تذوقت معاني الفوتوغرافيا بعد أربعة عقود من “الكتابة بالضوء”
كشفٌ مثير للانتباه حدث في معرض فوتوغرافي جديد بالعاصمة الرباط؛ فوتوغرافي وباحث مكرس هو عبد الرزاق بنشعبان صرح بأنه بعد أربعين سنة من الفوتوغرافيا فهم في معرضه الاستعادي ماهية “الفوتوغرافيا، والفوتوغرافي، ودوره”.
تم هذا في معرض يستقبله رواق باب الرواح بالرباط، تنظمه الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، وقال فيه عبد الرزاق بنشعبان لهسبريس: “هذا معرض فريد من نوعه، معرض استعادي تنظمه الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، والمشرف عليه الفوتوغرافي جعفر عاقيل، بعد زيارة لي في مراكش، فتحت له فيها أرشيفاتي، ولم أعرف اختياراته إلى أن اطلعت على الكتاب المونوغرافي الصادر، والمعرض المنظم”.
ثم استرسل قائلا: “عند زيارة المعرض رجعت بي الذكريات إلى 35 سنة و40 سنة ماضية، والفوتوغرافيا التي كنت أقوم بها في شبابي؛ فقد جمع عصارة ذلك الزمن من 1981 إلى بداية الألفية الجديدة، هناك صور نسيتها، لأنني لم أطبعها، وبقيت في الشريط غير المحمض بالأبيض والأسود، وكانت هذه مفاجئة، وكان الاختيار على صواب، ومتوازنا”
وتابع: “اكتشفت من خلال هذه الاختيارات الحياة التي كنت فيها ماشيا وأصور، في جبال الأطلس، وجنوب المغرب، ومناطق المغرب الساحلية، ودول الساحل مثل مالي والنيجر، وصعيد النيل بمصر… اكتشفت أمورا لم أعد أنتبه إليها، لمرور الزمن”.
ثم أردف قائلا: “كان هذا بمثابة الكشف، وهذا دور المعارض الاستعادية، التي تكشف القديم، من “قاع الخابية”.. وهذا عمل لا يمكن أن يقوم به الفنان نفسه، وكان لديّ حظ أن يكشف لي المعرض أمورا صورتها ونسيتها مع مرور الوقت”.
وحول سؤال معنى الفوتوغرافيا ودورها، أجاب الفوتوغرافي هسبريس: “كنت دائما أستحضرها كما هي مكتوبة؛ فـ”غرافي” تعني الكتابة، و”فوتو” تعني أشعة الضوء.. كنت أعتقد، منذ البداية، أن هناك إمكانية للإنسان الذي لا يتقن مثلا اللغة أو الذي ليس لديه خزان لغوي كبير أن يعبر بطرق أخرى؛ من بينها الكتابة بالضوء وبالصمت”.
وواصل: “كنت أعتبرها كتابة، وفي الأسفار هناك من يأخذون معهم مذكرات ويكتبون ذكرياتهم والأماكن التي مروا منها، وما وقع لهم خلال السفر.. أما أنا فكنتُ أكتفي باستعمال آلة التصوير الفوتوغرافي، ومن خلالها كنت أسجل الأمور التي أثرت في خلال السفر، سواء كنت مسافرا على الأقدام، أو راكبا في قطار، أو مركب… ووجدت أمرا ظهر لي أو أثر فيّ في الحين”.
وزاد: “الفوتوغرافي يمكنه التقاط جزء من الثانية؛ فيمكنك التقاط ذلك الجزء من الثانية، الذي لا يموت ويبقى للأبدية على شكل صورة”، ثم بعد “اللحظات هي التي عادت إليّ في هذا المعرض، ورأيتها بفرح كبير وسعادة غامرة، وبعد ممارسة الفوتوغرافيا أربعين سنة، الآن فهمت ما هي الفوتوغرافيا، وما الفوتوغرافي، وما دوره”.
واستدرك الكاتب بالضوء قائلا: “لا ننسى أنه دون الوسيط الذي هو الناشر ومنظم المعرض لم أكن لأصل إلى هذه النتيجة التي توجد في رواق باب الرواح.. فلذلك أعتبر هذا عملا مشتركا؛ فيه عملي وجانب التقاط الصور، وتحمل مشقة السفر، وأيضا جانب تنظيم معرض الذي كان لا بد فيه من تدخل عين أخرى هي عين جعفر عاقيل، ويد أخرى وعين أخرى لكاتبة نص الكتاب، فضلا عن من صمموا السينوغرافيا وسهروا على تنظيم المعرض”.
ثم ختم عبد الرزاق بنشعبان حديثه لهسبريس بقول: “هذا عمل جماعي؛ فعلى الرغم من أننا نمارس الفوتوغرافيا في الوحدة، فإنه عندما ننتقل إلى الجمهور لا بد من أياد أخرى تساعد وتعطي أفكارها ليكون المعرض في الشكل الذي هو مقدم به اليوم”.
المصدر: هسبريس