بعد تقرير “العمق”.. أصوات نقابية تطالب بالتحقيق في شبهات فساد بمندوبية المقاومين
طالبت النقابة الوطنية لموظفي المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، بدخول الحكومة والقضاء على خط ما أسمتها “فضائح الفساد” داخل إدارة المندوبية، وذلك عقب تفجر ملف اختلالات “مدوية” تتعلق بسندات طلب “وهمية” بمندوبية الكثيري.
جاء ذلك بعدما نشرت جريدة “العمق” مقالا يكشف وجود “اختلالات مالية وتدبيرية” في ملف سندات طلب لتجهيز فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، وذلك برسم سنتي 2021 و2022، ضمن تقرير افتحاص أعدته لجنة إدارية داخلية بالمندوبية.
فتحت عنوان “وتستمر فضائح الإدارة، فمن يحمي الفساد؟”، قال بلاغ للنقابة الوطنية لموظفي المندوبية، إنها “تتابع باهتمام بالغ المستجدات القطاعية التي بلغت أصداؤها وتفاصيلها الجرائد والمواقع الإلكترونية الوطنية، وخاصة التطورات الجديدة المتعلقة بخلاصات تقرير لجنة الافتحاص الداخلية حول ما اقترف في حق المؤسسة من خروقات إدارية وفساد مالي ومهني”.
واعتبرت النقابة في بلاغها الذي تتوفر “العمق” على نسخة منه، إن هذا التقرير “أساء بشكل بالغ إلى سمعة الإدارة، وسمعة العاملين بها، باعتبارها مؤسسة وطنية ذات حمولة رمزية يفترض فيها أن تلعب دورا أساسيا في إشعاع حضور المملكة، وتسويق نموذجها المؤسساتي والمجتمعي خدمة لأسرة المقاومة وجيش التحرير”.
وشدد البلاغ على أن تقرير لجنة الافتحاص الداخلية “يتضمن معطيات خطيرة لا يمكن السكوت عنها بأي شكل من الأشكال، بل تستوجب المتابعة القضائية، إعمالا لمبدأ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة تفعيلا للنص الدستوري، بعد أن تأكد بالملموس والحقيقة المطلقة وجود أوكار للفساد المالي والإداري وتبين صدق ما سبق لنقابتنا أن نبهت له في أدبياتها”.
إقرأ أيضا: سندات طلب “وهمية”.. لجنة افتحاص تفجر اختلالات “مدوية” بمندوبية الكثيري
وأضافت النقابة في بلاغها، أنها تنتظر “ومعها كل الموظفين والموظفات والرأي العام الوطني، بكل ترقب، تدخل الجهات المختصة حكوميا ومحاسباتيا وقضائيا على الخط في هذا الملف وغيره من الملفات النثنة التي أضحت تزكم الأنوف” حسب تعبيرها.
وقال البلاغ إن النقابة إنها “لا تستغرب من تعامل رئيس الإدارة السلبي والمتواطئ مع الجهة الضالعة في هذا الملف بعد توصله بنتائج التحقيق ومحاولته إقبار القضية، كما لا تستغرب من الصمت الرهيب الذي يطبع تعامل الإدارة مع هذه التطورات الخطيرة، لأن بطل هذه الفضائح هو رئيس قسم الدراسات التاريخية الذي يعتبر الأداة الطيعة لرئيس الإدارة”.
وأضاف: “يبقى السؤال مطروحا حول السر الكامن وراء عدم اتخاد أي إجراء في حق رئيس قسم الدراسات التاريخية من طرف رئيس الإدارة بعد توصله بالتقرير الأسود للجنة، وهو المعروف بسرعة اتخاذ القرارات في حق المناضلين والموظفين البسطاء ولو بدون حق ولا سند قانوني، وهل هذا المسؤول يستفيد من امتياز الحصانة رغم كل ما يقترفه؟ وما المقابل الذي يقدمه لرئيس الإدارة مقابل ذلك؟”.
وتساءل البلاغ عن “جدوى لجان الافتحاص التي تم تشكيلها من طرف رئيس الإدارة (لجنة سندات طلب الصور، لجنة افتحاص مالية جمعية الاجتماعية، لجنة افتحاص صفقات الكتب)، والتقارير الصادمة التي تنجزها، في ظل عدم التفاعل الجدي مع تقاريرها، في أفق ترتيب الجزاءات واتخاد الإجراءات المناسبة، وهو ما نعتبره تسترا وتواطؤا واضحا مع الفساد والمفسدين”.
وبخصوص المهمة الرقابية التي تقوم بها المفتشية العامة للمالية، طالبت النقابة بأن “تذهب بأمور التحقيق والفحص إلى مداها في كل الملفات”، محذرة مما أسمتها “المحاولات الرامية إلى طمس الحقائق وإبعاد مفتشي المالية عن الملفات الحارقة، مع تسجيل قلة التفاعل معهم في تقديم المعطيات الحقيقية والدقيقة التي من شأنها أن تفجر ملفات وفضائح أخرى بالمؤسسة”.
وأشارت النقابة إلى أنها “سبق أن نبهت إلى وجود شبهات فساد إداري، لم تشمل فقط تجاوز المرسوم المنظم لاختصاصات المندوبية والقفز عليها، وإرهاق الأطر والموظفين بالعمل خارج اختصاصاتهم، وحرمانهم من أبسط الحقوق كالإجازات السنوية، والحركية العادلة لجميع الفئات، والحالات الاجتماعية، والتراخيص لاجتياز المباريات”.
“بل تجاوزته إلى حالات أكثر خطورة كالتدليس وإنجاز تقارير كيدية ووهمية والتستر على الفاسدين، كحالة رئيس مصلحة الموظفين السابق والطريقة التي تم التستر بها عليه بعد تفريغ هاتفه الذي تبين من خلاله تلقيه رشاوى مقابل خدمات وابتزاز الموظفين مستغلا نفوذه الوظيفي” يضيف البلاغ ذاته.
ولفتت النقابة إلى تنبيهها سابقا لـ”وجود شبهات فساد مالي في ملفات تتعلق باسترجاع الوثائق التاريخية من الأرشيف الأجنبي، وأخرى تتعلق بتضارب المصالح واستفادة موظفين وأبنائهم من صفقات وسندات طلب على المقاس، وأخرى تتعلق بمصاريف التنقل والإيواء والإطعام، وأخرى بشراء التجهيزات وعتاد المكتب والمعدات الإلكترونية، وشبهات تبديد أموال عمومية بجمعية الأعمال الاجتماعية والتغطية الصحية”.
كما سجلت وجود “تناقض وضبابية وخروقات متتالية ومفضوحة في تدبير مناصب المسؤولية، والتي توضح بالملموس أننا أمام لجان لا تملك سلطة القرار وبعيدة عن التقييم العادل والمنصف والشفاف لكفاءات المترشحين، الأمر الذي يجعل باقي المترشحين عبارة عن كومبارس لشرعنة التباري المشبوه الذي هو في العمق تعيين مبطن بالمباريات الصورية”.
واعتبر المصدر ذاته أن “الترويج لوجود لجان تضم أعضاء من خارج الإدارة، حيلة لن تنطلي على أي عاقل”، مضيفة: “ليتحمل المسؤول الأول مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع في هذه الخروقات غير المسبوقة والتفصيل المكشوف لمناصب المسؤولية والتي نعلم أسماء من سينالونها سلفا”.
المصدر: العمق المغربي