتصادية الهامة مثل مؤشر النمو السالب للناتج المحلي الاجمالي.
ومؤشر التضخم الركودي ومؤشر سعر الصرف مع مؤشر العطالة المتزامن مع الانهيار المتسارع للبنية التحتية وتوقف الإنتاج. هذه المؤشرات تمثل حقائق وحجم الأزمة الاقتصادية الراهنة في السودان.
(٢)
لقد حلقت الإجراءات الإقتصادية المطروحة للمعالجة بعيداً عن جوهر الأزمة وانشغلت بالأعراض وتركت المرض واقترحت مجموعة من التدابير الأمنية بأمر البنك المركزي وبالتنسيق مع الشرطة والنيابة وإدارة الأمن الإقتصادي في جهاز المخابرات العامة في بورتسودان ومناطق سيطرة الجيش حزمة من التدابير الأمنية الرادعة والإجراءات الصارمة التي تستهدف ملاحقة وحظر حسابات تجار العملة والشركات التجارية لإستعادة حصائل الصادر بالعملة الصعبة وشركات التحويلات والأفراد المتعاملين معهم وأصحاب الحسابات المشبوهة والمرتبطة بالتمرد وشركات متهربة من تسديد الضرائب وضوابط جديدة للإستيراد تشمل حظراً للسلع الكمالية وشروطاً جديدة للإستيراد إجراءات ينطبق عليها المثل الجارى (رقيق وزادوا مويه).
(٣)
تواصلت مع خبير اقتصادي مرموق أكد على عدم نجاعة الإجراءات المتخذة بقوله الإجراءات الإدارية والأمنية هي إجراءات (مساندة) فقط لا تشكل علاجا لمواجهة أزمة بهذا الحجم تلزمها سياسات إصلاح إقتصادي ومالي شاملة التي بدورها تحتاج لخبرات وطنية لها ممارسة ممتدة تبدأ بتقييم وحصر وتقويم للبيانات الإقتصادية والمالية وتحليلها علمياً من ثم تحديد طبيعة وحجم الكارثة وطرح الحلول والبدائل الممكنة العاجلة والمتوسطة وطويلة الأمد وتحديد الأولويات وآليات التنفيذ، لكن من الملاحظات العامة في الشأن السوداني المرتبك المشتبك مع استمرار الحرب هناك عدم تركيز واضح للمسؤولين وعدم خبرة كافية وتقديم للجانب الأمني والذاتي هو المتحكم في تصرفات القائمين على أمر الاقتصاد دون نظرة كلية للشأن القومي.
(٤)
ويواصل الخبير الإقتصادي القول والدليل على ذلك ضياع الموسم الزراعي الحالي لعدم إهتمام الدوله بذلك علي المستوى الإتحادي والولائي خاصة في الولايات الآمنة نسبيا إن نجاح الموسم الزراعي كأولوية عاجلة هو أحد أهم أركان الإستقرار الاقتصادي الأولوية الأولى لمواجهة الإنهيار الإقتصادى الراهن وقف الحرب فوراً وهذا لا يحتاج لأكثر من إرادة سياسية وبدأ عملية الإعمار والتنميه والإصلاح الشامل للدولة التى تحللت أطرافها وهي في حالة هشاشة كاملة.
(٥)
البلد في طريقها للغرق والاقتصاد يسير بخطى ثابتة نحو الإنهيار الشامل ومجموعات من الساسة (الكسابة) مشغولين بالتحشيد من أجل تشكيل وزاري يحلمون به ويتسابقون نحوه فى المؤتمرات (رعد بلا مطر) يوزعون الإبتسامات العريضة والأيدي المتشابكة أمام الكميرات، وهم آخر من يعلم أن الوزارة في مثل هذا الظروف مغرم وليست مغنم تحتاج لعلماء فدائيين يحبون هذا الشعب لدعم برنامج لوقف الحرب ومشروع إصلاح شامل للدولة وخلق مناخ إقليمي ودولي مساعد وداعم لإعادة الإعمار تتشكل في ظله حكومة وطنية من كفاءات مستقلة تلتزم بموجهات ثورة ديسمبر المجيدة التى يدعمها الشعب وتجد السند والإعتراف من دول الإقليم والعالم ومنظمات التمويل الدولي، حكومة تعيد للدولة شرعيتها المفقودة دون ذلك صيحة في غفر (بندق في بحر) تمثل أحلام للعطالة من الساسة الغنامة شعب كل الأنظمة هدفهم كرسي السلطة وليست محتواها مثل كلب القرية يُطارد كل عربة مسرعة إذا وقفت قفل راجعاً عنها.
(٦)
ختامة
لا تصلح إدارة أزمة اقتصادية بالتدابير والإجراءات الأمنية بهذا الحجم وغير مسبوقة فى تاريخ البلاد يجب مصارحة الشعب بحقيقة وعمق الأزمة و الإنهيار الإقتصادى بلغ اليوم سعر الدولار فى بورتسودان مشارف الـ ٢٠٠٠ج ، نختم بقول الشاعر فى رسالة لبريد دكتور جبريل إبراهيم وزير المالية المشغول بالتشكيل الوزاري على تلةٍ من الخراب
يا رجال العلم يا ملح البلد
من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد
المصدر: صحيفة التغيير